تحت عنوان "العمل معًا لدفع التحديث وبناء مجتمع صيني إفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك للبشرية"، تستعد الصين لاستضافة الحدث الدبلوماسي الأكبر لها على مدار السنوات الماضية - منتدى التعاون الصيني الإفريقي، الأربعاء المقبل.
تاريخ العلاقات
دعمت الصين وإفريقيا بعضهما البعض بقوة في مناهضة الإمبريالية والاستعمار والنضال من أجل التحرر الوطني، وأقامتا أخوة غير قابلة للكسر. وخلال مؤتمر باندونج عام 1955، تصافح الزعماء الصينيون والأفارقة لأول مرة عبر الجبال والبحار، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من الوحدة والقوة الذاتية لكلا الجانبين. وفي عام 1956، أقامت مصر العلاقات الدبلوماسية مع الصين، ومنذ ذلك الحين، انضم المزيد والمزيد من الدول الإفريقية إلى أسرة الصداقة الصينية الإفريقية.
وفي الثمانينيات والتسعينيات، ومع تعميق الإصلاح والانفتاح في الصين، زاد التعاون الاستثماري والتجاري بين الصين وإفريقيا بشكل ملحوظ، مما أدى إلى ضخ قوة دافعة قوية في تنمية العلاقات الصينية الإفريقية. وفي القرن الحالي، وقّعت 52 دولة إفريقية ومفوضية الاتحاد الإفريقي وثائق تعاون بشأن البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" مع الصين. وتعد إفريقيا أول قارة ترحب وتدعم مبادرات التنمية العالمية، وقد انضمت 33 دولة إلى مجموعة أصدقاء مبادرة "الحزام والطريق"، وهو ما يمثل أكثر من 40% من إجمالي الدول الأعضاء في مبادرة "الحزام والطريق" حول العالم.
ومن جانبها، قالت ليانج سوو لي، الإعلامية الصينية، إنه سيتم عقد أربعة اجتماعات رفيعة المستوى خلال منتدى التعاون الصيني الإفريقي، تناقش موضوعات مثل البناء المشترك عالي الجودة لمبادرة "الحزام والطريق"، والحوكمة، والتصنيع والتحديث الزراعي، والسلام والأمن، وما إلى ذلك.
أهمية القمة
قال دينج لونج، أستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانجهاي للدراسات الدولية، إن القمة الصينية الإفريقية ستتخذ شعار "العمل معًا من أجل التحديث وبناء مجتمع المصير المشترك"، مضيفًا أن القمة ستسعى إلى زيادة الثقة السياسية المتبادلة من خلال تنسيق المواقف والسياسات للتوصل إلى التوافقات تجاه القضايا الإقليمية والتحديات العالمية من أجل تعزيز قوة دول الجنوب العالمي وإعلاء صوت الدول النامية.
وبدوره، يرى فو تشي مينج، أستاذ في جامعة بكين، أن الرئيس الصيني شي جين بينج سيطرح أفكارًا ومقترحات جديدة لبناء مجتمع مصير مشترك رفيع المستوى بين الصين وإفريقيا، وسيعلن عن إجراءات وتدابير جديدة للتعاون العملي مع القارة السمراء. وأشار أيضًا إلى أن الجانبين الصيني والإفريقي سيتناولان موضوعات مثل حوكمة الدولة، والتصنيع والتحديث الزراعي، والسلام والأمن، فضلًا عن التعاون عالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق.
وتحدث فو أن هذه القمة ستمثل فرصة مهمة للتعاون مع إفريقيا في رحلة جديدة نحو التحديث، والارتقاء بمجتمع المصير المشترك بين الصين وإفريقيا، وكتابة فصل جديد للصداقة بين الشعب الصيني وشعوب القارة الإفريقية، مع توليد زخم قوي لدفع التحديث العالمي.
الاستثمارات الصينية
قال فو تشي مينج، أستاذ في جامعة بكين، إن إفريقيا تعد منطقة نموذجية للتعاون عالي الجودة في إطار الحزام والطريق وتنفيذ مبادرات التنمية العالمية، حتى أصبحت الدول الإفريقية من أكثر دول العالم استجابة للمبادرات الصينية، وأقوى دول العالم المشاركة في حماية السلام العالمي.
وأوضح أن الصين تسعى لبناء أساس متين للصداقة الصينية الإفريقية من خلال التبادلات الشعبية والثقافية. ومن تلك التبادلات الثقافية، على سبيل المثال لا الحصر، أول بعثة طلابية صينية لمصر لدراسة اللغة العربية، والتي كان من بين طلابها العالم الصيني الشهير محمد مكين، والذي عاد للصين ليؤسس أول قسم للغة العربية في الصين في جامعة بكين عام 1946، لتتوالى بعده إنشاء أقسام اللغة العربية في الصين، التي أخذت على عاتقها نشر الثقافتين الصينية والعربية، لتكون واحدة من الجسور التي تصل بين الحضارتين الصينية والإفريقية.
وفي سياق متصل، تحدث دينج لونج، أستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية، أن إفريقيا تعد مصدرًا لعناصر التنمية ووجهة للاستثمار بالنسبة للصين، ويسعى الجانبان إلى تحقيق التنمية المشتركة مع الإخوة الأفارقة، مضيفًا أن الصين لا تسعى إلى نهب موارد إفريقيا وفرض أجنداتها عليها كما فعل الاستعمار الغربي.
وبدورها، ترى ليانج سوو لي، الإعلامية الصينية، أن بلادها مستعدة لمواصلة استخدام منتدى التعاون الصيني-الأفريقي كمنصة، ومواصلة التمسك بمبادئ التعاون المتمثلة في الإخلاص والنتائج الحقيقية والصداقة والتقارب وحسن النية، ومواصلة تعميق التعاون مع الدول الإفريقية، من أجل الارتقاء بالعلاقات الإفريقية إلى مستوى جديد وكتابة فصل جديد في بناء مجتمع صيني إفريقي ذي مستقبل مشترك.