الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مناورة "السيطرة الانعكاسية".. بوتين يستدرج أوروبا بـ"الخيارات الخاطئة"

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، أصبحت مسألة تصعيد الصراع محورًا للجدل السياسي والعسكري، خاصة مع تصاعد تحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من العواقب الوخيمة لاستخدام أوكرانيا الأسلحة الغربية في مهاجمة أراضي بلاده.

لكن مع مرور الوقت، ووفق تقرير لـ"سي إن إن"، ظهر نمط يتكرر في استجابة الكرملين للقرارات الغربية، ما دفع المحللين للتساؤل: هل كل دعم عسكري لأوكرانيا يمثل تصعيدًا حقيقيًا، أم مجرد اختبار للخطوط الحمراء المتغيرة التي يضعها بوتين؟

تهديدات بوتين

منذ أكثر من ألف يوم على بداية الحرب، لم يهدأ بوتين في تحذيراته من أنَّ دعم أوكرانيا عسكريًا يشكل "تصعيدًا" قد يدفع روسيا للرد بأسلحة نووية.

التهديدات تصاعدت هذا الشهر بعد سماح إدارة بايدن لأوكرانيا باستخدام أسلحة طويلة المدى لضرب أهداف في عمق روسيا.

وردًا على ذلك، أعلنت موسكو تحديث عقيدتها النووية وإطلاق صاروخ باليستي جديد قادر على حمل رؤوس نووية على أوكرانيا، ما اعتُبر رسالة تحذيرية لحلفاء كييف.

الاستراتيجية الروسية

وفقاً لتقرير صادر عن معهد دراسة الحرب (ISW) في مارس، استخدم الكرملين استراتيجية أُطلق عليها "السيطرة الانعكاسية"، وهي تقنية سوفييتية قديمة تهدف إلى فرض مجموعة خاطئة من الخيارات على الخصم، ما يدفعه لاتخاذ قرارات تتعارض مع مصالحه.

كاترينا ستيبانينكو، إحدى مؤلفي التقرير، أوضحت أنَّ الكرملين نجح في دفع الغرب إلى نقاش مستمر حول التصعيد، مما أدى إلى تأخير قرارات دعم أوكرانيا عسكريًا.

هذه الاستراتيجية، حسب ستيبانينكو، دفعت الغرب إلى "ردع ذاتي"، رغم أنَّ روسيا نفسها تواصل تقدمها بشكل روتيني.

أوكرانيون يحتمون في محطة مترو في كييف أثناء الهجوم الصاروخي الروسي واسع النطاق يوم الخميس
الهجمات الأخيرة

أمس الخميس، شنَّت روسيا هجومًا واسعًا استهدف شبكة الكهرباء الأوكرانية، واصفةً الهجوم بأنه ردُّ على قرار واشنطن تسليم أسلحة بعيدة المدى إلى كييف.

لكن كما ذكرت ستيبانينكو: "روسيا لم تكن بحاجة إلى ذريعة لشنِّ مثل هذه الهجمات في الماضي".

أثارت سياسة إدارة بايدن بشأن تسليح أوكرانيا جدلًا واسعًا، خاصة مع فرض قيود على استخدام صواريخ أتاكمز ATACMS، بعدما سُمِح لأوكرانيا باستخدامها داخل أراضيها فقط (لصد الجيش الروسي) وليس في العمق روسيا.

ويليام ألبرك، المدير السابق لمركز مراقبة الأسلحة في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وصف هذه السياسة بأنها "غير منطقية"، مشيرًا إلى أن القيود سمحت لروسيا بإنشاء مواقع قيادية آمنة عبر الحدود، قائلًا: "روسيا تقتل أي شخص في أي مكان بأوكرانيا، بينما تُمنع أوكرانيا من استهداف القوات التي تهاجمها فعليًا.. هذا النهج لا يُعقل".

هجمات داخل روسيا

رغم ردود الفعل الغربية القلقة، فإن أوكرانيا لم تتردد سابقًا في استهداف العمق الروسي باستخدام طائرات مُسيّرة وصواريخ غربية مثل ستورم شادو لضرب أهداف في شبه جزيرة القرم.

الجديد، كما يرى المحللون، هو تغيير في الدرجة وليس في النوع، إذ زاد الغرب من مدى الأسلحة الممنوحة لأوكرانيا، وأوضح "ألبرك" أن التصعيد المفاجئ من قبل روسيا الذي قد يدفع الناتو أو الولايات المتحدة إلى التدخل المباشر يظل احتمالًا منخفضًا.

وفي ظل تعقيدات الحرب الروسية الأوكرانية، يظل مصطلح "التصعيد" أداة سياسية بيد الكرملين، يستخدمها للتأثير على قرارات الغرب، ومع ذلك، يبدو أن الخطوط الحمراء الروسية ليست سوى أدوات ضغط مؤقتة، إذ يتضح أن تجاوزها لا يؤدي دائمًا إلى ردود كارثية كما يُروج.

وبينما تتواصل المعارك على الأرض، يبقى مستقبل الصراع معلقًا بين قرارات الغرب ومناورات الكرملين.