على وقع واحدة من أكبر الإخفاقات الاستخباراتية في تاريخ إسرائيل الحديث، استقال اللواء أهارون حاليفا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية من منصبه، مُتحملًا المسؤولية الكاملة عن عدم قدرة الجهاز المعلوماتي على التنبؤ بهجوم "طوفان الأقصى"، الذي شنته الفصائل الفلسطينية 7 أكتوبر الماضي.
وفي خطوة نادرة من نوعها، اعترف حاليفا علنًا بإخفاق جهازه في الوفاء بمهمته الأساسية، مطالبًا بإجراء تحقيق شامل لكشف جذور هذا الإخفاق الاستخباراتي الفادح الذي أسفر عن حرب مدمرة، وسط انتقادات لاذعة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي وتساؤلات حول سياسات صنع القرار الأمني في تل أبيب.
اعتراف مسبق بالذنب
لم يكن اعتراف رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بالذنب بالأمر الجديد، إذ تشير صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إلى أنه سبق له وتحمل المسؤولية عن الإخفاقات الاستخباراتية التي مهدت الطريق للهجوم بعد 10 أيام فقط من تنفيذه.
في ذلك الوقت، قال: "لم نفِ بمهمتنا الأكثر أهمية، وبصفتي رئيسًا لشعبة الاستخبارات أتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الإخفاق".
وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يستقيل حاليفا وقادة عسكريون وأمنيون آخرون، ردًا على الإخفاقات التي أدت إلى هجوم 7 أكتوبر، بحسب ما أشارت شبكة "أن بي أر" الأمريكية.
وخلال تعليقها على الاستقالة، قالت الشبكة الأمريكية إن توقيت الاستقالات لم يكن واضحًا، لأن إسرائيل لا تزال تخوض حربًا في قطاع غزة وتقاتل على جبهات أخرى، فضلًا عن وصول التوترات مع إيران إلى ذروتها خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وأشار بعض الخبراء العسكريين لـ"أن بي أر" إلى أن الاستقالة في وقت تخوض فيه إسرائيل معارك على جبهات متعددة، تعد أمرا غير مسؤول ويمكن أن يُفسر على أنه إشارة ضعف.
إخفاق شعبة الاستخبارات
في رسالة وجهها حاليفا لرئيس أركان جيش الاحتلال، هيرتسي هاليفي، اعترف بإخفاقه وجهازه في الوفاء بمهمته الأساسية، قائلًا: "إلى جانب السلطة، تأتي مسؤولية ثقيلة، شعبة الاستخبارات تحت قيادتي لم ترقَ إلى مستوى مهمّتها".
وأشار إلى أنه سيحمل معه إلى الأبد آلام الحرب، التي جرت بسبب ذلك الإخفاق الاستخباراتي الفادح.
تحقيق شامل لكشف جذور الإخفاقات
في خطابه، دعا حاليفا إلى إجراء تحقيق شامل لكشف جذور الإخفاقات التي أدت إلى الهجوم المفاجئ، مؤكدًا أن من حق الإسرائيليين معرفة الحقيقة، مؤكدًا ضرورة استخلاص العبر والدروس من هذا الإخفاق الكارثي حتى لا تتكرر مثل هذه الأحداث المأساوية مستقبلًا.
إشارات ضعيفة
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تفاصيل جديدة عن وجود "إشارات ضعيفة" مسبقًا وصلت الجهات الأمنية الإسرائيلية في ليلة 6 - 7 أكتوبر 2023، مفادها احتمال حدوث شيء على حدود قطاع غزة.
لكن قيادة جيش الاحتلال آنذاك اكتفت بالتشاور على مستوى رفيع دون إشراك حاليفا أو الخبراء المعنيين بشؤون غزة، في قرار يثير العديد من علامات الاستفهام حول سياسات صنع القرار الأمني في إسرائيل.
قبل باللوم وآخرون لم يقبلوا
وتشير صحيفة "الجارديان" البريطانية، إلى أنه على الرغم من أن حاليفا وآخرين قبلوا اللوم على فشلهم في وقف الهجوم، بما في ذلك رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" ورئيس أركان جيش الاحتلال، إلا أن آخرين لم يقبلوا باللوم، أبرزهم بنيامين نتنياهو، الذي قال إنه سيجيب على أسئلة صعبة حول دوره، لكنه لم يعترف صراحة بمسؤوليته عن الهجوم.