حذّر العلماء من أن فيروس إنفلونزا الطيور "إتش فايف إن وان" المنتشر في أبقار المزارع الأمريكية، ربما اتخذ "خطوة خطيرة" نحو القدرة على إصابة البشر عبر التهابات الجهاز التنفسي، مقارنة بالسلالات الأخرى المنتشرة، وفق ما ذكرت صحيفة "ذا صن" البريطانية.
وأكدت الصحيفة وجود فيروس "إتش فايف إن وان" في الأبقار بـ140 مزرعة في 12 ولاية أمريكية، كما تم اكتشاف آثار له في الحليب المبستر الذي يباع في المحلات.
وحسب الصحيفة، يُعتقد أن تفشي المرض بدأ عندما أصيبت أبقار مزرعة في تكساس بالفيروس من الطيور البرية، ولفتت إلى إصابة ما لا يقل عن أربعة أشخاص يعملون بشكل وثيق مع الحيوانات بالعدوى، على الرغم من أن أعراضهم كانت خفيفة ولم ينقلوا الفيروس إلى الآخرين.
وتطرقت الصحيفة إلى دراسة جديدة أجراها علماء في جامعة ويسكونسن ماديسون في الولايات المتحدة، أظهرت أن "فيروس البقر" الجديد يمكن أن يرتبط بمستقبلات على الخلايا في الجهاز التنفسي البشري.
وهذه المستقبلات هي الطريقة التي تدخل بها فيروسات الإنفلونزا عادة إلى الخلايا البشرية وتصيبها. ولا تستطيع سلالة "إتش فايف إن وان" الموجودة في الطيور القيام بذلك، ما يشير إلى أن الفيروس البقري قد تحور، كما أكدت الدراسة أن الفيروس يمكن أن ينتقل بكفاءة عن طريق الحليب الملوث.
وأدى الحليب من بقرة مصابة في نيو مكسيكو إلى إصابة الفئران والقوارض بالمرض بعد أن استهلكوا قطرة واحدة فقط. ومع ذلك، كشفت اختبارات أخرى على القوارض أن الفيروس لا يمكن أن ينتشر بشكل فعّال من خلال التنفس فقط.
وفي التجربة، تم وضع عينة من سلالة إنفلونزا الطيور "إتش فايف إن وان" بالقرب من أربعة حيوانات سليمة، لكن ليس على مقربة كافية للاتصال الجسدي. ولم يمرض أي من القوارض الأربعة السليمة أو تظهر عليها الأعراض.
واكتشف العلماء لاحقًا أن حيوانًا واحدًا من الأربعة فقط أنتج أجسامًا مضادة للفيروس، ما يشير إلى إصابته بالعدوى. ويوضح العلماء أن الفيروس الذي يمكن أن ينتشر بسهولة عبر الهواء بين البشر سيشكل تهديدًا وبائيًا أكبر من تهديد فيروس "إتش فايف إن وان" حاليًا.
وعلى الرغم من هذه الأخبار الجيدة، قال الدكتور إد هاتشينسون، من مجلس البحوث الطبية ومركز أبحاث الفيروسات بجامعة جلاسكو، إنه ما تزال هناك "أسباب تدعو للقلق".
وقال هاتشينسون، الذي لم يشارك في الدراسة: "عندما قارنوا إنفلونزا البقر المعزولة لديهم بإنفلونزا الطيور، وجدوا أنها بدأت بالفعل في اكتساب بعض الخصائص التي قد ترتبط بالقدرة على الانتشار بشكل فعّال من خلال التهابات الجهاز التنفسي لدى البشر، ولكي نكون واضحين، لا يبدو أنها تفعل ذلك بعد، ولم تظهر أي من الحالات البشرية الأربع المبلغ عنها حتى الآن علامات على انتقال العدوى".
وأضاف هاتشينسون: "ومع ذلك، فإن فيروس الإنفلونزا "إتش فايف إن وان" الجديد سيكون أكثر صعوبة في السيطرة عليه، وأكثر خطورة على البشر، إذا اكتسب القدرة على الانتشار التنفسي الفعّال. وعلى الرغم من أن الأخبار الجيدة بأن إنفلونزا البقر لا تستطيع فعل ذلك بعد، إلا أن هذه النتائج تعزّز الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وحازمة لمراقبة هذا التفشي عن كثب ومحاولة السيطرة عليه في أقرب وقت ممكن".
وتجدر الإشارة إلى أن فيروس "إتش فايف إن وان" ظهر لأول مرة في عام 1996، لكن منذ عام 2020، زاد عدد حالات التفشي بين الطيور بشكل كبير. ومنذ ذلك الحين، قتل الفيروس ملايين الطيور وآلاف الثدييات في جميع أنحاء العالم.
وتقول منظمة الصحة العالمية، إن الخطر الحالي على البشر منخفض لأنه لا يوجد دليل حتى الآن على انتقال العدوى من إنسان إلى آخر، لكن الخبراء يخشون من أن الحجم الهائل للانتشار الحالي قد يمنح الفيروس المزيد من الفرص للتحور، ما يمكّن فيروس "إتش فايف إن وان" من الانتشار بشكل أفضل بين البشر.
وأصيب ما لا يقل عن 882 شخصًا بأنفلونزا الطيور خلال العشرين عاما الماضية، وتوفي 461 منهم، وفق "ذا صن".