وسط أجواء مشحونة بالتوترات والتكتم، تقترب دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس الفلسطينية من التوصل إلى اتفاق تبادل يحمل بين طياته أبعادًا إنسانية وسياسية وعسكرية معقدة.
في ظل تحركات إقليمية ودولية مكثفة، تقف الأطراف على أعتاب صفقة قد تغيّر معادلات الحرب وتعيد تشكيل المشهد في قطاع غزة، بحسب تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت".
مطالب إسرائيل وتنازلات حماس
وذكر مسؤول سياسي كبير لدولة الاحتلال الإسرائيلي لموقع "واينت" العبري، أن الهدف الرئيسي هو التوصل إلى اتفاق قبل نهاية الشهر الحالي، وهو ما تعمل عليه الأطراف بمساعدة وسطاء دوليين.
بحسب المصدر، هناك خلافات كبيرة بين الجانبين حول عدد المحتجزين الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، بينما وافقت حماس على إطلاق "عدد قليل" من المحتجزين، تصر دولة الاحتلال على مضاعفة هذا العدد.
وأشار المسؤول إلى أن المفاوضات تجري بوتيرة متسارعة، مع تركيز خاص على هويات المحتجزين الذين سيتم إطلاق سراحهم. في هذا السياق، غادر وفد من دولة الاحتلال إلى الدوحة لمواصلة المحادثات، في حين أكدت مصادر في حماس أن الفصائل أبدت مرونة كبيرة في المفاوضات.
تحذير بـ"فتح أبواب الجحيم"
علّق الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، مساء اليوم الاثنين على تطورات الصفقة، قائلًا: "نعمل جاهدين لإعادة المحتجزين ولمساعدة دولة الاحتلال الإسرائيلي"، مشيرا إلى محادثة أجراها مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قائلاً: "إذا لم يعودوا بحلول 20 يناير، فإن أبواب الجحيم ستفتح وبطريقة قوية للغاية".
وأضاف "ترامب" بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايكل والتز، يشارك في المفاوضات، مضيفًا: "نعمل على التأكد من أن هذه الصفقة ستنتهي بطريقة تعيد الحقوق للجميع".
تفاؤل مشروط
وقال وزير الدفاع في دولة الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، خلال اجتماع لجنة الشؤون الخارجية والدفاع،" نحن أقرب من أي وقت مضى" للتوصل إلى اتفاق. وأكد أن الصفقة ستكون على مراحل، مع وجود ضمانات واضحة تضمن تنفيذ كافة البنود المتفق عليها.
وفي السياق ذاته، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إلى ضبط النفس في التصريحات الإعلامية حول الصفقة لتجنب التأثير على عائلات المحتجزين أو تعطيل المفاوضات، موضحا: "علينا أن نكون مسؤولين وحذرين في هذه المرحلة".
مرونة معلنة من حماس
على الجانب الآخر، صرّح مسؤول في حماس، أن الحركة قدمت مرونة في عدد من القضايا المتعلقة بالصفقة، من بينها وقف تدريجي للحرب وسحب قوات الاحتلال وفق جدول زمني. وأكد المسؤول أن الصفقة يجب أن تشمل وقفًا دائمًا للعدوان الإسرائيلي، وعودة النازحين، وإتمام صفقة تبادل أسرى "محترمة".
كما صرّح نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، محمد الهندي، قائلًا: "المقاومة أبدت مرونة كبيرة في التفاصيل، لكنها لن تتنازل عن أهدافها العامة".
تكتم وتفاؤل لتجنب التعطيل
دعا الوسطاء الدوليون كافة الأطراف إلى الحفاظ على سرية المفاوضات. وأفاد مصدر دبلوماسي أن الإفصاح عن تفاصيل الصفقة قد يمنح نتنياهو أعذارًا للتهرب أو يؤثر على سير المفاوضات.
في الوقت نفسه، أكدت الأطراف المختلفة أهمية التوصل إلى اتفاق يعيد الثقة ويحقق المصالح المشتركة، خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في غزة.
سباق مع الزمن
مع تكثيف الجهود الإقليمية والدولية، تبدو المفاوضات حول صفقة المحتجزين بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحماس أقرب إلى نقطة الحسم.
ومع ذلك، يبقى نجاحها مرهونًا بإرادة الأطراف المعنية وتجاوز العقبات المتبقية. وبين التكتم الإعلامي والتصريحات التفاؤلية، يُنتظر أن تحمل الأيام القادمة إجابات حاسمة عن مستقبل هذه الصفقة التاريخية.