تناول برنامج "ملف اليوم"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، قضية الألغام في المنطقة العربية، ومنها مصر، وتأثيرها على عملية الاقتصاد والتنمية وما تشكله من خطر على المواطنين، باعتبارها إرث صراع دولي يؤرق كاهل الدول العربية.
من جانبها؛ قالت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية، من القاهرة، إن مصر أكثر دولة ملوثة بالألغام الأرضية، وأن 20% من إجمالي الألغام في العالم يوجد بمصر، بنحو 23 مليون لغم معظمها في منطقة الصحراء الغربية، وأن ألمانيا وبريطانيا (أثناء الحرب العالمية الثانية) كانتا السبب الرئيسي في زرع هذه الألغام، والدولتان معترفتان بهذا ولا يمكنهما التنصل من هذه المسؤولية.
وأضافت "الشيخ" في مداخلة لها على قناة "القاهرة الإخبارية"، اليوم الثلاثاء، أنه إلى جانب الآثار المباشرة الخاصة بفقدان ملايين البشر لحياتهم والإعاقة والعجز الذي يصاب به آخرون، فإن التنمية الاقتصادية أيضًا لا تحدث في مناطق ملوثة أو ملغمة، بل هي أمر مستحيل.
وأشارت إلى أنه لابد من إزالة الألغام، وعلى سبيل المثال؛ الحالة المصرية التي بذلت جهودًا كبيرة بقدراتها الذاتية منذ عام 1995 وحتى 2020، واستطاعت إزالة مليون و200 ألف لغم، بنسبة 5% فقط من إجمالي الألغام الموجودة في مصر.
وتابعت، هذه المساحات التي تم نزع الألغام منها استطاعت مصر أن تنشئ عليها مدينة العلمين الجديدة وترعة الحمام ومحطة الضبعة وغيرها من المشروعات الكبرى في المنطقة، رغم إزالة عدد محدود ومساحة لا تتجاوز 2000 كيلو متر.
وعلّق اللواء جلال العبادي، الخبير الاستراتيجي، من عمان، أن هذه الألغام لها تأثير سلبي على الأراضي الزراعية والفلاحين لعدم استغلال الأراضي، بالإضافة إلى العاهات الكثيرة التي تحدثها من قتل أطفال وأبرياء وغير ذلك.
وأضاف في مداخلة لقناة "القاهرة الإخبارية" أنه منذ عام 2016 وحتى 2018 كان هناك 7500 قتيل ضحايا الألغام، منهم قرابة 2500 في دولة سوريا فقط، بالإضافة إلى الجرحى طبقًا للإحصائيات، لافتًا إلى أن المنطقة العربية مشبعة بالألغام.
وتابع، هناك دعوات كثيرة من رجال أعمال ومؤسسات مدنية برفع دعوى ضد ألمانيا وإيطاليا، ومن المتوقع أن تقوم كل دولة منهما بدفع 10 ملايين دولار لإزالة الألغام التي تسببا فيها؛ لأنها عملية خطيرة، مؤكدًا أنه لإزالة 3000 لغم يتوقع أن يكون هناك ضحايا بواقع قتيلين وجريحين، بحسب الإحصائيات.
وقال الدكتور مجيد بودن، أستاذ القانون الدولي، من باريس، إن مسؤولية إزالة هذه الألغام واضحة وتقع على الدول التي قامت بزرعها أو إرسالها أو تركها، بحسب القانون الدولي.
وأضاف في مداخلة لقناة "القاهرة الإخبارية"، أن هناك معاهدة سنة 1997 منعت استعمال هذه الألغام، لكن القانون الدولي العام والعرف الدولي منذ زمن طويل يمنع ذلك، وبالتالي كل هذه الألغام التي وجدت في مناطق العالم وفي منطقة الشرق الأوسط وخاصة مصر ولم يتم استئصالها، فإنه عمل غير مطابق للقانون الدولي، وهناك مسؤولية للدول التي قامت بتلك الأعمال.
وأشار بودن إلى أن العالم بدأ الآن يفكر ومنذ فترة طويلة في إصلاح هذا الوضع من خلال القيام بعمل جدي ومتواصل وسريع لانتشال تلك الألغام وإعادة اقتلاعها وتصفية المنطقة منها، وتم رصد 13 مليار دولار حتى الآن للصرف على هذه العمليات، وفي العام الماضي تم صرف قرابة 500 مليون دولار لذلك، لكنها ليست كافية.