تصاعدت التحذيرات الأوكرانية على مدار الأيام الماضية، عن وجود تحضيرات روسية لشن هجوم عسكري واسع النطاق مع بداية العام الجديد في عموم الأراضي الأوكرانية.
وأطلق التحذيرات وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، وقائد الجيش وكبار ضباطه، منوهين إلى أن الهجوم سيشمل هذه المرة العاصمة كييف، ومدن شمالية من البلاد، كما توقعوا بدء الهجوم المفترض خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجديدة، بمناسبة دخول الحرب العام الثاني، فبراير المقبل، ومع بدء أولى العمليات العسكرية الروسية على العاصمة كييف.
في المقابل، أعلن الجيش الأوكراني، اليوم السبت، حالة التأهب الجوي في عموم البلاد، محذرًا من موجة هجمات روسية جديدة بعد القصف الصاروخي الذي استهدف، الجمعة الماضي، عدة مدن ومناطق أوكرانية، ووصف بأنه "الأوسع والأعنف" منذ بدء الحرب. في حين قال الكرملين إن الرئيس فلاديمير بوتين طلب من قادته العسكريين مقترحات بشأن سير العملية العسكرية في أوكرانيا.
ودعا حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى عدم التقليل من شأن روسيا، كونها تخطط لعملية عسكرية طويلة، مؤكدًا أن النزاع في أوكرانيا قد يستمر لفترة طويلة، لكنه سينتهي لا محالة على طاولة المفاوضات.
في سياق متصل، أوردت وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء -نقلًا عن مصادر مطلعة- أن القوات المسلحة الروسية تسلمت دفعة جديدة من منظومات استطلاع المدفعية الصوتية -المعروفة باسم "بنسلين" (Penicillin)- التي أكدت أنها أظهرت كفاءة عالية خلال المعارك.
وحسب المصادر ذاتها، فإن منظومات بنسلين تكتشف بشكل فعّال مواقع مدفعية القوات الأوكرانية، وتحدد إحداثياتها، لتدميرها بشكل فوري.
تفاصيل التحذير
نقلت صحيفة "الإيكونوميست" عن قائد الجيش الأوكراني، فاليري زالوجني، الذي توقع أن تشن موسكو هجومًا جديدًا على كييف في الأشهر الأولى من عام 2023، بعد شهور من تركز القتال بشرق البلاد وجنوبها.
وأضاف "زالوجني" في حديثه للصحيفة البريطانية: "مهمة استراتيجية شديدة الأهمية بالنسبة لنا وهي إنشاء احتياطيات والاستعداد للحرب التي يمكن أن تحدث في فبراير، وفي أقصى الأحوال في مارس، ويمكن أن تكون في نهاية يناير".
وفق التحذيرات الأوكرانية يرى خبراء أن توالي هذه التحذيرات غالبًا ما يكون نتيجة معلومات دقيقة تتعلق بما يحدث على الأرض من تحركات عسكرية، معتبرين أن الروس فعلًا بصدد تكثيف حملتهم العسكرية، المتعثرة والمتواصلة منذ 10 أشهر، والتوجه إلى تكتيكات عسكرية جديدة يعتمد فيها على آليات وربما أسلحة من نوع جديد.
من جهة أخرى، نقلت "الإيكونوميست" عن خبراء عسكريين، أوضحوا أن التصريحات الأوكرانية تندرج في سياق حشد الدعم الغربي لكييف، وأنها لا تعكس بالضرورة حقيقة الموقف، مشيرين إلى صعوبة إقدام موسكو على فتح جبهة كييف مرة أخرى، خاصة في ظل ما تواجهه من مقاومة أوكرانية، والتي يرون أنها تركز على ضم منطقة دونباس شرقي أوكرانيا ومعها مناطق أخرى في الجنوب الأوكراني.
جبهه بيلاروسيا
وفي تصريحات لصحيفة "ديلي إكسبريس"، قال الميجور - جنرال، أندري كوفالتشوك، عضو بالجيش الأوكراني، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يأمر ملايين الجنود بالانخراط في الحرب مع تعثر الهجوم الروسي في مواجهة المقاومة الأوكرانية الشرسة.
وأضاف "كوفالتشوك" في تصريحات للصحيفة البريطانية: "ستكون القوات المسلحة الأوكرانية جاهزة، حتى لمحاربة ملايين الروس، لكننا سنحتاج إلى المزيد من الدعم الفتاك من الحلفاء الغربيين، بما في ذلك الذخائر العنقودية (نوع من الأسلحة حظرته العديد من الدول بما فيها المملكة المتحدة)".
وحذّر المتحدث من قتال عنيف للغاية لم تشهده القوات الأوكرانية بعد، لافتًا إلى احتمال فتح القوات الروسية جبهة جديدة في الحدود الشمالية لأوكرانيا، أي عبر بيلاروسيا، لاستهداف كييف.
