تتوجه الأنظار نحو قمة البريكس المنعقدة في روسيا، في الوقت الذي يجتمع فيه وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في واشنطن هذا الأسبوع لحضور الاجتماع الخريفي التقليدي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بحسب فورين بوليسي.
وتجري قمة من نوع مختلف في روسيا في نفس الوقت، ففي الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر، بعد أن جاء دور الرئيس فلاديمير بوتن لاستضافة قمة البريكس السادسة عشرة، ومن المتوقع أن يحضر ما مجموعه 32 وفدًا أجنبيًا من جميع أنحاء العالم، 24 منهم على مستوى رؤساء الدول والحكومات، بما في ذلك جميع أعضاء البريكس التسعة حتى الآن، فضلًا عن العديد من البلدان الأخرى المهتمة بالعضوية، بما في ذلك تركيا لأول مرة دولة عضو في حلف شمال الأطلسي.
ولم يتم تأكيد ما إذا كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش سيقبل أيضًا الدعوة الروسية لحضور القمة، وسبقت القمة أكثر من 200 اجتماع وحدث على مدار عام 2024، والتي نظمتها الرئاسة الروسية، ويستضيف بوتين القمة في كازان، عاصمة جمهورية تتارستان ذات الأغلبية المسلمة، مع وكان اختيار الموقع بمثابة إشارة رمزية إلى التوجه الروسي للتضامن مع "الجنوب العالمي" ضد القوى الغربية.
تحالف يمثل 40 % من سكان العالم
وتضم البريكس كل من البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا، إلى جانب انضمام مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة، كما تقدمت تركيا وأذربيجان وماليزيا بطلب رسمي للانضمام إلى الاتحاد، في حين أعربت دول أخرى عن اهتمامها بالانضمام، وتضم خمس دول تمثل 40% من سكان العالم وأكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتضع نفسها كثقل اقتصادي موازن للغرب.
وتولي روسيا أهمية كبيرة لدول البريكس، على المستويين الرمزي والعملي، فهو يُظهِر وقوف روسيا إلى جانب حلفائها العالميين على الرغم من التوترات مع الغرب، وعلى المستوى العملي، سوف يستخدم الكرملين القمة للتفاوض على صفقات تهدف إلى تحسين اقتصاده وجهوده الحربية، ويشير المحللون إلى أن القمة تمثل بالنسبة للمشاركين الآخرين فرصة لتعزيز مواقفهم على الساحة العالمية.
ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي
وتمثل اقتصادات مجموعة البريكس الخمس مجتمعة ما يزيد قليلا على ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقًا للبنك الدولي. ومع ذلك، تخفي الأرقام الإجمالية تباينات كبيرة بين الدول الأعضاء.
وتعد الصين والهند شريكتين مهمتين بشكل خاص بالنسبة لروسيا، وسوف تستكشف موسكو السبل الكفيلة بتوسيع التجارة والتهرب من العقوبات الغربية، حيث تعد الهند مشتريًا كبيرًا للسلع الروسية، في حين قد توفر الصين السلع ذات الاستخدام المزدوج والتي تشكل أهمية بالغة للجهود العسكرية الروسية.
كما تهدف روسيا إلى الحصول على دعم أوسع لنظام دفع بديل لتجاوز شبكة سويفت العالمية، على أمل أن تكون المنصة التي تضم لاعبين رئيسيين مثل الصين والهند والمملكة العربية السعودية والبرازيل محصنة من العقوبات الأمريكية.
تعزيز البدائل للنظام العالمي
وفي الوقت نفسه، تنظر الصين إلى مجموعة البريكس باعتبارها وسيلة لتعزيز البدائل للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وكانت بكين من أبرز المؤيدين لتوسيع المجموعة، ومن المؤكد أن قمة كازان سوف تعمل على تعميق العلاقات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية داخل المجموعة.
وفي حين يسعى بوتين إلى التأكيد على علاقته الوثيقة مع الرئيس الصيني، يراقب الخبراء علامات التباعد الدقيق من جانب الصين، وخاصة فيما يتصل بحرب روسيا في أوكرانيا، في حين تسعى بكين إلى الحفاظ على موقف محايد.
ومن المتوقع أن يحقق رئيس وزراء الهند توازنًا دقيقًا بين الحفاظ على العلاقات الطويلة الأمد بين الهند وروسيا وفي الوقت نفسه مراعاة الضغوط الغربية لتشجيع موسكو على تحقيق السلام.
وعلى نحو مماثل، من المرجح أن يستخدم أردوغان، الذي يشعر بالإحباط من الغرب، القمة لتعزيز مكانته والتنقل بين كتل القوى العالمية المختلفة.
بالنسبة لبوتن، فإن هذه القمة سوف تظهر فشل الجهود الغربية لعزله، في حين تسلط الضوء على تحول توازن القوى العالمي، مع سعي الاقتصادات الناشئة إلى دور دولي أقوى.