في مشهد سياسي وأمني يعكس تعقيدات الواقع الإسرائيلي الداخلي والخارجي، تتصدر التوترات بين رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزرائه المتطرفين عناوين الأخبار، إذ كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، تفاصيل المداولات الحاسمة بشأن صفقة الأسرى المرتقبة مع حماس، التي أوقعت حكومة الاحتلال في مأزق سياسي داخلي.
خلافات تتعمق
بينما تستعد حكومة الاحتلال للموافقة على صفقة تبادل الأسرى مع حماس، تصاعدت المعارضة داخل الائتلاف الحكومي، خاصة من قِبل وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير، الذي دعا وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش إلى تقديم استقالته احتجاجًا على الصفقة، ما أثار حفيظة المقربين من نتنياهو.
مصادر مطلعة حسب "يديعوت أحرنوت" أفادت بأن مسؤولًا كبيرًا من مكتب رئيس الوزراء أجرى مكالمة مع بن جفير محذرًا إياه من أن تصريحاته ستؤدي إلى عواقب وخيمة، وبحسب المصدر، قال المسؤول لبن جفير: "تستهدف سموتريتش لإثارة المعارضة، لكنك تؤذي نفسك أولًا".
صفقة "تعويضات"
وفقًا للتقارير، أُبلغ بن جفير بأن نتنياهو يعتزم تقديم حزمة تعويضات سخية لسموتريتش لإبقائه في الحكومة وضمان تمرير الصفقة، ردًا على ذلك، وصف بن جفير الحزمة بأنها "وهمية"، مؤكدًا ثقته بأن سموتريتش، الذي وصفه بأنه "إيديولوجي"، لن يرضخ للإغراء.
وشدد "بن جفير" على أن أي حزمة تعويضات لن تستطيع تبرير "صفقة الاستسلام" التي اعتبرها خضوعًا لإملاءات حماس.
من جانبه، وصف سموتريتش الصفقة في تغريدة له بأنها "كارثة على أمن إسرائيل"، مطالبًا بتصعيد العمليات العسكرية بدلًا من تقديم تنازلات لحماس، واعتبر أن الوقت حان "لاحتلال وتطهير القطاع بالكامل"، داعيًا إلى فتح أبواب الجحيم أمام حماس حتى استسلامها الكامل.
ضغوط دولية
أحد أبرز العناصر المؤثرة في مسار الصفقة هو الضغوط الدولية، لا سيما من قِبل إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي حذّر الطرفين من إضاعة الفرصة. ووفقًا للتقارير، هدد ترامب حماس بـ"عواقب وخيمة" إذا لم تتم الصفقة قبل 20 يناير، إذ يطمح ترامب إلى إغلاق الملف الفلسطيني سريعًا ضمن خطة سلام شاملة، ما يجعله يضغط على جميع الأطراف لتقديم تنازلات.
وشهدت الأشهر الأخيرة تحولات كبيرة في المشهد العسكري، مع الخسائر البشرية الفادحة في قطاع غزة، ومع ذلك، أكدت مصادر إسرائيلية أن الضغط العسكري وحده لم يكن كافيًا لدفع حماس إلى الصفقة، وأن الضغوط الدولية والوساطات لعبت دورًا حاسمًا.
وتواجه دولة الاحتلال الإسرائيلي، ضغوطًا داخلية ودولية لإتمام الصفقة، خصوصًا مع استمرار سقوط الجنود الإسرائيليين وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.
تحديات حماس
رغم التصعيد العسكري، تدرك حماس أن استمرار الحرب يضعف موقفها ويستنزف قدراتها، وقد تكون الضغوط الدولية والتهديدات الأمريكية قد أجبرت الحركة على إعادة النظر في استراتيجيتها، مع وجود إدراك داخلي بأن وقف القتال بات ضرورة سياسية وعسكرية.
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، اليوم، ارتفاع حصيلة الشهداء في القطاع إلى 46,645، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر الماضي.
وأضافت الصحة الفلسطينية في بيانٍ لها، أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 110,012 منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.