رغم أن سجل النجم جوني ديب يخلو من التتويج بالجوائز السينمائية المرموقة، ومنها أوسكار وكان وبافتا، مع ترشيحه لها عدة مرات، إلا أن مشواره السينمائي وأدواره المتعددة على مدار أكثر من 4 عقود، تجعل منه أحد أبرز الممثلين في تاريخ السينما العالمية، ويتمتع بشعبية واسعة لدى الجمهور المحب للسينما.
الممثل الذي يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ61 ولد يوم 9 يوليو 1963 في ولاية كنتاكي الأمريكية، لأب يعمل مهندسًا مدنيًا ووالدته نادلة بأحد المطاعم، لكنه يحمل من هذه الطفولة ذكريات ليست سعيدة، إذ عانى في السنوات الأولى من الاضطراب الاجتماعي والنفسي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى والدته بيتي سو، فلم تكن حياته المنزلية مستقرة على الإطلاق، وكانت والدته تلجأ في كثير من الأحيان إلى الإساءة الجسدية واللفظية، الأمر الذي تحدث عنه النجم السينمائي الشهير في حوار صحفي من قبل ووصف حالته وقتها بأنها كانت مليئة بالخوف وعدم اليقين، حيث لم يشعر أبدًا بالأمان في منزله.
ترك نجم سلسلة أفلام Pirates of the Caribbean "قراصنة الكاريبي" المدرسة عندما كان عمره 15 عامًا، وكانت بداية علاقته بالفن عن طريق الموسيقى، إذ شارك في عدة فرق غنائية منهاThe Kids، لم يحقق من خلالها نجاحًا، ليختار وظيفة بائع بسيط ويتزوج ويبدأ حياة عادية تمامًا، لكن كانت رحلته إلى لوس أنجلوس مع زوجته لوري آن أليسون، خبيرة التجميل ذات الصلة بالوسط الفني، بمثابة نقطة التحول في حياته لتعويض المعاناة التي وجدها في طفولته ومقتبل شبابه.
في لوس أنجلوس، حيث التقى ديب بالنجم نيكولاس كيج، نصحه الأخير بأن يجرب نفسه في التمثيل، ليعمل بالنصيحة من خلال عدة أفلام مستقلة ذات ميزانية بسيطة لم تكن ناجحة تجاريًا، إذ بدأ مشوار التمثيل من خلال الظهور الأول في فيلم الرعب، A Nightmare on Elm Street "كابوس في شارع إلم" الصادر عام 1984، مجسدًا دور مراهق يقع فريسة للشيطان الذي يطارد الأحلام فريدي كروجر، والذي حقق وقتها 25 مليون دولار إيرادات من شباك التذاكر الأمريكي، فيما حقق عالميًا 60 ألف دولار فقط.
أصاب الاضطراب حياة ديب الزوجية ليقرر الزوجان الطلاق بعد عرض الفيلم بعدة أشهر، لكن مستقبله المهني ازدهر بشكل كبير، وواصل المشاركة في العديد من الأفلام المستقلة والمسلسلات، حتى حقق نجاحًا وبات الجمهور -خاصة المراهقين- يعرف وجهه بعد مشاركته في مسلسل Jump Street عام 1987 الذي شكل نقطة تحول في مسيرته الفنية، وجسد فيه دور توم هانسون، شرطي شاب يتخفى في هيئة طالب بالمدارس الثانوية والجامعات للقبض على الشباب المخالفين للقانون.
مع بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي، ضرب ديب موعدًا جديدًا مع النجاح لكن هذه المرة في السينما التي كان وقع في عشقها تمامًا، من خلال الفيلم الشهير Edward Scissorhands "إدوارد ذو الأيدي المقصات" للمخرج تيم بيرتون، لتنهال العروض السينمائية على الفنان الشاب.
قراصنة الكاريبي
"المجانين لا يعرفون أنهم مجانين. أعرف أنني مجنون، لذلك أنا لست مجنونًا. أليس هذا جنونًا!"، الجملة السابقة أحد أبرز الاقتباسات الشهيرة للنجم السينمائي ذائع الصيت صاحب دور "جاك سبارو" غريب الأطوار في سلسلة الأفلام Pirates of the Caribbean "قراصنة الكاريبي" التي انطلقت عام 2003 وحمل الجزء الأول عنوان "لعنة اللؤلؤة السوداء"، ويعد سببًا رئيسيًا في نجاح الفيلم وإصدار عدة أجزاء من السلسلة عقب ذلك، قبل أن يتم استبعاده على خلفية اتهامات زوجته السابقة أمبر هيرد له بالتعدي عليها.
البطل الرئيسي والمؤثر ومفتاح نجاح سلسلة "قراصنة الكاريبي" وجد نفسه فجأة خارج الجزء السادس الذي يتم الإعداد له، بل خارج حسابات استوديوهات هوليوود التي وقفت ضده، رغم أنه انتصر في قضيته ضد أمبر هيرد وحصل على تعويضات قانونية.
خرج ديب من حسابات هوليوود التي كانت سببًا رئيسيًا في تغيير حياته ونقلها من مجرد بائع صغير إلى نجم سينمائي شهير، لأنه شعر بالظلم مما تعرض له وإصدار أحكام مسبقة ضده بسبب دعوى قضائية قال عنها ساخرًا في تصريحات صحفية: "مجرد حروف مكتوبة في دعوى قضائية تطفو في الهواء" في إشارة إلى كذب الدعاوى التي طاردته بها مطلقته.
علاقة النجم السينمائي بهوليوود أصبحت مضطربة؛ لذا ذهب إلى فرنسا ليحقق نجاحًا كبيرًا مع فيلم Jeanne du Barry "جين دو باري" الذي تصدى لبطولته والمشاركة في إنتاجه أيضًا وعُرض في افتتاح مهرجان كان السينمائي وسط ترحيب شديد هناك.
النجم الذي صرح بأنه لم يعد في حاجة إلى هوليوود، انتشرت أخيرًا العديد من الأقاويل حول رغبة صناع "قراصنة الكاريبي" في استعادته لتجسيد دور القرصان "جاك سبارو" غريب الأطوار مرة أخرى، خصوصًا أن جمهور السلسلة أبدى استياءه من استبعاد نجمهم المفضل وأحد أسباب نجاح الأجزاء الـ5 السابقة.
لم يتم التأكد حتى الآن، مما إذا كان ديب سيعود إلى "قراصنة الكاريبي" أم يستمر في مخاصمته لهوليوود، خصوصًا أنه لا ينسى الإساءة، تمامًا مثلما فعل مع والدته، فبعد سنوات من العلاقة المضطربة، تصالح الممثل الشهير مع والدته قبل وقت قصير من وفاتها عام 2016، إلا أن هذه المصالحة كانت معقدة، كما يتضح من تصريحاته في جنازتها، التي وصف والدته فيها بأنها أكثر شخص خبيث قابله في حياته، وأيضًا قال عنها "لقد كانت جحيمًا، لقد كانت لئيمة، لكنها كانت مضحكة".