كشفت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم الأطفال الفلسطينيين دروعًا بشرية خلال العملية العسكرية الواسعة التي بدأ تنفيذها، الأربعاء الماضي، بمخيمات ومدن جنين وطولكرم ونابلس بالضفة الغربية المحتلة.
وذكرت الصحيفة أنه عندما وصل جنود الاحتلال إلى المنزل المتواضع الواقع في زقاق مخيم نور شمس، ليلة الأربعاء الماضي، أخرجوا النساء وأربعة من الأطفال إلى الشارع، لكنهم احتجزوا الطفلة الصغيرة ملك شهاب، البالغة من العمر 10 سنوات، ونزعوا كمامة الكلب بحوزتهم، الذي توجه مباشرة إلى الفتاة الصغيرة ليشمها.
وشعرت الفتاة بالرعب، وتوسلت أن تكون مع والدتها، لكن جنود الاحتلال قالوا لها عبارة واحدة فقط باللغة العربية المميزة: "افتحوا الأبواب".
وتروي ملك أن جنود الملاك دفعوها إلى كل باب في منزل عمتها، بينما ظلوا مختبئين خلفها مستعدين لإطلاق النار على من قد يكون بالداخل.
وأحد الأبواب تعثر فتحه، وفي محاولة يائسة من ملك للطاعة، تذكرت الفتاة أنها ضربت الباب برأسها، وقالت برفقة والديها وهي تتذكر ما حدث لها في الليلة الأولى من الاجتياح الإسرائيلي: "لا أعرف السبب. أردت فقط أن يُفتح الباب".
وفي النهاية تم فتح الباب بالقوة باستخدام مؤخرة البندقية مما ترك ثقبًا فوق المقبض، ولكن لم يكن هناك أحد على الجانب الآخر وتحرك الجنود. وكانت هذه تجربتها الأكثر رعبًا في الغارة الإسرائيلية، ولكنها لم تكن الأولى في حياة "ملك" القصيرة.
وكانت اتهامات مماثلة وُجِهت لقوات الاحتلال الإسرائيلي خلال توغل سابق في نور شمس في أبريل الماضي.
ويشنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ الأربعاء الماضي، عملية عسكرية واسعة شمال الضفة الغربية المحتلة، تُعد الأكبر منذ الانتفاضة الثانية في عام 2000، إذ شملت مدن ومخيمات جنين وطولكرم ونور شمس والفارعة وطوباس.
واجتاحت مئات جنود الاحتلال مدنًا في شمال الضفة الغربية، بأعمدة من المركبات المدرعة والجرافات، وتركوا العديد من الناس محاصرين في منازلهم بدون مياه جارية أو إنترنت، وفق ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وركزت العملية الإسرائيلية في طولكرم على مخيم نور شمس، الذي يقع على مشارف المدينة، وكان الضرر الذي لحق بالمخيم مأساويًا، وخاصة في حي المنشية في قلب المخيم، حيث بدت علامات الضرر على أغلب المنازل، وتحولت الطرق إلى مسارات مليئة بالأتربة والأنقاض التي خلفتها الجرافات الإسرائيلية.
وقال سليمان الزهيري، أحد سكان نور شمس ومسؤول متقاعد في السلطة الفلسطينية: "لا تستطيع السيارات أن تتحرك في الشوارع، والجميع يشق طريقه سيرًا على الأقدام، لأن الأتربة تتراكم في أكوام ضخمة".
وفي كل مرة يقتحم الاحتلال المخيم، يتعرض المزيد من الأطفال في نور شمس للعنف، ففي الغارة الأخيرة قبل تسعة أشهر، أغمي على ملاك من الدخان الناجم عن انفجار خارج منزل العائلة. لذا أرسلها والدها محمد هذه المرة مع والدتها وإخوتها إلى منزل شقيقته، لكنها لم تكن أكثر أمانًا هناك، حيث استخدمها جنود الاحتلال درعًا بشريا لمداهمة المنازل.
وانسحبت قوات الاحتلال إلى حد كبير من طولكرم، أمس الأول الجمعة، وواصلت عملياتها في مدينة جنين في شمال الضفة الغربية.
وأجبرت قوات الاحتلال، اليوم الأحد، عائلات في مخيم جنين للاجئين، على إخلاء منازلها بالقوة، وفق ما ذكرت وكالة "وفا" الفلسطينية.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها، منذ يوم الأربعاء الماضي، عن استشهاد 14 فلسطينيًا وإصابة واعتقال العشرات، إضافة إلى تدمير واسع بممتلكات المواطنين والمرافق العامة والخاصة والبنية التحتية بما فيها شبكتي المياه والكهرباء.
وألحقت قوات الاحتلال الإسرائيلي دمارًا هائلًا في البنية التحتية لمدينة جنين، وفق ما قال مدير العلاقات العامة والإعلام في بلدية جنين بشير مطاحن.
ونقلت "وفا" عن مطاحن، أن قوات الاحتلال جرفت أكثر من 70% من شوارع المدينة بالكامل، وأن المياه انقطعت عن 80% من المدينة وكامل المخيم، بسبب تدمير الشبكات.
وقال إن قوات الاحتلال أحرقت أجزاء من سوق الخضار المركزي في المدينة، وأن التقديرات الأولية لأضرار السوق ومحلاته التجارية تشير إلى أنها تعرضت لأضرار فادحة، إضافة إلى تدمير مئات البيوت والسيارات.
وأشار إلى أن نسبة كبيرة من أهالي المدينة والمخيم استنفدوا مخزونهم من المواد الغذائية والأدوية ووقود الطهي، وأن البلدية تتلقى اتصالات بشكل متواصل من الأهالي تناشد بتوفير احتياجاتها، إلا أن منع التجول المفروض على المدينة ومخيمها يحول دون القدرة على توفير تلك الاحتياجات، واصفا الوضع الحالي بـ"الكارثي".