الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

فورين بوليسي: الاعتراف بالدولة الفلسطينية يحفظ لواشنطن مكانتها العالمية

  • مشاركة :
post-title
متظاهرة تلوح بالعلم الفلسطيني في احتجاجات بواشنطن

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

حذرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، الولايات المتحدة من المخاطرة بخسارة مكانتها على الساحة العالمية، برفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ونشرت المجلة مقالًا مشتركًا أعده كلٌ من عمر الدجاني، أستاذ القانون الدولي والمستشار القانوني السابق لفريق التفاوض الفلسطيني في محادثات السلام مع إسرائيل، وموشون زير أبيب، وهو كاتب وناشط مقيم في تل أبيب، دعيا فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، باعتباره بداية الطريق نحو إنهاء دوامة العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإحلال السلام الدائم بين الطرفين.

استهل الكاتبان مقالهما بالإشارة إلى إعلان عدة حكومات أوروبية عن خططها للاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، في الوقت الذي واصلت الولايات المتحدة الضغط ضد القرار الحالي.

وفي وقت سابق من شهر مايو الجاري، وقفت الولايات المتحدة وحدها تقريبًا ضد منح الشعب الفلسطيني مقعدًا متساويًا بين مجتمع الأمم المتحدة.

ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على دعم الدولة الفلسطينية بأغلبية 143 صوتًا مقابل 9 أصوات، مع امتناع 25 دولة عن التصويت. وكان التصفيق المدوي الذي أعقب التصويت بمثابة احتفال بالدعم الدولي للفلسطينيين واحتجاج ضد إسرائيل والولايات المتحدة.

ومع ذلك، كان هذا التصويت رمزيًا في معظمه، إذ يجب أولًا أن تتم الموافقة على العضوية الكاملة من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث تتمتع الولايات المتحدة بحق النقض (الفيتو).

وبالعودة إلى عام 2011، كان مجرد التهديد باستخدام الفيتو الأمريكي كافيًا لقتل طلب فلسطين للحصول على عضوية الأمم المتحدة، ولكن في أبريل الماضي، اضطرت إدارة بايدن إلى الإدلاء بصوت واحد يمنع إقامة الدولة الفلسطينية.

ويتلخص الموقف الأمريكي الرسمي في أن الدولة الفلسطينية لا بد أن تتحقق من خلال المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ويرى كاتبا المقال أن هذا الموقف مثير للسخرية بشكل خاص بالنظر إلى أن الولايات المتحدة كانت أول حكومة تعترف بإسرائيل في عام 1948.

ولفتا أن إلى إخفاقات اتفاقيات أوسلو، التي تم التوصل إليها في منتصف التسعينيات، والعقود اللاحقة من الإهمال الدولي، أدت إلى تهميش ما يسمى بالمشكلة الفلسطينية.

لكن المجازر والدمار الذي خلفه الهجوم الإسرائيلي على غزة، ذكّرت العالم بأن أحد صراعاته الأطول أمدًا لن يختفي بطريقة سحرية. والآن، هناك نحو 40 ألف شهيد، وضعف هذا العدد جرحى، وأكثر من مليون نازح على حافة المجاعة. ومع تدمير غزة، واستمرار الحرب، فإن أولئك الذين بقوا على قيد الحياة لم يبق لديهم سوى اليأس العميق والرغبة في الانتقام.

وأكد الكاتبان أن الدولة توفر للفلسطينيين قوة سياسية لا تتجذر في العنف فقط، بل توفر لهم الطريق إلى تقرير المصير بقوة سياسية حقيقية وكرامة، كما أن إقامة الدولة تفتح الباب أمام جيل جديد من القادة الفلسطينيين للمضي قدمًا.

وفي عام 2012، أصبحت فلسطين دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة، ما سمح لها لاحقًا بالانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية والمطالبة بالمحاسبة بموجب القانون الدولي.

والعضوية الكاملة في الهيئة السياسية الأكثر أهمية في العالم ليست حلًا سحريًا، ولكنها ستزود الفلسطينيين بالأدوات الدبلوماسية، التي يفتقرون إليها حاليًا، والتي يمكن أن تصبح حاسمة بمجرد بدء المفاوضات مع إسرائيل.

ولفت المقال إلى الأمر الأكثر إلحاحًا، هو أن إقامة الدولة الكاملة تقاوم محاولات إسرائيل تصوير ما تبقى من البنية التحتية العامة والحياة العامة في غزة على أنها تهديد إرهابي، وهذا يجعل من إقامة الدولة وسيلة أساسية للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار، وإنهاء الحرب، وإدارة إعادة الإعمار في غزة. وهذا هو عكس المحاولات السخيفة لتأطير الدولة باعتبارها "مكافأة للإرهاب"، كما يصورها المتطرفون الإسرائيليون في كثير من الأحيان.

وأقر الوزير المتطرف في حكومة نتنياهو، بتسلئيل سموتريتش، بشكل صارخ في اجتماع عقد مؤخرًا مع قادة المستوطنين، إلى أن الاعتراف المتزايد بالسيادة الفلسطينية في جميع أنحاء العالم يجعل من قيام الدولة الفلسطينية "خطرًا ملموسًا ومتطورًا".

لكن في الحقيقة، فإن الخطر الأعظم الذي يتهدد إسرائيل يتلخص في تخريب نتنياهو المستمر للتطلعات السياسية الفلسطينية، وهي السياسة التي تعمل على تعزيز قوة المتطرفين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإدامة الحرب، وتدمير حياة وسبل عيش أولئك الذين تتظاهر بحمايتهم. كما تعمل بشكل متهور على عزل إسرائيل عن حلفائها الدوليين الأكثر ولاءً، بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وأوضح المقال أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمكنه بالفعل استعادة القيادة الدبلوماسية الأمريكية والمساعدة في إعادة ضبط نفوذها العالمي.

في الواقع، تعمل استراتيجية بايدن الحالية تجاه إسرائيل على تنفير قاعدته التقدمية وتوفير الوقود لخصومه السياسيين. ومن الممكن أن تؤدي خطوة جريئة نحو دعم إقامة الدولة الفلسطينية إلى تقديم الرئيس الأمريكي على أنه يقف على الجانب الصحيح من التاريخ، وسوف يساعده في تأمين المزيد من الدعم السياسي محليًا ودوليًا.

ولفت كاتبا المقال إلى أن من صلاحيات بايدن اقتراح قرار جديد لمجلس الأمن الدولي يعترف بالدولة الفلسطينية، وختما بالقول: "إذا كان بايدن صديقًا حقيقيًا للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، فعليه أن يتحرك الآن.. وهذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، وقد يساعد في إنقاذ حملة إعادة انتخابه".