فتحت آلاف بنوك التدفئة في بريطانيا أبوابها هذا الشتاء، لاستقبال المواطنين الذين يعانون من ارتفاع فواتير الطاقة المرتفعة، والتضخم الذى وصل لأعلى معدل له في أربعين عامًا، مما دفع الكثيرين إلى الإنفاق على الاحتياجات الأساسية فقط.
وهناك ما يزيد عن ثلاث آلاف منظمة مسجلة كبنوك تدفئة في بريطانيا، وذلك وفقًا لمبادرة "وورم ويلكوم كامبين"، التي تأتى ضمن جهود المجتمع المحلي لمواجهة أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة.
وذكرت شبكة "سي. إن. إن" الأمريكية، نقلًا عن عاملة بإحدى بنوك التدفئة، حديثها عن معاناة الكثيرين في بريطانيا من ارتفاع تكاليف المعيشة، وقالت: "لم نصل حقًا إلى ذروة الأزمة المعيشية بعد، لكن لا ينبغي لأحد أن يختار بين وضع الطعام على الطاولة أو تشغيل التدفئة."
ارتفاع نفقات المعيشة بشكل حاد في بريطانيا
وفقًا لبيانات الحكومة البريطانية، ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل حاد منذ أكتوبر 2021 وحتى الشهر ذاته العام الجاري، وزادت أسعار الكهرباء والغاز بمعدل 129% و66% على التوالي.
كما ارتفع المتوسط السنوي لفواتير الطاقة 96% عن الخريف الماضي، إلى 2500 إسترليني (ما يعادل 3 آلاف دولار)، مع تدخل الحكومة البريطانية لتحديد سقف لتكلفة الوحدة لفواتير الغاز والكهرباء عند هذا المستوى حتى أبريل 2023.
ونقلت "سي. إن. إن" عن مواطنة بريطانية لجأت لبنك التدفئة، أنها قلصت استخدام الكهرباء والغاز في مسكنها. وتتوقع المواطنة أن تزداد تكاليف الطاقة المنزلية الخاصة بها خلال عيد الميلاد، حيث يقضي أطفالها، الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و17 عامًا، المزيد من الوقت في المنزل خلال العطلات المدرسية.
وقالت جريس ريتشاردسون مديرة خدمات في" فيوتشر بروجيكتس" في نورويتش بشرق إنجلترا، وهي مؤسسة تقدم الدعم الصحي والإسكان والمالي للمقيمين، إن فريقها بدأ التخطيط خلال الصيف لتوفير مساحة دافئة في المركز التابع للمؤسسة، والذي يقع في منطقة تعانى من فقر شديد.
أضافت جريس لـ"سي. إن. إن": "هذا الشتاء على وجه الخصوص، من المهم للغاية أن نوفر مساحة تدفئة لجميع الأشخاص من كل الفئات العمرية"، مشيرة إلى أن نحو 25 شخصًا يحضرون يوميًا لبنك التدفئة الذي تديره، حيث يقدم الموظفون وجبات الطعام، من خلال منح تمويل من المجلس المحلي والمؤسسات الخاصة أو الشركات، وكذلك التبرعات من الأفراد.
وتجدر الإشارة إلى أن أسعار الطاقة في جميع أنحاء أوروبا، ارتفعت منذ خريف عام 2021، مدفوعة جزئيًا بالحرب الروسية في أوكرانيا. لكن" سي. إن. إن" نقلت عن محللين، أن أسعار الطاقة في المملكة المتحدة ارتفعت هذا الصيف، بشكل حاد أكثر مما كانت عليه في اقتصادات مماثلة مثل فرنسا وإيطاليا.
وفي شهر نوفمبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، ووزير المالية جيريمي هانت، فرض ضرائب أعلى وخفض الإنفاق العام في محاولة لإخراج البلاد من الركود المتوقع أن يستمر أكثر من عام بقليل، ويقلص اقتصادها بنسبة تزيد قليلاً عن 2٪، وفقا لمكتب مسئولية الميزانية.
وأعلنت حكومة المملكة المتحدة أيضًا عن خطة دعم فاتورة الطاقة بقيمة 400 جنيه إسترليني لكل أسرة، والتي ستدعم جزئيًا فواتير الطاقة المحلية من شتاء 2022 إلى 2023، بالإضافة إلى توفير دعم مالي إضافي لمساعدة المتقاعدين عن العمل على دفع تكاليف التدفئة الخاصة بهم هذا الشتاء.
لكن في ديسمبر الجاري، أكثر من مليون أسرة يستخدمون عدادات مسبقة الدفع، لم يستردوا قسائم دعم الطاقة الشهرية المدرجة في خطة دعم فاتورة الطاقة الحكومية، وفق ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية.
ويقول مايكل مارموت، الباحث في علم الأوبئة، إن سنوات من التقشف، والدعم الحكومي الضئيل، وخفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية والبنية التحتية، والافتقار إلى التنظيم في سوق الطاقة في المملكة المتحدة، أوقعت الملايين في براثن فقر الوقود.
ويضيف مارموت، مدير معهد العدالة الصحية التابع لجامعة كوليدج لندن: "لقد كان الفقر يتراكم على مدى السنوات العشر الماضية ويزداد سوءًا".
6.99 مليون أسرة تعاني من فقر الوقود
وحسبما نقلت "سي. إن. إن" عن سيمون فرانسيس، منسق تحالف "إنهاء فقر الوقود" إن ما يقدر بنحو 3.69 مليون أسرة في المملكة المتحدة، كانت تعاني من فقر الوقود اعتبارًا من ديسمبر 2020، مقارنة بـ6.99 ملايين أسرة في ديسمبر 2022.
ومن المقرر أن يرتفع هذا الرقم بشكل مطرد، حيث من المتوقع أن يعاني أكثر من ثلاثة أرباع الأسر في المملكة المتحدة -نحو 53 مليون شخص- من فقر الوقود بحلول العام الجديد، وفقًا لبحث أجرته جامعة "يورك" في شمال إنجلترا.