الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أزمة في البيت الأبيض.. الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل "قيد التحقيق"

  • مشاركة :
post-title
تسليم صفقات تسليح أمريكية - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن تحقيقات داخلية في الولايات المتحدة تتعلق بعمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل، ما يثير تساؤلات جدية حول مدى التزام إدارة الرئيس جو بايدن بالقوانين الأمريكية والدولية في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية بقطاع غزة، ويسلط الضوء على التوترات المتصاعدة بين الاعتبارات السياسية والالتزامات القانونية والإنسانية.

تحقيقات حساسة

وفقًا للصحيفة الأمريكية، فإن مكاتب المفتشين العامين في وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين تستعد للكشف عن نتائج تحقيقات متعددة تتعلق بتوفير الأسلحة الأمريكية لإسرائيل.

وتأتي هذه الخطوة غير المسبوقة في أعقاب شكاوى متزايدة من داخل الحكومة الأمريكية، تفيد بأن تصدير أسلحة بمليارات الدولارات إلى إسرائيل قد ينتهك القوانين الفيدرالية التي تحظر نقل المساعدات العسكرية الأمريكية إلى حكومات ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أو عرقلت وصول المساعدات الإنسانية.

ويشير التقرير إلى أن مكتب المفتش العام في وزارة الخارجية سينشر قريبًا نتائج تفتيش لمكتب الشؤون السياسية والعسكرية، وهو المكتب المسؤول عن تقديم الرقابة السياسية والبرامجية على المساعدات الأمنية والمبيعات العسكرية لإسرائيل.

في الوقت نفسه، أكد مكتب المفتش العام في وزارة الدفاع الأمريكية أن "العديد من المشروعات الأخرى المتعلقة بالمساعدة الأمنية الأمريكية لإسرائيل في انتظار الإعلان العام"، وتشير هذه التحركات إلى مستوى غير مسبوق من التدقيق في العلاقات العسكرية الأمريكية-الإسرائيلية.

معضلة أخلاقية وقانونية

كشفت واشنطن بوست أن إدارة بايدن اعترفت باحتمال استخدام إسرائيل للأسلحة الأمريكية في غزة بشكل ينتهك القانون الدولي.

ومع ذلك، تصر الإدارة على أن استمرار نقل الأسلحة مبرر للدفاع عن إسرائيل، وهذا الموقف المتناقض يضع إدارة بايدن في موقف حرج، خاصة مع تزايد الانتقادات الدولية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وارتفاع عدد الضحايا المدنيين.

وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة سلمت أكثر من 50,000 طن من الصواريخ والقنابل والمدفعية والمعدات العسكرية الأخرى لإسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، وفقًا لما أعلنته وزارة الدفاع الإسرائيلية.

وتسلط هذه الأرقام الضوء على حجم الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، وتثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه الأسلحة على سير العمليات العسكرية في غزة والخسائر في صفوف المدنيين.

موقف مغاير

في تطور لافت للنظر، أشارت الصحيفة إلى أن بعض أقرب حلفاء واشنطن، بما في ذلك بريطانيا وكندا واليابان وهولندا وإسبانيا وبلجيكا، اتخذوا خطوات لتقييد نقل المعدات العسكرية إلى إسرائيل.

وهذه القرارات نابعة من مخاوف قانونية وسياسية جدية من احتمال استخدام هذه الأسلحة في ارتكاب جرائم حرب، وهذا التباين الواضح في المواقف بين الولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين يسلط الضوء على العزلة المتزايدة للموقف الأمريكي في الساحة الدولية.

ويشير هذا الانقسام إلى تحول محتمل في الموقف الدولي تجاه الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، إذ تبدو الدول الغربية أكثر حذرًا في دعمها العسكري لإسرائيل في ظل تزايد الانتقادات لسلوكها في غزة، ما قد يؤدي إلى ضغوط متزايدة على إدارة بايدن لمراجعة سياستها تجاه إسرائيل والصراع في الشرق الأوسط بشكل عام.

أرقام صادمة وتداعيات إنسانية

وفقًا للأرقام المروعة التي أوردتها الصحيفة نقلًا عن وزارة الصحة في غزة، أسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن استشهاد أكثر من 40,000 فلسطيني، ما يثير تساؤلات جدية حول مدى التزام إسرائيل بقواعد القانون الدولي الإنساني، خاصة مع استمرار تدفق الأسلحة الأمريكية.

وتشير الصحيفة إلى أن الغالبية العظمى من ترسانة إسرائيل تأتي من الولايات المتحدة، مما يضع واشنطن في موقف المسؤولية المباشرة عن الأحداث الجارية في غزة.

انتقادات داخلية متصاعدة

كشفت واشنطن بوست عن تحرك غير مسبوق داخل الحكومة الأمريكية، إذ أطلق تحالف من الموظفين الفيدراليين على نفسه اسم "الفيدراليون المتحدون من أجل السلام" بتوجيه رسالة حادة اللهجة إلى مكاتب المفتشين العامين.

هذه الرسالة تتهم المسؤولين الأمريكيين بانتهاك القانون المحلي والدولي عن علم، من أجل مواصلة تزويد إسرائيل بالأسلحة الأمريكية لحربها على غزة.

وتنقل الصحيفة عن أحد المسؤولين الذين شاركوا في كتابة الرسالة قوله إنهم يشعرون بخيبة أمل لأن المفتشين العامين لم يلتزموا بفحص "ما إذا كانت القيادة قد التفت على القوانين وتجاهلت الأدلة عمدًا، أو الأسوأ من ذلك، تلاعبت بالأدلة، من أجل تسهيل ما يرقى إلى نقل أسلحة غير قانوني".

هذه التصريحات تشير إلى وجود انقسامات عميقة داخل الحكومة الأمريكية حول السياسة المتبعة تجاه إسرائيل وغزة.

قانون المساعدات الخارجية

تسلط الصحيفة الضوء على التحديات القانونية والأخلاقية التي تواجهها إدارة بايدن، فالقانون الأمريكي، وتحديدًا قانون المساعدات الخارجية، ينص بوضوح على أنه "لا يجوز تقديم مساعدة لأي دولة تقيد بشكل مباشر أو غير مباشر المساعدات الإنسانية الأمريكية".

هذا البند القانوني يضع إدارة بايدن في موقف صعب للغاية، خاصة مع الاتهامات المتكررة والموثقة لإسرائيل بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وتنقل الصحيفة عن جيريمي كونينديك، وهو مسؤول سابق رفيع المستوى في إدارة بايدن ورئيس منظمة "لاجئون دوليون" حاليًا، قوله: "لقد قدم البيت الأبيض كل عذر ممكن لسلوك الحكومة الإسرائيلية عندما يتعلق الأمر بعرقلة المساعدات، وهناك درجة من الإحباط من أن هذه القرارات تدفعها السياسة أكثر من القانون".