في قمة استثنائية، أجمع القادة والزعماء العرب على أن الشعب الفلسطيني له الحق في عيش حياة كريمة داخل دولته الحرة، مُدينين بأشد العبارات الانتهاكات الإسرائيلية غير المسبوقة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واستخدام سلاح الحصار والتجويع ومحاولات التهجير القسري، وما نتج عنها من قتل وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء.
وطالب القادة خلال أعمال القمة العربية في دورتها العادية الـ33، التي عقدت في العاصمة البحرينية المنامة، خروج قوات الاحتلال الإسرائيلي من جميع مناطق القطاع، ورفع الحصار المفروض عليه، وإزالة جميع المعوقات وفتح جميع المعابر أمام إدخال مساعدات إنسانية كافية لجميع أنحائه، وتمكين منظمات الأمم المتحدة، وخصوصًا وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) من العمل.
حالة عجز
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، الذي أكد أنه يعيش حالة عجز مؤسف بقواه ومؤسساته، أمام حصار شعب بأكمله وتجويعه وترويعه وتشريد أبنائه وتهجيرهم قسريًا واستيطان أراضيهم، لافتًا إلى أن الحرب في غزة مأساة كبرى عنوانها الإمعان في القتل والانتقام، والتاريخ سيتوقف طويلًا أمامها.
وأكد السيسي أن انخراط مصر مع الأشقاء والأصدقاء بصورة مستميتة لإنقاذ المنطقة من السقوط في هاوية عميقة قابلها عدم وجود إرادة سياسية دولية لإنهاء الاحتلال، مطالبًا جميع الأطراف الاختيار بين مسار "السلام والاستقرار والأمل" أو مسار "الفوضى والدمار" الذي يدفع إليه التصعيد العسكري المتواصل في قطاع غزة.
دولة فلسطين
ودعمت البحرين التحركات الكاملة للاعتراف بدولة فلسطين وقبول عضويتها بالأمم المتحدة، وأكد العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أن مصلحة الشعب الفلسطيني تركز على وحدة صفه كهدف منشود، لافتًا إلى أنه في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني تبرز الحاجة لبلورة موقف دولي موحد يعتمد على التضامن لوقف الحروب وإحلال السلام العادل، وشدد على أن خيار السلام في المنطقة استراتيجي لا غنى عنه؛ لتعزيز الاستقرار، مؤكدًا أن منظمة التحرير الفلسطينية تظل هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.
آثار سلبية
من جانبه؛ أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أن المنطقة العربية تشهد واقعًا أليمًا وغير مسبوق، في ظل المأساة التي يعيشها الفلسطينيون، وما تشهده غزة من تدمير سيترك آثارًا سلبية لأجيال قادمة، مشيرًا إلى أن غزة تحتاج إلى سنوات لاستعادة عافيتها، وما تعرضت له سيؤدي إلى مزيد من العنف والصراع، مؤكدًا رفضه لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم وفصل غزة عن الضفة الغربية.
ورأى الملك عبدالله أن تحقيق الأمن والسلام في المنطقة يتطلب تكثيف الجهود لمساندة الحكومة الفلسطينية للقيام بمهامها، وحصول الفلسطينيون على دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية، مشددًا على ضرورة الاستمرار في دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" للقيام بدورها الإنساني وزيادة مخصصاتها المالية.
الاحتلال والسلام
الأمين العام لجامعة الدول العربية، بدوره أكد أن العالم صار مُدركًا لحقيقة باتت ساطعة هو أن الاحتلال والسلام لا يجتمعان، فالاحتلال لا يمكنه الاستدامة سوى بممارسة التطهير العرقي والإمعان في فرض واقعه الغاشم عن طريق السلاح، أما طريق السلام والاستقرار في هذا الإقليم فيقضي منهجًا مختلفًا يقتضي تخلي الاحتلال الإسرائيلي عن أوهام الاحتفاظ بالأرض والسيطرة على البشر ويقتضي الإنهاء الفوري للاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967.
وتميزت تلك القمة، كما يقول الأمين العام عن الكثير من القمم الأخرى، نظرًا لتمتعها بالبساطة والسلاسة دون أي خلافات، بل هيمنت عليها بالكامل القضية الفلسطينية والوضع في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الشعوب العربية لا تنسى العنف الأعمى الذي أظهره الاحتلال الإسرائيلي وهو يستهدف الأطفال والنساء ويطارد المهجرين والمشردين من ملاذ لآخر بالقنابل والرصاص.
الغطاء الأمريكي
قررت فلسطين أمام الرفض الإسرائيلي للسلام ومبادرة السلام العربية، واستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتدمير مؤسسات دولة فلسطين، واعتداءات الاحتلال وإرهاب المستعمرين في الضفة بما فيها القدس، في استكمال تنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير بخصوص العلاقة مع دولة الاحتلال.
وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأشقاء العرب والأصدقاء بمراجعة علاقاتهم أيضا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وربط استمرارها بوقف حربها المفتوحة على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، والعودة لمسار السلام والشرعية الدولية، مشيرًا إلى أن ما يحدث في غزة سببه غطاء ودعم أمريكي يتحدى الشرعية الدولية، وينتهك الأعراف والأخلاق.
القضية المركزية
أكد اليمن موقفه الثابت والمبدئي إلى جانب الشعب الفلسطيني المقاوم والصابر، كما يقول الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الذي شدد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، إذ تبقى هي القضية المركزية الأولى للشعب اليمني، حتى في ظل ظروف الحرب القاهرة التي فرضها الحوثيون بدعم من النظام الإيراني.
وشدد على أن وحدة الفصائل والقوى الفلسطينية كافة تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، هي الضمانة الأمثل لتعزيز الصمود، وتخفيف الكلفة، ومنع المزايدة بأوجاع الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة، لافتًا إلى أن التضامن العربي والدبلوماسية الفعّالة خيار مثالي لمواجهة قوى الاحتلال.