الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

وسط مخاوف من هجرة رجال الأعمال.. فرنسا تستهدف الشركات البريطانية بحملة إعلانية طموحة

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وخلفه شعار "اجعلها أيقونية"

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشفت صحيفة التليجراف البريطانية عن خطوة فرنسية جريئة، تمثلت في إطلاق حملة إعلانية واسعة النطاق داخل المملكة المتحدة، تستهدف استقطاب الشركات ورجال الأعمال البريطانيين للانتقال إلى أراضيها، إذ تأتي هذه الحملة في توقيت استراتيجي يتزامن مع موجة من الاستياء في الأوساط التجارية البريطانية، عقب إعلان حزمة من الزيادات الضريبية الجديدة، مما يثير تساؤلات جدية حول مستقبل بيئة الأعمال في بريطانيا ما بعد البريكست.

التوقيت الاستراتيجي والدوافع الاقتصادية

تكشف تفاصيل الحملة الفرنسية، التي وثقتها الصحيفة البريطانية، عن استراتيجية محكمة تستهدف استغلال لحظة حرجة في المشهد الاقتصادي البريطاني، إذ جاء توقيت إطلاق الحملة مباشرة في أعقاب إعلان ميزانية مثيرة للجدل من قبل راشيل ريفز، وزيرة المالية في الحكومة العمالية، والتي تضمنت زيادات ضريبية ضخمة تقدر بنحو 40 مليار جنيه إسترليني.

وظهرت الإعلانات الفرنسية في كبرى الصحف البريطانية، بما فيها "التايمز" و"فاينانشال تايمز"، حاملة شعار "اجعلها أيقونية، اختر فرنسا"، في رسالة واضحة تستهدف مجتمع الأعمال البريطاني.

وتتميز الحملة الإعلانية بتركيزها على إبراز قصص نجاح ونماذج ملهمة في المشهد الفرنسي، إذ تصدرت صورة روكسان فارزا، مديرة "ستيشن إف"، أكبر مجمع للشركات الناشئة في العالم والواقع في باريس، أحد الإعلانات البارزة.

كما حظي البروفيسور فابريس بارليسي، المتخصص المرموق في أبحاث سرطان الرئة، بمكانة مميزة في الحملة، في إشارة واضحة إلى تنوع مجالات التميز الفرنسي وقوة البنية التحتية البحثية والتكنولوجية في البلاد.

المخاوف البريطانية وتداعيات الحملة

أثارت الحملة الفرنسية موجة من ردود الفعل القلقة في الأوساط السياسية والاقتصادية البريطانية، إذ نقلت التليجراف تصريحات لافتة لأندرو جريفيث، وزير التكنولوجيا، الذي عبر عن استيائه قائلًا: "إنه لوضع مؤسف أن تفكر الشركات البريطانية في الفرار إلى فرنسا، التي لم تكن تاريخيًا منارة للرأسمالية المرنة."

وأضاف جريفيث أن ميزانية راشيل ريفز خلقت بيئة ضريبية معادية للأعمال، وفي ظل تبني حزب العمال لقوانين توظيف على النمط الفرنسي مستوحاة من النقابات العمالية، فإن بعض الشركات البريطانية قد تجد أن الحكومة اليمينية الجديدة في فرنسا تقدم آفاقًا أفضل من أربع سنوات إضافية تحت قيادة كير ستارمر.

استراتيجية فرنسية شاملة ونتائج ملموسة

تمثل الحملة الإعلانية في بريطانيا جزءًا من استراتيجية فرنسية أوسع نطاقًا أطلقتها حكومة إيمانويل ماكرون قبل عام تحت مسمى "اختر فرنسا".

وتكشف الصحيفة البريطانية أن هذه الاستراتيجية حققت نجاحات ملموسة، إذ نجحت في جذب استثمارات قياسية بلغت 15 مليار يورو خلال قمة "اختر فرنسا" التي عقدت في قصر فرساي التاريخي.

ومن أبرز هذه الاستثمارات تعهد شركة مايكروسوفت باستثمار 4 مليارات يورو لتوسيع بنيتها التحتية في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في فرنسا.

وتمتد الحملة الفرنسية عبر منصات متعددة، تشمل لوحات إعلانية في المطارات والمناطق التجارية والمباني الدبلوماسية حول العالم، إضافة إلى الحضور القوي في المعارض التجارية الدولية.

واختارت الحملة عرض معالم فرنسية شهيرة مثل برج إيفل، في محاولة لتسويق صورة فرنسا كوجهة جذابة للاستثمار والأعمال.

تحديات مستقبلية وتحولات عالمية

يرى خبراء الاقتصاد والتسويق أن هذه الحملة تعكس تحولًا أعمق في المشهد الاقتصادي العالمي، إذ نقلت التليجراف عن جريج سيلفرمان، المدير العالمي لاقتصاديات العلامات التجارية في شركة إنتربراند، تحليلًا عميقًا لهذا التحول.

كما أشار سيلفرمان إلى أن حملات الترويج القطرية مثل "اختر فرنسا" ستشهد نموًا متزايدًا في الاستثمار والأهمية خلال المستقبل المنظور، مضيفا أن فكرة العولمة التي سادت منذ الحرب العالمية الثانية تتعرض حاليًا للمراجعة، مع صعود سياسات تفضل المحلية ومبدأ "الأمة أولًا".

وليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها بريطانيا محاولات من دول أوروبية لاستقطاب شركاتها، إذ ذكرت التليجراف أن الحزب الديمقراطي الحر الألماني كان أطلق في عام 2016 حملة إعلانية في وسط لندن تحث الشركات الناشئة البريطانية على الانتقال إلى برلين في أعقاب استفتاء البريكست، مستخدمًا شعارًا ساخرًا يقول: "حافظ على هدوئك وانتقل إلى برلين."