حذر رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك" رونين بار، أمس الخميس، من انهيار أمن الاحتلال، جراء تصاعد هجمات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية المحتلة، وفق ما ذكرت قناة "12" الإسرائيلية الخاصة.
ونقلت القناة عن رئيس الشاباك في رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنّ "ارتفاع نسبة الجرائم التي يرتكبها المستوطنون في الضفة الغربية، سيؤدي إلى انفجار الأوضاع وزيادة إراقة الدماء بين الطرفين، وبالتالي انهيار الأمن القومي في إسرائيل".
وتعقيبا على ذلك، اعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، في منشور عبر منصة "إكس"، حديث رئيس الشاباك عن انهيار قادم للأمن القومي لبلاده "تحذيرًا أخيرًا من الكارثة المقبلة".
وأضاف لابيد: "لن تتمكن الحكومة من الادعاء بالقول لم نكن نعرف، لقد تم تحذيرهم من أن حكومة الكارثة تسير مرة أخرى نحو الانهيار القادم للأمن القومي".
وطالب لابيد بإخراج وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير ومجموعته من المتطرفين من أي مركز قرار، كما يجب وقف الانتهاكات الجماعية للقانون في الضفة الغربية المحتلة.
وجاء تحذير رئيس" الشاباك" بعد أيام من تحذير أطلقه مسؤولون عسكريون إسرائيليون، من تصاعد ظاهرة عنف المستوطنين بحق الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة، مع تراجع حالات الاعتقال من الشرطة الإسرائيلية.
ويسيطر على جهاز الشرطة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير، المتهم حتى من سياسيين من اليسار الإسرائيلي بغض الطرف عن عنف المستوطنين بحق الفلسطينيين.
مخطط التهجير
وسبق أن كشف مركز "بتسيلم" الحقوقي الإسرائيلي غير الحكومي، في مايو الماضي، عن مخطط لحكومة نتنياهو، يهدف إلى تهجير الرعاة والمواطنين الفلسطينيين من أراضيهم بالضفة المحتلة، بالتعاون مع المستوطنين، معتبرًا ذلك جزءًا من "نظام الفصل العنصري الإسرائيلي".
وبحسب تقديرات إسرائيلية، يقيم أكثر من 720 ألف مستوطن في مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. وتظهر الإحصاءات الإسرائيلية أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة ارتفع في عام 2023 بنسبة 3%.
ووفقًا لتقارير إحصائية فلسطينية، فإن قرابة 35 % من المستوطنين من الحريديم (المتشددين دينيًا) وكذلك نسبة أخرى مقاربة لهم من الصهيونية الدينية، فيما لا تتجاوز نسبة المستوطنين العلمانيين 30 %، مما يعني وفقًا لمحللين، أن غالبية المستوطنين ينتمون لتيارات متطرفة وعنيفة تؤمن أن الضفة الغربية هي جزء من أرض إسرائيل، ولا بد لجيش الاحتلال أن يساندهم في أي أعمال يقومون بها ضد الإنسان الفلسطيني وأرضه.
تصاعد الاعتداءات على الفلسطينيين
ومنذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، صعد جيش الاحتلال ومستوطنون اعتداءاتهم على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
وخلال هذه الاعتداءات، قتل جيش الاحتلال والمستوطنون ما لا يقل عن 640 فلسطينيًا وأصابوا 5 آلاف و400، فيما اعتقل جيش الاحتلال أكثر من 10 آلاف، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
وفقاً لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، نفذ المستوطنون 273 عملية حرق استهدفت ممتلكات ومنازل ومحال تجارية ومركبات وحقولاً زراعية وحظائر تعود لفلسطينيين في الضفة المحتلة منذ 7 أكتوبر الماضي.
وبحسب سجلات الهيئة، نفذ المستوطنون خلال الفترة نفسها 1833 اعتداءً في الضفة الغربية المحتلة، منها 1500 اعتداء منذ مطلع العام الحالي، في حين رصد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، منذ السابع من أكتوبر 2023 حتى مطلع أغسطس الجاري، ما لا يقل عن 1143 هجومًا للمستوطنين ضد الفلسطينيين، أدت 114 هجمة منها في الأقل إلى "مقتل وإصابة فلسطينيين".
وأكدت المنظمة الأممية أنها تسجل يوميًا "نحو ثماني حوادث عنف ضد الفلسطينيين، من بينها الترهيب والسرقة والاعتداء".
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قد ذكرت أن منظمات حقوقية حذرت من أن عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وصل إلى "مستويات قياسية" منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأكدت الصحيفة أن "حركة الاستيطان المتطرفة تسعى الآن إلى زيادة ترسيخ وجودها في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة".
ويرى المتخصص السياسي والاستراتيجي الإسرائيلي أمير أورن، أن نتنياهو "لن يفعل شيئًا تجاه المستوطنين"، وأضاف "تهديدات وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، بحل الحكومة في حال توقفت الحرب على غزة، تجعل نتنياهو يوافق على ما يجري في الضفة المحتلة. مشيرًا إلى أن الهجمات المتصاعدة للمستوطنين تضر بالأمن القومي الإسرائيلي.
تسليح المستوطنين
ويؤكد تقرير المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان أن سياسة تسليح المستوطنين تضاعف أخطار أنشطة منظمات "الإرهاب اليهودي". وأشارت أبحاث المكتب الوطني إلى أن جيش الاحتلال بدأ منذ يوليو الماضي توزيع مزيد من الأسلحة الرشاشة على المستوطنين في الضفة الغربية.
ووفقًا لأرقام لجنة الأمن الوطني الإسرائيلية، تقدم بعد 7 أكتوبر الماضي، 250 ألف مستوطن بطلب من أجل الحصول على رخص حمل السلاح، وقد حصل أكثر من 26 ألف مستوطن منهم عليه، إضافة إلى 44 ألف مستوطن حصلوا على رخص مشروطة، في حين تزايد الإقبال على مراكز التدريب على استخدام السلاح، وحصل الآلاف من المستوطنين على سلاح للمرة الأولى، إذ إن التسهيلات الجديدة التي أدخلها بن جفير منذ توليه وزارة الأمن القومي للاحتلال، كان لها أثر بالغ جداً في ارتفاع هذه الأعداد.
ولم تكتف سلطات الاحتلال بتسهيلات بن جفير إجراءات التسليح، بل ذهبت إلى إنشاء ما بات يعرف بـ"فرق الطوارئ" أو "وحدات التأهب"، التي انتشرت على نطاق واسع منذ بدء الحرب على غزة، ففي الفترة بين 7 أكتوبر وحتى نوفمبر الماضيين، أشرف بن جفير على إقامة 700 "وحدة تأهب" جديدة، وهي وحدات شبه عسكرية، تتكون من 10 إلى 40 عنصرًا من المستوطنين المحليين في كل مستوطنة على حدة، وتخضع لإشراف شرطة الاحتلال، تقتضي مهمتها تقديم الاستجابة الأولية في حال التحديات الأمنية، لحين قدوم القوات المتخصصة.