استمرارًا لتواصل الأجيال، والحفاظ على التراث الغنائي العربي، حرص أبناء وأحفاد مطربي الزمن الجميل، على أن ينقلوا للأجيال الجديدة تراث آبائهم وذويهم بشكل جديد ومختلف، ولم يكتفوا بالأغاني التي نسمعها في الراديو والتلفزيون، أو في حفل قديم يذاع على الإنترنت، بل قرروا أن يكون التراث مشروعًا متواصلًا لا ينقطع، ينتقل من جيل إلى جيل في بلاد مختلفة، وبطرق جديدة.
تراث وديع الصافي
بداية من لبنان، حرص أبناء وديع الصافي، على أن يكونوا صوت والدهم، ونقلوا تاريخه في البلاد المختلفة، وأن يكون موجودًا بين الناس، فقرروا أن يعيدوا تقديم أغانيه بأصواتهم في الحفلات، ولم يكتفوا بهذا الأمر فقط بل يحلمون بالتوثيق الذي لا ينقطع عن الأجيال.
يقول "جورج" نجل المطرب اللبناني الراحل وديع الصافي لموقع "القاهرة الإخبارية": "في كل فرصة نكون قادرين على ذكر سيرة والدنا وتقديم تراثه، سنفعل هذا دون تردد".
وتابع: "حب وديع الصافي لم يقف لدينا فقط، وأحفادنا قدموا فرقة تحمل اسم "الأخوين الصافي"، يتغنون من خلالها بأعمال جدهم ويعرفون أصدقاءهم بما كان يقدمه هذا العملاق، فهم همزة الوصل مع هذا الجيل.
رحلة وديع الصافي الكبيرة لا تتوقف على الأغاني فقط، بل هناك تفاصيل داخل حياته يريد أبناؤه وأحفاده أن ينقلوها لمحبيه؛ ليعرفوا قدر هذا النجم الكبير وكيف كان يعيش حياته قبل الرحيل؛ لذلك يقول "جورج": "هناك مشروع يوثق قصة حياته، ولا نتوقف عند هذا فنحن نخطط لتقديم عدد من أغانيه التي لم تخرج إلى النور قريبًا".
عميد الأغنية النوبية
كذلك اتبع خالد منيب، نجل عميد الأغنية النوبية، أحمد منيب، طريق أبناء وديع الصافي، بتوثيق رحلة والده الكبيرة والذي ساهم في اكتشاف عدد من المطربين من أبرزهم المطرب الكبير محمد منير، حيث قام بتأسيس فرقة موسيقية تحمل اسم "منيب باند"، يقدم من خلالها أعمال الراحل.
وجاءت تلك الخطوة حرصًا من نجل الفنان على إحياء تراث والده وتعريف الناس بالفن النوبي، ويقول لـ موقع "القاهرة الإخبارية": "أحب أن أقدم أغانيه بين الناس وأشعر بسعادة كبيرة وهم يتشاركون الغناء معي أعمال والدي، ولا أكتفي بهذا الأمر فقط بل أقوم بتدريب ومساعدة أصوات شابة، وأسمح لهم بتقديم أغاني والدي على المسارح المختلقة، فهو كان دائمًا حريصًا على اكتشاف المواهب الجديدة ورعايتها".
ويؤكد أنه مازال يحمل حلم والده داخله ولا يتركه وكشف عنه قائلًا: "أتمنى أن يعرف العالم الأغنية النوبية بالشكل الذي يليق بها، وكانت طموحات والدي أن ينتشر ويسمع في كل مكان ويعرف الناس باللهجة النوبية".
محمد عبدالوهاب السيمفونية
أما أبناء وأحفاد موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، فقد سلكوا اتجاهًا مغايرًا عمّن سبقوهم، إذ أودعت أسرته كل متعلقات الراحل في معهد الموسيقى العربية؛ ليكون فرصة للأجيال الجديدة أن يتعرفوا على سيرة "عبد الوهاب" الذي عشقوا أغانيه، وتؤكد ابنته "عصمت" في تصريحات لـ موقع "القاهرة الإخبارية" حول تلك الخطوة: "أودعنا كل مقتنياته منذ أن نشأ المتحف، فهناك سيجد الجمهور عددًا كبيرًا من مقتنيات حصل عليها والدي، وهي فرصة للأجيال الجديدة ليتعرفوا على مطربهم المفضل بشكل أقرب".
ولم يتوقف أبناء وأحفاد الراحل حول تلك النقطة لاستمرار تراثه، إذ اختاروا المايسترو المصري نادر عباسي، ليعيد تقديم أعمال موسيقار الأجيال بتوزيع وشكل جديد دون المساس بهويته، بصحبة 80 عازفًا، من خلال مطربات مصريات منهن ريهام عبدالحكيم، وبالفعل أُقيمت حفلتان في هذا المشروع الذي حمل اسم "عبدالوهاب السيمفونية" وحققتا نجاحًا باهرًا.
حسن الأسمر
رغم أن والده رفض دخوله مجال الفن، إلا أن "هاني" ابن الفنان حسن الأسمر أصر على استكمال مسيرة والده في الغناء، بل قرر إعادة تراث الراحل وتعريف الجيل الجديد من هو المطرب حسن الأسمر، وقام بعمل عدد من الحفلات في المراكز الثقافية والمسارح المختلفة وتغنى بأعمال والده، ولقى الأمر تفاعلًا كبيرًا.