قال الدكتور جان كاسيا، المدير العام لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في إفريقيا، من المرجح أن يعلن المركز حالة طوارئ صحية عامة قارية بسبب تفشي "جدري القردة".
أوضح كاسيا، وفقا لما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أنه بسبب الزيادة في حالات الإصابة بمرض جدري القردة واستمرار انتشاره عبر الحدود، فقد قرر البدء في "المشاركة النشطة" مع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي لمنع تفشي المرض من أن يصبح "جائحة أخرى". وقال كاسيا: "نحن ملتزمون بتعبئة الموارد وتقديم المساعدة الفنية للدول المتضررة للسيطرة على تفشي المرض".
وتابع، إنه تم الإبلاغ عن إجمالي 887 حالة مؤكدة ومشتبه بها جديدة من حالات الإصابة بجدري القردة في القارة خلال الأسبوع الماضي، مما رفع إجمالي الحالات هذا العام إلى 15132 حالة، وفقًا للبيانات المقدمة في الإحاطة، وقد زادت الحالات بنسبة 160٪ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وقد أبلغت 16 دولة حتى الآن، عن حالات إصابة بالمرض، بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تضم أكثر من 90% من حالات الإصابة، وقد توفي 461 شخصًا بسببه هذا العام.
وقال كاسيا: "بعض الدول - بوروندي وكينيا ورواندا وأوغندا - أبلغت عن هذا المرض لأول مرة على الإطلاق. وأضاف: "هذا الحادث الجديد يوضح الحاجة إلى نهج جماعي وتعاوني للحد من انتشار المرض".
وجاء إعلان كاسيا، بعد يوم من إعلان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، أنه سيعقد لجنة طوارئ لتحديد ما إذا كان انتشار الجدري في القارة يجب إعلانه حالة طوارئ عالمية.
وتتضمن عملية إعلان حالة الطوارئ الصحية العامة القارية مشاورات تقنية واستراتيجية بين مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا، وهي وكالة تابعة للاتحاد الإفريقي الذي يضم 55 دولة، والدول الأعضاء المتضررة. ويعقب ذلك عقد قمة استثنائية لرؤساء الدول لمناقشة الاستجابة.
وأكد جيبريسيوس أن وقف انتقال العدوى سيتطلب استجابة شاملة ودولية، مضيفًا أنّ منظمة الصحة العالمية وضعت خطة استجابة إقليمية تتطلب 15 مليون دولار، وخصصت مليون دولار من الصندوق الاحتياطي للطوارئ التابع لها لدعم الاستجابة.
كما أصدرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، تحذيرًا صحيًا لمعالجة "مخاطر الانتشار الإضافي"، وأوصت الأطباء بالحفاظ على "مؤشر مرتفع للاشتباه في الإصابة بفيروس جدري القردة" لدى الأشخاص الذين عادوا من جمهورية الكونغو الديمقراطية أو البلدان المجاورة، في الآونة الأخيرة.
وجدري القردة مرض فيروسي يمكنه الانتشار بسهولة بين البشر، ومن الحيوانات المصابة، ويستطيع أن ينتشر من خلال الاتصال الوثيق مثل اللمس، أو التقبيل، أو ممارسة الجنس، وكذلك من خلال المواد الملوثة، مثل الملاءات، والملابس، والإبر، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
وتشمل الأعراض الحرارة، والطفح الجلدي المؤلم، والصداع، وآلام العضلات، والظهر، وانخفاض الطاقة، وتضخم الغدد الليمفاوية.
ولعقود، تم رصد المرض إلى حدٍ كبير وسط وغرب إفريقيا، لكنه بدأ ينتشر أيضًا في أوروبا وأمريكا الشمالية، في عام 2022. وفي مايو الماضي، أبلغ العلماء عن وجود سلالة جديدة من الفيروس في جمهورية الكونغو الديمقراطية قالوا إنها أكثر ضراوة وقد تنتشر بسهولة أكبر. وتم تسجيل الجدري لأول مرة لدى الإنسان في عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتم إعلان حالة الطوارئ العالمية في عام 2022 عندما انتشر في أكثر من 70 دولة.
ويوجد لجدري القردة فرعان حيويان وراثيان، هما: الفرع الحيوي الأول (I) والفرع الحيوي الثاني (II ). والفرع الحيوي عبارة عن مجموعة واسعة من الفيروسات التي تطورت على مر عقود، وهي مجموعة متميزة وراثيًا وسريريًا.
ويُسبب فرع "Ib"من الفيروس، الذي ينتشر في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ سنوات، مرضًا أكثر خطورة، وهو مسؤول عن تفشي المرض الحالي هناك.
ومع أنه أكثر فتكًا، إلا أنه لا يوجد دليل يُشير إلى أنه أسرع انتشارًا، بحسب الدكتورة روزاموند لويس، المسؤولة التقنية للاستجابة العالمية لجدري القردة، لدى منظمة الصحة العالمية.
وكان الفرع "II" مسؤولاً عن التفشي العالمي للمرض الذي بدأ في عام 2022، وفقًا لمراكز مكافحة الأمراض. ومنذ يناير عام 2023، أبلغت جمهورية الكونغو الديمقراطية عن أكبر عدد من حالات الفرع "I " المشتبه بها للمرض، والتي تجاوزت 22 ألف حالة، مع وجود أكثر من 1،200 حالة وفاة.
وبينما سيطرت دول الغرب على انتشار المرض من خلال اللقاحات، أشار كاسيا إلى نقصها في إفريقيا باعتباره تحديًا كبيرًا في السيطرة على انتشاره في القارة، قائلاً إن هناك 200 ألف جرعة متاحة فقط مقارنة بطلب لا يقل عن 10 ملايين جرعة. وقال إن مركز السيطرة على الأمراض في إفريقيا يعمل مع شركاء دوليين لتأمين المزيد من اللقاحات.
والأسبوع الماضي، أصدر الاتحاد الأفريقي موافقة طارئة بقيمة 10.4 مليون دولار (8.2 مليون جنيه إسترليني) لمركز السيطرة على الأمراض في أفريقيا لدعم الجهود المبذولة لمكافحة تفشي الجدري.