الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الغزو العسكري هو الحل.. هل يسيطر ترامب على قناة بنما بـ"التصريحات" فقط؟

  • مشاركة :
post-title
قناة بنما

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في تصريحٍ مثير للجدل، ألمح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى استعادة قناة بنما، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول جدوى هذا الطرح في ضوء التاريخ والسياسات الدولية الراهنة.

وبعد نحو ربع قرن على تسليم القناة لبنما، هدد ترامب أنه إذا لم تُعدّل بنما رسوم المرور عبر القناة التي تربط بين المحيط الأطلسي والهادئ، فإن الولايات المتحدة ستطالب "بإعادة قناة بنما إليها".

ويواجه ترامب تحديات قانونية ودبلوماسية كبيرة تجعل من هذا التهديد مجرد كلام لا يملك دعائم عملية لتحقيقه. وفي تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، استعرض تاريخ قناة بنما وتداعيات تصريح ترامب على العلاقات بين الولايات المتحدة وبنما.

الرئيس الأمريكي الأسبق جمي كارتر يشاهد القناة عام 1978
تاريخ قناة بنما

قناة بنما، التي تربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ عبر ممر مائي اصطناعي يبلغ طوله 82 كيلومترًا، كانت ولا تزال ممرًا حيويًا في التجارة العالمية. منذ افتتاحها في عام 1914، اختصرت القناة مسافة السفر البحري لأكثر من 7,000 ميل، ووفرت العديد من التكاليف على السفن التجارية، خاصة تلك التي تنقل سلعًا حساسة للوقت مثل المنتجات القابلة للتلف. هذه الأهمية الاستراتيجية جعلت من القناة نقطة جذب للمصالح الأمريكية.

ومع ذلك، بدأت الاحتجاجات تتصاعد داخل بنما ضد السيطرة الأمريكية على القناة منذ وقت مبكر، واحتدم النزاع حول السيادة على القناة، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وبنما في السبعينيات.

في عام 1977، تم توقيع معاهدة بين الولايات المتحدة وبنما تنص على تسليم القناة إلى بنما في 31 ديسمبر 1999. وعلى الرغم من اعتراض بعض الأمريكيين على هذا القرار في تلك الفترة، إلا أن الرأي العام قد تحول ليؤيد نقل ملكية القناة مع مرور الوقت.

القناة تحت السيادة البنمية

منذ تسليم القناة إلى بنما في نهاية القرن العشرين، قامت الحكومة البنمية بإدارتها بكفاءة أكبر، ما أدى إلى زيادة حركة المرور بنسبة 17% بين عامي 1999 و2004. علاوة على ذلك، استثمرت بنما في توسيع القناة لتستوعب السفن الكبيرة الحديثة، في مشروع بلغت تكلفته أكثر من 5.2 مليار دولار واكتمل في 2016.

لكن في السنوات الأخيرة، واجهت القناة تحديات جديدة، أبرزها الجفاف الذي أثر على الأقفال، مما أدى إلى تقليص حركة الشحن ورفع الرسوم. وقد أشار الرئيس البنمي، خوسيه راؤول مولينو، إلى أن أي زيادة في الرسوم تأتي بناء على احتياجات التوسع والصيانة، وأكد أن "كل متر مربع من القناة ملك لبنما" وأنها ستظل تحت السيادة البنمية إلى الأبد.

تهديد بلا أساس قانوني

لقد أثار ترامب هذا الموضوع في ضوء زيادة الرسوم التي فرضتها بنما على استخدام القناة. حيث وصف الرسوم بأنها "غير عادلة"، وقال: "إذا لم تتغير الأمور، سنطالب بإعادة قناة بنما إلى الولايات المتحدة". ولكن، من الناحية القانونية، لا يوجد أي أساس يسمح بإعادة السيطرة على القناة وفقًا لمعاهدات 1977.

فمعاهدة "الحياد الدائم" التي تم توقيعها مع بنما تمنح الولايات المتحدة الحق في ضمان بقاء القناة مفتوحة وآمنة، لكنها لا تعطي الحق في استعادتها تحت أي ظرف.

كما أكد خورخي لويس كيجانو، المدير السابق للممر المائي، أنه "من الناحية القانونية، لا يوجد بند يسمح بإعادة تأكيد السيطرة على القناة"، مؤكدًا أن هذا مجرد "تصريح غير واقعي".

تحديات العلاقات الأمريكية مع بنما

تصريحات ترامب تأتي في وقت حساس، حيث تتطلع بنما إلى تعزيز علاقاتها مع الصين في بعض القطاعات الاستراتيجية. من ناحية أخرى، تبقى بنما شريكًا مهمًا للولايات المتحدة في مواجهة الهجرة غير الشرعية من أمريكا الجنوبية، وهو ما قد يمثل أولوية أكبر من القناة بالنسبة لواشنطن.

وفقًا لبنيامين جيدان، مدير برنامج أميركا اللاتينية في مركز وودرو ويلسون، فإن ترامب "لا يملك خيارات كثيرة" لتحريك ملف قناة بنما، إذ لا يوجد أي مسار قانوني أو دبلوماسي عملي لاستعادة السيطرة على القناة. من وجهة نظره، تعتبر فكرة التهديد باستعادة القناة "غير واقعية" في سياق العلاقات الدولية الراهنة.

رغم التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها الرئيس المنتخب ترامب بشأن قناة بنما، تشير الوقائع القانونية والتاريخية إلى أن استعادة السيطرة على القناة أمر غير ممكن إلا في حالة غزو عسكري مباشر، لذا، يظل هذا التهديد بعيدًا عن الواقع، ومن المحتمل أن يتراجع ترامب عن هذه التصريحات مع استلامه المنصب في حال فهمه التداعيات الدولية لهذا الموقف.