يشهد العالم رغبة من القوى الكبرى للدخول في تحالفات دولية وإقليمية؛ لتقوي من مراكزها الجيوسياسية والاقتصادية، وتُعد العلاقات الصينية العربية مثالًا على التعاون الدولي الذي يتسم بالديناميكية والتطور المستمر.
وتُشير الدراسات إلى أن هذه العلاقات ستشهد تطورات مهمة بحلول عام 2030، مثل زيادة عدد الطلاب العرب في الجامعات الصينية وتزايد حركة الترجمة من العربية إلى الصينية.
من جهة أخرى، تُعتبر مبادرة الحزام والطريق الصينية أفقًا مستقبليًا لهذه العلاقات، إذ وقعت الصين مع 18 دولة عربية اتفاقات للمشاركة في هذه المبادرة.
ومع اقتراب انعقاد المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي سيعقد في الصين نهاية الشهر الجاري، أجرى موقع "القاهرة الإخبارية" حوارًا من شنجهاي مع وانج جوانجدا، الأمين العام لمركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، ليتحدث عن التحديات ومستقبل العلاقات الثنائية بين الجانبين.
* ما توقعاتكم لتطور العلاقات الصينية العربية بحلول عام 2030؟
في عام 2022، اتفق الجانبان الصيني والعربي على المساهمة في بناء مستقبل مشترك، خلال القمة الأولى بين الصين والدول العربية، وعلى تنفيذ ثمانية إجراءات مشتركة بشأن التعاون العملي بين الجانبين والتي طرحت في القمة على نطاق واسع، والتعاون في جميع المجالات قد تقدم بشكل مطرد ومنظم، والآن كلا الجانبين قد وضعا استراتيجية التنمية للعام 2030.
ومن المتوقع، في عام 2030، أن يصبح المجتمعان العربي والصيني أكثر ارتباطًا وتوثيقًا، بفضل الثقة السياسية المتبادلة بين الصين والدول العربية، كما ستتطور التبادلات الاقتصادية والتجارية والاستثمار المتبادل. وفتحت الدول العربية المزيد من الرحلات الجوية المباشرة مع الصين، منها مصر، السعودية، الإمارات، قطر، المغرب وغيرها، وسيصبح التبادل بين كلا الجانبين أكثر كثافة، لأن هناك المزيد من الاتصالات المباشرة، وسوف يحقق المزيد من التقارب بين الشعبين الصيني والعربي.
* كيف يمكن أن تؤثر مبادرة الحزام والطريق على الديناميكيات السياسية والاقتصادية بين الصين والدول العربية؟
مبادرة الحزام والطريق ليست للصين بمفردها، ولكن سيمفونية من مختلف البلدان. لقد شهدنا تطورًا كبيرًا على مدى السنوات الـ 11 الماضية، كما أن مبادرة الحزام والطريق تربط الشعبين الصيني والعربي، مما عزز الثقة السياسية والاستراتيجية المتبادلة بين الصين والدول العربية، وحقق التعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية نتائج مفيدة للجانبين، على سبيل المثال، العاصمة الإدارية الجديدة في القاهرة هي خير شاهد على ذلك.
* ما هي الفرص والتحديات التي قد تواجهها الشراكة الصينية العربية في المستقبل؟
إن فرص الشراكة الصينية العربية أكثر بكثير من التحديات. وهذا يعتمد على محبة وصداقة الشعبين الصيني والعربي والتي تمتد منذ آلاف السنين، والتكامل الاقتصادي بين الصين والدول العربية، فضلًا عن هوية مشتركة من البلدان النامية. فالصين لديها مجموعة كاملة من التصنيفات الصناعية، واستكشاف وسيلة مناسبة "للتحديث الصيني النمط"، والآن للتصنيع والتحديث في البلدان العربية هي فرص كبيرة، لأن تجربة الصين أكثر ملاءمة للبلدان العربية.
وعلى سبيل المثال، التعاون في مجال الطاقة، والتنمية الخضراء، والسيارات الكهربائية، والترابط والتواصل والتبادل الثقافي.
وبالحديث عن التحديات في التعاون بين الصين والدول العربية:
أولا، مواجهة التدخلات الغربية، مثل أن بعض الدول الغربية تطالب الدول العربية بالانسحاب من نظام الاتصالات "هواوي الصين"، لكن في الواقع، منتجات الاتصالات الصينية متقدمة وآمنة ورخيصة وذات جودة عالية.
ثانيًا، العلاقات بين الصين والدول العربية هي أيضًا مشوهة من قبل وسائل الإعلام الغربية، مما يجعلنا نفهم بعضنا البعض بشكل خاطئ في كثير من الأحيان، لذلك نحن بحاجة إلى زيادة الحوار المباشر، دون تدخل أطراف ثالثة.
* كيف يمكن أن تسهم الزيادة في عدد الطلاب العرب بالجامعات الصينية في تعزيز العلاقات الثقافية بين الجانبين؟
صحيح أن عدد الطلاب العرب في الجامعات الصينية في تزايد سنة بعد سنة، وهم سفراء الصداقة بين الصين والدول العربية، تحمل المسؤولية التاريخية عن بناء مستقبل مشترك بين المجتمع الصيني والعربي، وتحمل مهمة كبيرة في توريث الصداقة بين الصين والدول العربية في الألفية الجديدة.
إن الطلاب العرب يدرسون اللغة الصينية والترجمة، والعلوم والتكنولوجيا، والتجارة والتمويل، وما إلى ذلك من خلال "التعلم الغامر" في الصين، مما عمّق فهمهم للثقافة الصينية والحضارة الصينية، الأمر الذي عزّز على نحو أفضل التفاهم بين الشعبين الصيني والعربي، ودفع التبادلات الثقافية والتعاون بين البلدين إلى مستوى أعلى.
* كيف يمكن للتعاون في مجال الطاقة أن يعزز العلاقات الصينية العربية؟
التعاون في مجال الطاقة هو عنصر مهم من عناصر التعاون بين الصين والدول العربية، وذلك أساسًا لأن التعاون في مجال الطاقة بين الصين والدول العربية يكمل كل منهما الآخر. وبالحديث عن التعاون في مجال الطاقة التقليدية، فالصين والدول العربية هم أكبر موردي النفط والغاز الطبيعي وأكبر المستهلكين على حدٍ سواء.
* ما دور "مبدأ الصين الواحدة" في تشكيل مستقبل العلاقات الصينية العربية؟
"مبدأ الصين الواحدة" تشكل في النضال العادل للشعب الصيني؛ من أجل الدفاع عن سيادة الصين وسلامة أراضيها، التي لها أساس واقعي وقانوني لا يتزعزع. كما أنه توافق واسع في الآراء في المجتمع الدولي، وهو أيضًا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2758 لتأكيد معايير العلاقات الدولية.
ويعد "مبدأ الصين الواحدة" هو المبدأ الأساسي الذي تقوم به الحكومة الصينية في العمل الدبلوماسي، وهو شرط مسبق لإقامة علاقات دبلوماسية بين الصين والبلدان الأخرى في العالم، وهو أيضًا أساس العلاقات الصينية العربية.
ونشكر الدول العربية على دعمها الدائم لمبدأ الصين الواحدة، ونعتبر هذا المبدأ جزءًا من المصالح الأساسية والشواغل الرئيسية لكلا الجانبين الصيني والعربي.