منذ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وانتشارها بين الأطفال والشباب، وتؤكد الدراسات أنها ستؤدي لعالم غير اجتماعي، ويفقد التواصل الحقيقي بين البشر، لكن دراسة أخيرة خالفت كل المعروف وكانت نتائجها مفاجئة، بعدما أكدت أن الأطفال والشباب الذين يستخدمون هذه منصات التواصل الاجتماعي أكثر من غيرهم، في الواقع، نشاطًا في العالم الحقيقي!
اتضح أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الناشطين يقضون وقتًا أطول في التفاعل مع أصدقائهم والآخرين مقارنة بأولئك الذين يميلون إلى الحد من وقت استخدامهم للشاشات.
يتواصلون أكثر من غيرهم
وقال البروفيسور سيلجي شتاينسبيك، من قسم علم النفس بالجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا، في بيان إعلامي: "على العكس المعروف، نجد أن الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي كثيرًا يقضون وقتًا أطول مع الأصدقاء خارج الإنترنت".
وتأتي النتائج التي حطمت الصور النمطية، التي نشرت في مجلةComputers in Human Behavior، ضمن مشروع طويل الأمد يسمى دراسة تروندهايم المبكرة الآمنة.
وجمع الباحثون معلومات من نحو 800 طفل وشاب عندما كانت أعمارهم 10 و12 و14 و16 و18 عامًا. وشمل ذلك مقابلات حول استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي من سنة إلى أخرى.
كان الهدف معرفة ما إذا كان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يؤثر على المهارات الاجتماعية الشاملة للشاب وهل تؤثر المنصات على مقدار الوقت الذي يقضيه الأطفال مع أصدقائهم في العالم الحقيقي، وليس فقط المراسلة معهم من المنزل.
واندهش الفريق الذي لاحظ أن المشاركين الذين يستخدمون هذه المنصات بشكل متكرر لم يتعرضوا لتآكل مهاراتهم الاجتماعية. وذكر الباحثون في جامعةNTNU أن هذه نتيجة مهمة، لأن التفاعل الاجتماعي مع الأصدقاء مهم للصحة العقلية للجميع، بغض النظر عن العمر.
وقال شتاينسبيك: "تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي ساحة جديدة للتفاعل، وجادل بعض الأشخاص بأن استخدامها يمنع تطور المهارات الاجتماعية، بينما ذكر آخرون عكس ذلك قائلين إن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تعزز المهارات الاجتماعية. ولم نجد أي دليل يدعم أحدهما أو الآخر".
الخطر مستمر
ولاحظ مؤلفو الدراسة أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تزال تمثل مشكلة بالنسبة لأولئك الذين يتعاملون مع قضايا القلق الاجتماعي، إذ اكتشف الفريق وجود صلة ببين الأطفال الذين يعانون القلق الاجتماعي الذين يفرطون في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتنمية المهارات الاجتماعية الضعيفة.
وذكر شتاينسبيك: "كانت هذه العلاقة ضعيفة، لذلك نحن مترددون في استخلاص استنتاجات قوية حتى يتم إجراء المزيد من الأبحاث لمزيد من التحقيق في هذا الأمر".
ويضيف الباحثون أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون سلاحًا ذا حدين. من ناحية، وجدت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون القلق يجدون أنه من الأسهل التواصل مع الآخرين عبر الإنترنت، حيث إن المحادثة الشخصية يمكن أن تكون مخيفة ومربكة. ومع ذلك، تظهر دراسات أخرى (بما في ذلك هذه الدراسة) أن الشباب الذين يعانون القلق هم أكثر عرضة لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي وإساءة استخدامها.
على الرغم من المخاطر التي يتعرض لها البعض، يقول فريق جامعة NTNU إن النتائج التي توصلوا إليها تدحض الاعتقاد بأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يحول الشباب إلى منعزلين غير اجتماعيين.
وذكروا أن استخدامهم المتكرر للمنصات الاجتماعية قد يمنحهم في الواقع المزيد من الفرص للتواصل مع الأصدقاء القدامى والجدد وإنشاء فرص للخروج والتواصل الاجتماعي في الهواء الطلق.
وقال شتاينسبيك: "تمثل وسائل التواصل الاجتماعي مشهدًا اجتماعيًا جديدًا يقضي فيه الأطفال والشباب الكثير من الوقت، ونحن بحاجة إلى معرفة كيفية تأثيرها عليهم. لا تدعم نتائج هذه الدراسة الافتراض القائل بأن زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي إلى قضاء وقت أقل مع الأصدقاء. ونأمل أن تساعد النتائج في تقليل مخاوف الآباء إلى حد ما".