سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية، الضوء على استمرار اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، رغم العقوبات الأمريكية والأوروبية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الهجمات التي شنها المستوطنون المدججون بالسلاح، في وقت سابق من أبريل الجارى، على قرى بيتين ودوما والمغير وبلدة عقربة بالضفة الغربية المحتلة، تسببت في استشهاد وإصابة العشرات من سكان تلك القرى، من بينهم فتاة تبلغ من العمر 17 عامًا، أصيبت في ساقيها.
وخلال الاعتداءات الأخيرة على القرى الفلسطينية، أغلق المستوطنون المسلحون، الطرق، وأحرقوا 60 منزلًا وشركة وأكثر من 100 سيارة، وسرقة مئات الأغنام، وفق ما نقلت الصحيفة عن الجماعات الحقوقية.
ورصدت الصحيفة حجم الدمار الذي خلفته هجمات المستوطنين على قريتى المغير وبيتين، إذ كان الفلسطينيون يقومون بتنظيف السخام والدخان من المنازل المدمرة واستخدام رافعة شوكية لإزالة المركبات المحترقة، وكان العديد من الرجال الذين حاولوا صد هجمات المستوطنين، يعرجون جراء إصابتهم بجروح ناجمة عن طلقات نارية، وأصيب الأطفال بصدمات نفسية.
وقالت رانيا البالغة من العمر 24 عامًا، التي أحرق المستوطنون منزل أسرتها في بيتين: "ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه، أين نذهب؟.. لا يوجد مكان آمن من المستوطنين".
وذكرت "الجارديان" أن عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، ليس ظاهرة جديدة، مشيرة إلى أن التحول المتزايد نحو اليمين المتطرف في السياسة الإسرائيلية، أدى إلى تفاقم عمليات الاستيلاء على الأراضي والهجمات العنيفة من قبل المستوطنين، التي تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على ترك منازلهم على مدى السنوات القليلة الماضية.
وقالت الصحيفة، إن انتخاب شخصيات يمينية متطرفة بارزة من حركة الاستيطان لمناصب حكومية إسرائيلية في نهاية 2022، كان بمثابة نقطة تحول، سرعان ما تجلت في هجوم غير مسبوق على بلدة حوارة، فبراير 2023.
وأضافت، أنه منذ 7 أكتوبر الماضي، اشتد عنف المستوطنين في جميع أنحاء الضفة الغربية، ما أدى إلى تهجير قرى بأكملها للمرة الأولى، وتزامن هذا مع مداهمات نفذها جيش الاحتلال لجنين ونابلس وطولكرم كل ليلة تقريبًا.
ولفتت إلى استشهاد نحو 466 فلسطينيًا في الضفة الغربية، خلال الأشهر الستة الماضية، بنيران المستوطنين وقوات الاحتلال.
وذكرت "الجارديان" أن المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية أصبحوا أفضل تنظيمًا وتسليحًا، ويعملون بأعداد أكبر من أي وقت مضى، إلى الحد الذي أصبحوا فيه الآن أشبه بميليشيات الأمر الواقع التي تعمل في ظل حصانة شبه تامة.
ولفتت الصحيفة إلى أن 3% فقط من ملفات الشرطة المفتوحة بخصوص عنف المستوطنين منذ عام 2005 انتهت بالإدانة؛ والعديد من هؤلاء الجناة أنفسهم يحملون الآن بنادق آلية من طراز "إم 16" في أعقاب القرار الذي اتخذه إيتمار بن جفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتخفيف القيود المفروضة على تصاريح الأسلحة للمستوطنين في أعقاب أحداث 7 أكتوبر.
وفي الأشهر الستة الماضية، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على الأفراد المتورطين في عنف المستوطنين ومصادر التمويل والدعم المؤيدة للاستيطان، وهو توبيخ لشخصيات حكومية مثل بن جفير.
وفي بيتين، استشهد الشاب عمر، البالغ من العمر 17 عامًا، إثر إصابته برصاصة في رأسه على يد مستوطنين، في الهجمات الأخيرة. وكان عمر يلعب ألعاب الفيديو في منزل عمته عندما بدأ المستوطنون بمحاصرة مداخل القرية، وتوجه عمر مع نحو 20 من الشباب إلى الطريق الرئيسي المؤدي إلى بيتين في محاولة لمنع نحو 50 مستوطنًا من الدخول.
ويوجد 700 ألف مستوطن في الضفة الغربة المحتلة والقدس الشرقية، ويُنظر إلى المجتمعات الاستيطانية على أنها غير قانونية بموجب القانون الدولي، وواحدة من أكبر العقبات أمام حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ 76 عامًا.