في خطوة من المتوقع أن تثير جدلًا واسعًا، تسعى حكومة أوكرانيا لممارسة ضغوط على مواطنيها المقيمين في الخارج للعودة إلى البلاد والانخراط في الجيش؛ من أجل خوض المعارك ضد روسيا، وفقًا لما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
تعليق الخدمات القنصلية
في إطار محاولاتها لتنفيذ حملة تجنيد واسعة النطاق، علقت وزارة الخارجية الأوكرانية تقديم الخدمات القنصلية للمغتربين، تمهيدًا لإصلاح جذري في قوانين التجنيد سيدخل حيز التنفيذ خلال الشهر الجاري، إذ كما أشارت الصحيفة الأمريكية، فإنه بموجب القواعد الجديدة، سيُطلب من الأوكرانيين المؤهلين للخدمة العسكرية الإلزامية تقديم بياناتهم الشخصية إلى مراكز التجنيد، حيث ستصبح الوثائق التي سيحصلون عليها ضرورية لإجراء معظم المعاملات القانونية.
مشاعر سلبية للمغتربين
استطلعت الصحيفة آراء عدد من الأوكرانيين المقيمين في دول غربية، والذين أبدوا مشاعر سلبية تجاه السياسة الجديدة، إذ يشعرون أنها تعاملهم كخونة ومحتملين للتجنيد القسري.
قال "ألكسندر"، الذي يقيم في النمسا منذ فترة سابقة لاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، إن تعليق الخدمات القنصلية "بمثابة إجراء انتقامي، "سنقبض عليكم الآن، لنجعلكم تشعرون بالسوء، ونعاقبكم".
من جهته، قال "فاسيلي" المقيم في ألمانيا "لن تدمر روسيا أوكرانيا بمفردها، حتى يساعدها الأوكرانيون على ذلك". وأضاف أن كييف "أحرقت جسورًا ببساطة مع الكثيرين ممن تنحصر حياتهم في حقيبة، بما في ذلك النساء والأطفال".
قال "فايلي" -أوكراني مقيم في بولندا- لصحيفة "واشنطن بوست": "أشعر وكأن البلد الذي أحبه وأعتز به يتصرف كمراهق ناضج غاضب".
وأضاف "لقد وضعت نفسي دائمًا، وسأستمر في وضع نفسي، كأوكراني في جميع المواقف، لكن إذا اعتبرتني الدولة خائنًا، فعليّ أن أعترف أن هذا الشعور ليس لطيفًا بالنسبة لي في الوقت الراهن".
تصحيح وضع غير عادل
برر وزير الخارجية الأوكراني، دميتري كوليبا، الأمر بالقول إنه ضروري لتصحيح وضع غير عادل، حيث يتجنب البعض ممن هم مؤهلون للخدمة العسكرية التجنيد عن طريق البقاء في الخارج. وادعى أن أولئك الذين يتجاهلون واجبهم في القتال من أجل بلادهم لا يستحقون الحصول على أي شيء منها.
انتقادات واسعة للسياسة
في حين تواجه سياسة كييف الجديدة انتقادات واسعة من المغتربين الأوكرانيين، تبدو الحكومة عازمة على المضي قدمًا في خططها لفرض التجنيد الإلزامي على جميع الرجال القادرين على حمل السلاح، بغض النظر عن أماكن إقامتهم. ويرى محللون بحسب ما تُشير "واشنطن بوست" أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصعيد التوترات بين كييف وجالياتها في الخارج، في وقت تحتاج فيه أوكرانيا إلى تضافر جهود جميع مواطنيها لمواجهة الحرب المستمرة مع روسيا.
من جانبها، تتمسك الحكومة الأوكرانية بموقفها القائل إن التجنيد العام أمر حيوي لاستمرار المقاومة ضد القوات الروسية، ولا يمكن السماح لأي مواطن بالتهرب من هذا الواجب الوطني، كما تُشير إلى أن العديد من الدول الأوروبية، سبق لها أن فرضت قوانين تجنيد مشابهة في أوقات الحروب والأزمات.