عكست أفلام ومسلسلات الكاتب الراحل وحيد حامد، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده الـ80، واقع المواطن المصري البسيط، ونقلت مشاعره وعبّرت عن أحلامه، عبر شخوص تماهت مع الواقع والتصقت به، ما ساهم في أن تعبُر هذه الأعمال الفنية جسور الزمن وتبقى في ذاكرة الجمهور رغم أن بعضها عُرض منذ عدة عقود.
مع عبور أعمال وحيد حامد لحواجز الزمن، كان لها أيضًا إسهامات في اقتراب نجوم هذه الأعمال أكثر من الجمهور، بل باتت تجاربهم الفنية مع السيناريست الراحل علامات مضيئة في تاريخهم الفني، ومحطات تحوّل مهمة جعلتهم أكثر قربًا للجمهور وصعدت بهم أيضًا إلى منصات التتويج بجوائز مختلفة.
وحيد حامد الذي ولد يوم 1 يوليو عام 1944 في قرية بني قريش بمحافظة الشرقية، ظل محتفظًا في مخزون ذاكرته بحكايات عن قيمة الأرض، سمعها في سنوات الطفولة والمراهقة الأولى قبل أن ينتقل إلى القاهرة، وساهم هذا المخزون في أن تخرج قصصه التي كتبها ملتصقة بالواقع ومعبّرة عن الإنسان البسيط الذي وضعه في أولوية اختياراته، لتخرج أعماله صادقة سواء من حيث بناء الشخصيات أو جُملِها الحوارية، ومن ثمّ عاشت هذه الشخصيات كثيرًا مع الجمهور، ما كان له مردود قوي على مسيرة النجوم الذين جسّدوها.
يعد النجم عادل إمام أحد أبرز الممثلين وأكثرهم تعاونًا مع وحيد حامد، ومنذ اللقاء الأول بينهما في مسلسل "أحلام الفتى الطائر" عام 1978 في أولى تجربتهما الدرامية التلفزيونية، حقق العمل نجاحًا كبيرًا وقت عرضه، واقترب الممثل الملقب بـ"الزعيم" من جمهور المنازل، بعد نجاح كبير في المسرح والسينما.
قبل هذا اللقاء كان عادل إمام يقدّم في السينما نوعية الأفلام الكوميدية التي يجيدها، ومنها "البعض يذهب للمأذون مرتين"، و"رجب فوق صفيح ساخن"، و"البحث عن المتاعب"، لكن بعد "أحلام الفتي الطائر" ركّز الزعيم أكثر على دخول مناطق تمثيل درامية محافظًا فيها على الجانب الكوميدي، ليكرر التعاون مرة أخرى مع وحيد حامد في أفلام منها "الغول" و"الهلفوت"، جسد في الأول دور صحفي يواجه الفساد، وفي الثاني دور عامل بسيط محدود الذكاء في قرية نائية يؤدي لأهل قريته مهام بسيطة من أجل توفير لقمة العيش.
لم تتوقف المفاجآت التي حملها وحيد حامد إلى جمهور عادل إمام، بإعادة تقديم نجمه الكوميديا في أدوار شكّلت ملمحًا أساسيًا في مشروعه الفني، عبر 4 أفلام يشار إليها بالبنان عند الحديث عن تاريخ نجم مسرحية "مدرسة المشاغبين"، وهي على التوالي "اللعب مع الكبار"، و"الإرهاب والكباب"، و"المنسي" و"طيور الظلام"، التي لا تعد فقط أحد الملامح المميزة لسينما التسعينيات بل في تاريخ السينما المصرية بشكل عام.
وحيد حامد الذي لم يكتب عملًا خصيصا من أجل نجم بعينه، مهما كان اسمه الفني، وإنما يخلص للنص السينمائي والكلمة والمواطن البسيط، لم يقتصر تأثيره في مشوار النجوم على عادل إمام فقط بل يمتد إلى نجوم آخرين، أبرزهم الراحل أحمد زكي، الذي تعاون معه في 4 أفلام سينمائية بدأت بـ"التخشيبة" عام 1984، وتبعها بـ"البريء" الذي حصل على جائزة خاصة من لجنة تحكيم الاتحاد الدولى للنقاد "فيبريسى" عام 1986.
توقف تعاون الثنائي بعد "البريء" نحو 12 عامًا قبل أن يجمعهما فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" عام 1998، الذي كان مرشحًا له في البداية عادل إمام لكنه اعتذر لظروف خاصة، ليصبح العمل أحد أبرز المحطات الفنية في تاريخ نجومه أحمد زكي، وليلى علوي، وسناء جميل، ويكتب شهادة ميلاد فنية لمنى زكي وكريم عبد العزيز، ليكرر الثنائي وحيد وزكي التعاون الفني بعدها بعامين بفيلم "معالي الوزير".
ليلى علوي قبل تألقها في السينما مع وحيد حامد بفيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة"، تعاونت مع الكاتب نفسه في الدراما التلفزيونية من خلال مسلسل "العائلة" عام 1994، خصوصًا أنه يعد أول مسلسل تلفزيوني يتناول بشكل مكثف التطرف الديني.
ومن الفنانين الذين نسجت أعمال الكاتب الراحل خيوطًا مهمة في مشوارهم الفني ووثّقت علاقتهم مع الجمهور، الممثل محمود ياسين الذي فاجأ جمهوره بدور "العربجي" في الفيلم الذي يحمل الاسم ذاته والصادر عام 1983، وكذلك الفنان نور الشريف الذي جسّد دور "فرجاني" مُعلّم اللغة العربية بمدرسة حكومية بإحدى القرى يحتفظ بأخلاق قريته وبشهامة المصري في فيلم "آخر الرجال المحترمين"، وهو العمل الذي ينتصر فيه الكاتب لجذوره الريفية، تمامًا مثلما فعل في مسلسل "البشاير" مع الممثل محمود عبد العزيز، وغيرها من الأعمال الفنية التي حققت لأبطالها نجاحًا لافتًا وبقيت تعيش في الأرض.