وأشار "كوفالتشوك" إلى احتمال أن يأمر الرئيس الروسي بتعبئة كاملة في روسيا، الأمر الذي سيؤمّن ملايين الرجال لإرسالهم إلى القتال.
وفيما يتعلق بما إذا كانت أوكرانيا ستكون قادرة على التعامل مع مثل هذه القوة الكبيرة، قال كوفالتشوك: "إذا قام بوتين بالتعبئة الكاملة، فإنه يجب على شركائنا أن يكونوا على استعداد لتزويدنا بكل القوة والوسائل لوقف جيش حتى ولو كان تعداده مليونًا".
المزيد من الأسلحة
رغم موافقة الولايات المتحدة بإرسال سلاحها الأقوى منظومة باتريوت إلى أوكرانيا، إلا أن كييف أوضحت أنها تستلزم مزيدًا من الأسلحة لصد الهجوم الروسي المرتقب.
وهذا ما أكده "كوفالتشوك"، في حديثه الصحفي، حيث أوضح أنه من الضروري أن تصبح الأسلحة الغربية التي ترسل لأوكرانيا أكثر فتكًا حتى تصد أي هجوم روسي كبير، مضيفًا أن قوات كييف بحاجة إلى مزيد من الأسلحة الجماعية مثل المدافع الرشاشة والذخيرة العنقودية للمساعدة في العمليات الأوكرانية.
وأضاف كوفالتشوك، أن الجزء الشمالي للعاصمة الأوكرانية يجب أن يتوافر فيه عدد من الأسلحة أهمها دبابات وطائرات ونظام دفاع جوي موثوق وفعال بنسبة 95% على الأقل.
من جهة أخرى أوضح القائد العسكري عن عملية قواته لاستعادة مساحات شاسعة من الأراضي على الجانب الغربي من نهر دنيبرو في الجنوب، بما في ذلك العاصمة الإقليمية خيرسون في 11 نوفمبر، وقال إن الهدف النهائي كان تدمير جميع الجنود الروس على الضفة الغربية للنهر، ومع ذلك، فإن نقص الذخيرة جعل الروس في النهاية قادرين على التراجع.
وأضاف الهجوم المضاد كان ناجحًا بنسبة 50 إلى 60% فقط، والقوات الروسية تحركت منذ ذلك الحين لمحاربة المواقع الأوكرانية في الشرق، وما زالت قادرة أيضًا على شن ضربات مدفعية على الجانب الغربي من النهر.
3 أسلحة لنهاية الحرب
في هذا السياق نقلت مجلة نيوزويك (Newsweek) عن الخبير العسكري البريطاني فرانك لدويدج، الذي خدم في البلقان وأفغانستان والعراق، نوعية الأسلحة التي يمكن أن تساعد أوكرانيا في صد الهجوم الروسي، وربما نهاية الحرب بصورة سريعة.
وأوضح "لدويدج" أنه يجب أن يقدم الغرب مجموعة من الأسلحة والمنظومات الدفاعية لوقف أي زحف روسي جديد، ومن أهمها مركبات مدرعة إضافية ودبابات، وهذا سيساعد قوات كييف على هزيمة روسيا في وقت ليس بطويل، مؤكدًا على أهمية أن تكون المركبات المدرعة مصاحبة للدبابات في عملية مشتركة، "وإلا فإنك ستواجه نفس المشكلة التي دخل فيها الروس بدباباتهم".
وبالإضافة إلى ذلك، أكد الخبير العسكري، أن السلاح الآخر الذي طلبه الأوكرانيون هو أنظمة الصواريخ بعيدة المدى، مثل نظام الصواريخ التكتيكية للجيش، أو ATACMS، التي ستتيح لهم ضرب شبه جزيرة القرم وطرد القوات البحرية الروسية منها لأنهم سيتعرضون للهجوم طوال الوقت، أو على الأقل سيكونون معرضين للتهديد بالهجوم طوال الوقت.
أما السلاح الأقوى والأهم من سلسلة الأسلحة التي اقترحها الخبير البريطاني، فهو القوة الجوية المتمثلة في المقاتلات، لأن الكثير من المساعدات العسكرية لكييف الأشهر الماضية ركزت على القوات البرية والدفاع الجوي، التي سيكون توفير المزيد منها ضروريًا للقوات الجوية الأوكرانية لهزيمة الروس.
وشدد "لدويدج" على أهمية إعادة تسليح أوكرانيا بالمقاتلات الغربية، إما الأمريكية إف-16 أو السويدية Saab Gripe، حيث يمكن لهذه المقاتلات أن تُحدث فرقًا بين إنهاء الحرب أو استمرار الصراع.