مع اختتام دورة الألعاب الأولمبية في باريس، تتجه الأنظار الآن نحو مدنية لوس أنجلوس الأمريكية التي ستستضيف الأولمبياد في عام 2028، إذ تكشف المدينة الأمريكية عن استعداداتها الطموحة لتنظيم دورة استثنائية، مع التركيز على التنقل المستدام ومعالجة قضايا اجتماعية ملحة، في هذا الصدد تسلط صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على أبرز الخطط والتحديات التي تواجه المدينة في رحلتها نحو استضافة هذا الحدث العالمي الكبير.
حفل الختام وتسليم الراية
شهدت باريس ولونج بيتش حفلات ختامية مبهرة لتوديع أولمبياد 2024 والترحيب بدورة 2028، وفقًا لما ذكرته صحيفة الجارديان البريطانية، تضمنت الاحتفالات في باريس أداءً للمغنية H.E.R للنشيد الوطني الأمريكي، بينما قام الممثل توم كروز بالهبوط من سقف استاد فرنسا. وفي كاليفورنيا الجنوبية، أحيا فنانون مشهورون مثل Red Hot Chili Peppers وبيلي إيليش وسنوب دوج حفلًا على الشاطئ.
وصرح كيسي واسرمان، رئيس لجنة أولمبياد لوس أنجلوس 2028، قائلًا: "هذه أهم لحظة في تاريخ LA28 حتى الآن، حيث تنتقل الراية الأولمبية من باريس إلى لوس أنجلوس."
استقبال العلم الأولمبي في لوس أنجلوس
في مشهد رمزي قوي، هبطت طائرة تحمل شعار"LA28" في مطار لوس أنجلوس الدولي يوم الاثنين، وكما أفادت الجارديان، نزلت عمدة المدينة كارين باس من الطائرة وهي تلوح بالعلم الأولمبي، بينما كانت مكبرات الصوت تصدح بأغنية "كاليفورنيا لوف" للمغني الراحل توباك شاكور.
وكان في استقبالها حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، والغطاسة الأولمبية ديلاني شنيل، ومتزلج اللوح تيت كارو.
نحو أولمبياد "خالٍ من السيارات"
تضع لوس أنجلوس النقل العام في صميم خططها لاستضافة الألعاب الأولمبية، وفي تصريح مثير للاهتمام، قالت العمدة باس إن أولمبياد 2028 سيكون "ألعابًا خالية من السيارات".
وأضافت، وفقًا لما نقلته الجارديان: "نحن نعمل بالفعل على خلق فرص عمل من خلال توسيع نظام النقل العام لدينا لكي نتمكن من إقامة ألعاب خالية من السيارات، وهذا إنجاز للوس أنجلوس، حيث كنا دائمًا مغرمين بسياراتنا، نحن نعمل على ضمان بناء لوس أنجلوس أكثر اخضرارًا."
وتتضمن الخطط الطموحة للمدينة استعارة 3000 حافلة خلال فترة الألعاب، وجعل وسائل النقل العام الطريقة الوحيدة للوصول إلى المواقع الأولمبية في لوس أنجلوس.
كما تعتزم العمدة الطلب من أصحاب العمل الكبار في المدينة السماح للموظفين بالعمل عن بعد خلال فترة الألعاب، مما سيساهم في تخفيف الضغط على شبكات النقل وتقليل الازدحام المروري.
معالجة أزمة التشرد
مع توقع قدوم آلاف الزوار من جميع أنحاء العالم إلى لوس أنجلوس، تواجه المدينة ضغوطًا متزايدة لإحراز تقدم في معالجة مشكلة التشرد.
وتشير الإحصاءات التي أوردتها الجارديان إلى وجود أكثر من 45,000 شخص بلا مأوى في لوس أنجلوس، وأكثر من 75,000 على مستوى المقاطعة.
وفي هذا الصدد، صرحت العمدة باس: "سنقوم بإسكان الناس، سنخرجهم من الشوارع، سننقلهم إلى مساكن مؤقتة، ونعالج سبب تشردهم ونوفر لهم سكنًا دائمًا."
تحديات وفرص أمام المدينة
رغم الخطط الطموحة، تواجه لوس أنجلوس تحديات كبيرة في استعداداتها لأولمبياد 2028، إذ ان تحويل مدينة معروفة بثقافة السيارات إلى نموذج للتنقل المستدام يعد تحديًا كبيرًا.
كما أن معالجة أزمة التشرد بطريقة إنسانية وفعالة تشكل تحديًا آخر يتطلب جهودًا مكثفة وحلولًا مبتكرة.
إضافة إلى ذلك، يتعين على المدينة تطوير بنيتها التحتية بشكل كبير لاستيعاب الأعداد الهائلة من الزوار والرياضيين المتوقع قدومهم خلال الألعاب.
ومع ذلك، تمثل الألعاب الأولمبية أيضًا فرصة فريدة للوس أنجلوس، فهي تحفز الاستثمار في النقل العام والبنية التحتية، مما قد يؤدي إلى تحسينات دائمة في نوعية الحياة لسكان المدينة، كما أنها توفر منصة عالمية لتسليط الضوء على الثقافة الغنية والمتنوعة للمدينة، مما قد يعزز مكانتها كوجهة سياحية وثقافية عالمية.
وأخيرًا، فإن الضغط الناجم عن استضافة الألعاب قد يدفع الجهود لمعالجة القضايا الاجتماعية الملحة، مثل التشرد؛ مما قد يؤدي إلى حلول طويلة الأمد تفيد المجتمع بأكمله.