الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

كابوس لوجستي.. كيف يعطل انهيار جسر بالتيمور سلاسل الإمداد العالمية؟

  • مشاركة :
post-title
سفينة الشحن السنغافورية دالي التي اصطدمت بجسر بالتيمور

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

وضعت كارثة انهيار جسر "فرانسيس سكوت كي" في مدينة بالتيمور الأمريكية سلاسل الإمداد العالمية في الوقت الحالي، في مأزق، إذ إن الجسر الحيوي، البالغ طوله أكثر من 2 كيلومتر وذو الأربعة ممرات، كان يُعتبر شريانًا رئيسيًا لحركة التجارة والنقل في قلب المنطقة الصناعية للمدينة.

وانهار الجسر- الذي استغرقت عملية تخطيطه تسع سنوات، وبنائه نحو خمس سنوات- في أقل من دقيقة، بعد اصطدام سفينة شحن سنغافورية تدعى "دالي"، به في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء الماضي، في مشهد مأساوي، أودى بحياة ما لا يقل عن ستة أشخاص من عمال البناء.

وأعلنت ولاية مريلاند حالة الطوارئ بعد هذه الكارثة المدمرة التي وصفها الحاكم ويس مور بأنها "مأساة مؤلمة للغاية"، إذ يُفترض أن المفقودين، وهم جميعًا من عمال البناء الذين كانوا يعملون على ترميم الحفر في الجسر، قُتلوا جميعًا تحت ركام الانهيار، ووصفهم مور بأنهم "رجال متواضعون ومجتهدون" قدموا من جواتيمالا وهندوراس والسلفادور والمكسيك للعمل في المشروع.

بخلاف الأثر المدمر على عائلات الضحايا، تثير هذه الكارثة مخاوف بشأن التداعيات المحتملة على الاقتصاد العالمي الذي لا يزال يتعافى من صدمات جائحة كوفيد-19 وأزمة البحر الأحمر التي عطلت بالفعل سلاسل الإمداد العالمية.

ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الجسر بأنه "أحد أهم العناصر" الداعمة لاقتصاد شمال شرق الولايات المتحدة، وأن انهياره أغلق بشكل فعلي الوصول إلى أحد أكثر الموانئ ازدحامًا وأهمية في البلاد.

ويحتل ميناء بالتيمور المرتبة التاسعة بين الموانئ الأمريكية من حيث الحمولة والقيمة الدولارية للبضائع الأجنبية التي تمر عبره، وفي عام 2023، تعامل الميناء مع رقم قياسي بلغ 52.3 مليون طن من البضائع الدولية، بقيمة نحو 80.8 مليار دولار، وفقًا لأرشيف الولاية.

في الوقت الحالي، لا تزال جميع السفن الراسية في ميناء بالتيمور محتجزة داخل الميناء، إذ لا يمكنها الدخول أو الخروج من المرفق الحيوي كما أوضح سالفاتور ميركوجليانو، أستاذ التاريخ المشارك في جامعة كامبل لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية.

وأضاف ميركوجليانو أن العديد من السفن تنتظر أيضًا للوصول إلى الميناء، مما يؤدي إلى تراكم الشحنات وتأخيرات كبيرة في نقل البضائع، ولا توجد بدائل كافية لاستبدال ميناء بالتيمور حاليًا بحسب تصريحات وزير النقل بوتيجيج.

يعد ميناء بالتيمور من أكبر وأنشط الموانئ في البلاد، إذ يدعم أكثر من 15 ألف فرصة عمل مباشرة وأكثر من 139 ألف فرصة عمل غير مباشرة متصلة بالميناء، ويسهم بنحو 3.3 مليار دولار في الاقتصاد المحلي سنويًا، وتظهر بيانات الولاية أنه يستضيف 50 شركة ملاحة بحرية تقوم بنحو 1800 رحلة سنويًا.

كما يلعب الجسر دورًا محوريًا في تجارة السيارات والفحم والكثير من السلع الرئيسية الأخرى، ما يجعل إغلاقه مصدر قلق كبير للشركات الرائدة وسلاسل التوريد العالمية، وبالفعل أعلنت شركات مثل جنرال موتورز وفورد إعادة توجيه شحناتها المتأثرة إلى موانئ أخرى.

لكن التحدي الأكبر، قد يكون في مجال صادرات الفحم، إذ يعد بالتيمور ثاني أكبر ميناء في الولايات المتحدة لتصدير هذه السلعة الحيوية خاصةً إلى الهند، التي تعتمد عليها بشكل كبير في توليد الكهرباء.

وفقًا لأرني ثراشر، الرئيس التنفيذي لشركة تجارة الفحم "إكسكول للطاقة والموارد"، فإنّ معظم الفحم من بالتيمور يتجه إلى الهند لإنتاج الكهرباء، مضيفًا أنّ التساؤل الكبير هو حول التأثير على الهند أكثر من أي تأثير عالمي.

سيتم إعادة توجيه بعض هذا الفحم، ولكن ستحد اللوجستيات المعقدة من قدرة الموانئ الأخرى على تحمل هذه الأحمال الإضافية بسهولة.