تتزايد المؤشرات على اقتراب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس الفلسطينية، في ظل جهود دبلوماسية مكثفة تقودها الولايات المتحدة ومصر وقطر.
ومع استمرار الحرب العنيفة التي تقودها قوات الاحتلال في غزة، وأودت بحياة عشرات الآلاف وخلّفت دمارًا واسع النطاق، تسود حالة من التفاؤل الحذر حول إمكانية إنهاء العنف والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في غزة.
البيت الأبيض: "نقترب من الهدف"
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، إن الولايات المتحدة تعتقد أن هناك تقدمًا ملحوظًا في المفاوضات لوقف إطلاق النار".
وأضاف: "نحن نعتقد أن الجانبين يقتربان، لكننا حذرون في تفاؤلنا، لقد كنا في هذا الموقف من قبل ولم نتمكن من تحقيق الهدف".
حماس وشرط وقف إطلاق النار
أصدرت حركة حماس بيانًا أشارت فيه إلى أن التوصل إلى اتفاق ممكن إذا توقفت دولة الاحتلال الإسرائيلي عن وضع شروط جديدة.
وذكرت الحركة أن المفاوضات الجارية في الدوحة برعاية مصرية وقطرية إيجابية، لكنها أشارت إلى ضرورة التزام إسرائيل بتعهداتها السابقة.
وفقًا لعدد من التقارير، فإن حماس قدّمت لإسرائيل قائمة بأسماء المحتجزين الذين ما زالوا على قيد الحياة، ضمن جهود الوساطة الدولية.
وقال مسؤول كبير في حماس، إنه "في حالة عدم ظهور تعقيدات جديدة، فمن المتوقع أن يتم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة نهاية الأسبوع، وأنه تم إغلاق معظم القضايا، والاتفاق قريب".
في غضون ذلك، قال الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي محمد الحاج موسى: إن "المقاومة أبدت مرونة وهناك تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار".
مفاوضات حاسمة في الدوحة
ذكرت مصادر فلسطينية لــ"بي بي سي" أن المحادثات وصلت مرحلتها الحاسمة، مشيرة إلى تنازل حماس عن مطلب انسحاب كامل لجيش الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، يعتبر هذا التنازل خطوة مهمة لإزالة العقبات التي حالت دون التوصل إلى اتفاق في جولات سابقة.
وأفادت التقارير بأن وفدًا إسرائيليًا رفيع المستوى يجري محادثات مكثفة في العاصمة القطرية، وسط توقعات بالتوصل إلى اتفاق نهائي خلال الأيام المقبلة.
وقال مسؤول كبير في حماس لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، "إنه في حالة عدم ظهور تعقيدات جديدة، فمن المتوقع أن يتم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة نهاية الأسبوع".
وأضاف: "لقد تم إغلاق معظم القضايا، والاتفاق قريب". وبحسب قوله، فقد تم حل أهم القضايا، ولا تزال بعض التفاصيل قيد المناقشة.
وقال المسؤول أيضًا إن "الاتفاق يتضمن وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى وانسحاب الجيش الإسرائيلي من مراكز المدن، وليس من قطاع غزة، مع البقاء جزئيًا في نيتزر ومنطقة فيلادلفيا". وأضاف: "ذلك بشرط السماح لجميع النساء والأطفال بالعودة إلى شمال قطاع غزة، وفي مرحلة لاحقة وتدريجية ستتم عودة الرجال وفق آلية متفق عليها". هناك محاولات مستمرة لضم عودة الرجال أيضاً، والمفاوضات لا تزال مستمرة".
في غضون ذلك، قال الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي محمد الحاج موسى: إن "المقاومة أبدت مرونة وهناك تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار".
خطة الاتفاق: مراحل زمنية واضحة
تتضمن خطة الاتفاق ثلاث مراحل رئيسية:
1- الإفراج عن المحتجزين المدنيين والمجندات المحتجزات في غزة خلال أول 45 يومًا، مع انسحاب القوات الإسرائيلية من مراكز المدن والمناطق الساحلية.
2- تحرير بقية المحتجزين وسحب القوات الإسرائيلية تدريجيًا من القطاع.
3- إنهاء العمليات العسكرية بالكامل، مع وضع آلية لإعادة النازحين إلى شمال القطاع.
وبحسب تقارير فلسطينية، فإن من بين 96 محتجزا إسرائيليا يُعتقد أن 62 منهم ما زالوا أحياء.
مواقف متشددة داخل إسرائيل
رغم التقدم في المحادثات، تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا داخلية من وزراء اليمين المتطرف الذين يعارضون أي اتفاق يعتبرونه "تنازلًا لحماس". وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قال إن "الاتفاق لم يكن قريبًا لهذا الحد منذ الهدنة القصيرة، نوفمبر الماضي".
لكن كاتس أشار لاحقًا إلى ضرورة الحفاظ على سيطرة إسرائيل الأمنية على غزة بعد الحرب، مؤكدًا أن أي اتفاق يجب أن يضمن منع عودة "الواقع الذي كان سائدًا قبل 7 أكتوبر".
أزمة الوضع الإنساني في غزة
تشير تقارير أممية إلى أن الحرب المستمرة منذ أكثر من عام تركت غزة في حالة دمار واسع النطاق، واستشهد أكثر من 45 ألف فلسطيني وفقًا لوزارة الصحة في غزة، وأصبح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نازحين، بينما يعاني القطاع جوعًا جماعيًا ونقصًا حادًا في المساعدات الإنسانية.
بين تفاؤل البيت الأبيض وتصريحات حماس المتفائلة، يبقى مستقبل الاتفاق رهينًا بالمفاوضات الجارية في الدوحة. وفي ظل التحديات السياسية والإنسانية التي تواجه الأطراف كافة، ستكون الأيام المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت غزة على أعتاب وقف لإطلاق النار، أم أن دائرة الصراع ستستمر في الاتساع؟.