الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

خطة طوارئ حكومية لإنقاذ الصناعة الفرنسية وسط موجة تسريحات وإغلاق مصانع

  • مشاركة :
post-title
زيارة رئيس الوزراء الفرنسي لإحدى شركات صناعة محاور المركبات الثقيلة

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

في خطوة عاجلة لمواجهة الأزمة المُتصاعدة في القطاع الصناعي الفرنسي، أعلن رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، عن حزمة تدابير واسعة النطاق، تتضمن صناديق دعم بمليارات اليوروهات وإجراءات تنظيمية جديدة.

ويأتي هذا التحرك الحكومي في وقت تشهد فيه فرنسا موجة غير مسبوقة من التسريحات الجماعية وإغلاق المصانع، ما يهدد بضرب قطاعات صناعية حيوية في ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.

خطة إنقاذ طموحة

بحسب صحيفة ليبراسيون الفرنسية، تتضمن خطة الإنقاذ التي أعلن عنها بارنييه خلال زيارته لمدينة ليموج، تخصيص صندوق بقيمة 250 مليون يورو لدعم صناعة السيارات، وصندوق آخر بقيمة 425 مليون يورو لقطاع الطيران.

وفي خطوة مثيرة للجدل، قرر رئيس الوزراء إعفاء جميع المشاريع الصناعية لمدة خمس سنوات من قيود "صفر التوسع العمراني"، وهي قواعد بيئية صارمة؛ تهدف إلى وقف توسع المناطق الحضرية على حساب المساحات الخضراء والأراضي الزراعية، حيث تلزم المشاريع الجديدة بالبناء على أراضٍ سبق تطويرها أو تعويض أي توسع بإعادة تأهيل مساحات مماثلة في مناطق أخرى.

كما قرر بارنييه سحب المشاريع الصناعية من اختصاص اللجنة الوطنية للنقاش العام.

وتشير الصحيفة إلى مفارقة لافتة تتمثل في أن بارنييه نفسه كان وراء تأسيس هذه اللجنة عام 1995 بهدف ضمان المشاركة المجتمعية في القرارات المتعلقة بالمشاريع الصناعية.

وتضمنت الخطة أيضًا تخصيص 1.55 مليار يورو لخفض انبعاثات الكربون في خمسين موقعًا صناعيًا من الأكثر تلويثًا للبيئة، إضافة إلى إنشاء فرقة عمل وزارية مشتركة لمساعدة الشركات المتعثرة.

كما أعلن بارنييه عن إطلاق مشروع حكومي يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتحديد مواطن الضعف في الشركات الصناعية، في محاولة للتنبؤ بالأزمات قبل وقوعها.

أرقام صادمة

وفقًا لتحليل نشرته ليبراسيون استنادًا إلى بيانات حكومية ومؤسسات متخصصة، يواجه القطاع الصناعي الفرنسي أسوأ أزماته منذ سنوات، إذ انخفض صافي الميزان بين افتتاح وإغلاق المواقع الصناعية من +49 في 2022 و+57 في 2023 إلى -8 في النصف الأول من 2024.

وبحسب مكتب "ترينديو" للدراسات، فإن الميزان الذي سجل +20 في النصف الأول من العام الجاري، تراجع بشكل حاد إلى -25 منذ يوليو حتى اليوم، ما ينذر بإنهاء العام بأرقام سلبية للمرة الأولى منذ سنوات.

وفي تقرير مفصل أعده اتحاد CGT العمالي، تم رصد 210 موقعًا صناعيًا تواجه خطر تسريح العمال منذ سبتمبر 2023.

وتشير الأرقام إلى تهديد 70,586 وظيفة مباشرة، منها 30,870 في القطاع الصناعي وحده.

والأخطر من ذلك، عند احتساب الوظائف المباشرة وغير المباشرة، يقدر الاتحاد أن ما بين 128,250 و200,330 وظيفة معرضة للخطر خلال العام الماضي، ما يمثل كارثة اجتماعية واقتصادية محتملة.

معركة النقابات

في مواجهة هذه الأزمة، نقلت ليبراسيون عن سوفي بينيه، الأمينة العامة لاتحاد CGT، إعلانها عن تنظيم "ديسمبر أحمر"، يتضمن سلسلة من الإضرابات في مطلع الشهر، تتوج بتعبئة وطنية شاملة للدفاع عن الوظائف والصناعة في 12 ديسمبر.

ووجهت بينيه انتقادات لاذعة للسياسة الحكومية قائلة: "نحن نحتفل بمرور عشر سنوات على سياسة العرض.. هذه السياسة أثبتت فشلها الذريع".

وترى النقابات أن إنشاء فرقة العمل الوزارية خطوة متأخرة وغير كافية، مطالبة بتدخل حكومي أكثر فعالية يشمل دخول الدولة كمساهم في الشركات المتعثرة، وتأميم بعض المصانع المهددة بالإغلاق، والاستحواذ على المواقع والمعدات الإنتاجية، مع فرض وقف مؤقت للتسريحات.

وتختتم الصحيفة بإبراز التناقض الصارخ بين الخطاب الحكومي والواقع على الأرض، ففي الوقت الذي احتفل فيه وزير الصناعة مارك فيراتشي بإنتاج السيارة رقم خمسة ملايين في مصنع تويوتا قرب فالنسيان، تجاهل مصنع أرسيلور ميتال القريب الذي أعلن عن تسريح 24 عاملًا، ما يعكس أزمة عميقة في السياسة الصناعية الفرنسية، التي رغم وعود الرئيس إيمانويل ماكرون بإعادة التصنيع، تواجه تحديات هيكلية تهدد مستقبل آلاف العمال وعائلاتهم.