كشفت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، أن كييف لن تشارك في مفاوضات مباشرة مع روسيا، لكنها تعمل على بناء تحالف من الوسطاء للمساعدة في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، حسبما قال مسؤولون أوكرانيون في قمة السلام التي استضافتها سويسرا، ولم تتم دعوة موسكو إليها.
اقتراحات زيلينسكي
لفتت المجلة إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أعلن في افتتاح أول قمة للسلام بأوكرانيا التي استضافتها سويسرا، أمس السبت، أنه سيقدم اقتراحات سلام إلى روسيا ما أن تحظى بموافقة المجتمع الدولي.
وقال زيلينسكي: "حين تصبح خطة العمل على الطاولة، وتكون شفافة بالنسبة إلى الشعوب ويوافق عليها الجميع، سيتم إبلاغها الى ممثلي روسيا بحيث نتمكن فعلًا من وضع حد للحرب".
وذكرت المجلة، أن هناك أملًا في كييف بأن يتمكن تحالف واسع، بما في ذلك مشاركة بعض الدول القريبة من روسيا، من دفع صيغة السلام المكونة من 10 نقاط التي طرحها زيلينسكي، وفي مرحلة ما سيكون قادرًا على إقناع موسكو بإنهاء الحرب.
وقال إيجور جوفكفا، نائب رئيس المكتب الرئاسي الأوكراني، للصحفيين في القمة السبت: "إنها قمة تمهيدية تهدف إلى جمع الدول المستعدة للعمل من أجل إحلال السلام العادل في أوكرانيا".
ووفقاً لجوفكفا، يريد الأوكرانيون إشراك الدول التي تقيم علاقات مع روسيا، إذ يمكن أن يكون لها تأثير على موسكو في الترويج لمقترحات السلام الأوكرانية.
وقال جوفكفا: "خلال هذا الاجتماع الأول، قررنا التركيز على ثلاثة عناصر من العناصر العشرة، وهى السلامة النووية، والأمن الغذائي، وعودة المحتجزين في روسيا، إذ إن معظم المجتمع العالمي اليوم متحد حول هذه العناصر الثلاثة".
وأضاف: "لكنني آمل أن يتم الاتفاق على النقاط الأخرى في صيغة السلام أيضًا في الإعلان الختامي للقمة".
وتابع المسؤول الأوكراني، بأنه "رغم أن الصين، الدولة الرئيسية التي لها بعض التأثير على روسيا، لم تحضر القمة، إلا أن أوكرانيا لا تزال تأمل في إقناع بكين بالانضمام إلى القمة في مرحلة ما"، مشيرًا إلى أن "لدى الدول الأخرى أيضًا أدوات للتأثير على روسيا يمكنها استخدامها".
وحسب بوليتيكو، اتفق المشاركون في قمة السلام بسويسرا، خلال الجلسة العامة الأولى، على ضرورة مشاركة روسيا في عملية السلام في مرحلة ما.
مطالب بوتين
أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الأول الجمعة، مجموعة جديدة من المطالب من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا. وعرض شروطًا لوقف إطلاق النار وبدء مفاوضات مع أوكرانيا، تتمثل في سحب كييف قواتها من 4 مناطق أوكرانية شرق وجنوب البلاد، وتخليها عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وقال بوتين، الجمعة: "ما أن تبدأ كييف سحب قواتها فعلًا من مناطق دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوريجيا، وتبلغ بتخليها عن مشروع الانضمام إلى الناتو سنصدر فورًا أمرًا بوقف إطلاق النار وبدء المفاوضات".
وقال هاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، إن "أمامنا خطة سلام أوكرانية، وشاركت روسيا أخيرًا في بعض الشروط، وكل طرف يرى في خطوات الطرف الآخر امتدادًا للحرب".
وأشار فيدان إلى مبادرة حبوب البحر الأسود، باعتبارها نجاحًا دبلوماسيًا، لأنها شملت روسيا وأوكرانيا، ووفرت القدرة على التنبؤ لكلا البلدين. وقال فيدان: "هناك الكثير الذي يمكن تعلمه من هذا المثال".
وساطة سعودية
تأمل كييف أن تستضيف المملكة العربية السعودية قمة السلام المقبلة لأوكرانيا، لأنها في وضع جيد للمساعدة في إشراك بكين ولديها علاقات جيدة مع روسيا، ولم يتم تحديد موعد وشروط هذا المؤتمر بعد، حسب "بوليتيكو".
ونقلت المجلة عن جوفكفا، إن زيلينسكي أجرى زيارة غير معلنة في اللحظة الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية، قبل قمة سويسرا. وقال المسؤول الأوكراني: "نأمل أن توفر لنا هذه القمة الأساس لمسار سياسي لحل الصراع".
ونقلت المجلة الأمريكية عن الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية السعودي، أمس السبت، إن مشاركة بلاده في "قمة السلام بأوكرانيا"، تأتي انطلاقًا من التزامها بدعم جميع الجهود الرّامية إلى إنهاء هذا الصراع، وتحقيق سلام عادل وأمن مستدام.
وقال وزير الخارجية لدى ترؤسه وفد السعودية في القمة بمدينة لوتسيرن السويسرية: "منذ اندلاع الصراع أكدت المملكة مركزية القانون الدولي، وأهمية حل الخلافات سلميًا من خلال الحوار، وضرورة الحد من التوترات والتخفيف من الآثار العالمية للحرب".
وأضاف: "ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وإكمالًا لمساعي السعودية الحميدة وجهودها السابقة في هذا الصراع، يعبّر عن استعداد المملكة مجددًا للتوسط بين طرفي النزاع، والمساعدة في التوصل لحل لإنهاء الصراع الدائر".
ولفت الأمير فيصل بن فرحان إلى أن جهود السعودية أسهمت بشكل إيجابي في تبادل مئات السجناء، بما في ذلك العديد من الرعايا الأجانب.
وشدد على دعم السعودية للمجتمع الدولي في أي خطوة يخطوها لعقد مفاوضات جادة، وقال: "من الضروري التأكيد على أن أي عملية جادة ستتطلب مشاركة روسية فيها، ونأمل أن تؤدي نتائج هذه القمة لتحقيق هذه الأهداف".
وأضاف:" لكن الطريق إلى السلام سيتطلب بعض التنازلات الصعبة كجزء من خريطة الطريق".
مسودة البيان الختامي
أفادت مسودة البيان الختامي الصادر عن قمة رفيعة المستوى للسلام في أوكرانيا التي تستضيفها سويسرا، بأن "الحرب المستمرة التي تشنها روسيا على أوكرانيا تواصل التسبب في معاناة إنسانية ودمار واسع النطاق وخلق أزمات ذات تداعيات على العالم".
وجاء في المسودة، القمة عُقدت من أجل تعزيز حوار رفيع المستوى حول مسارات نحو التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم لأوكرانيا على أساس القانون الدولي بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.
وعبّر الزعماء في المسودة عن الاعتقاد "بأن التوصل إلى سلام يتطلب مشاركة جميع الأطراف والحوار فيما بينها".
وأشارت المسودة إلى أن "ميثاق الأمم المتحدة بما في ذلك مبادئ احترام سلامة أراضي وسيادة جميع الدول يمكن أن يشكل أساسًا لتحقيق سلام شامل وعادل ودائم في أوكرانيا".