الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران.. بوابة للتصعيد أم لحفظ ماء الوجه؟

  • مشاركة :
post-title
المواجهة بين إيران وإسرائيل - تعبيرية

القاهرة الإخبارية - محمو د غراب

تدفع إسرائيل وإيران الشرق الأوسط إلى عصر جديد خطير، من خلال محو المحرمات التي تمنع توجيه ضربات عسكرية علنية إلى أراضي كل منهما، وفق ما ذكر تحليل نشره الموقع الإلكتروني لشبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية.

ويتساءل التحليل الذي أعده ستيفن كولينسون، وهو أحد كبار المراسلين في "سي. إن. إن بوليتيكس"، ما إذا كانت ضرورات كل جانب لإظهار الردع وحفظ ماء الوجه قد تم تلبيتها، أو ما إذا كان العدوان دخلا في دورة جديدة من التصعيد، الذي قد يجعل الأزمة أكثر خطورة.

ويقول معد التحليل، إن الأهم من ذلك، أن الكرة أصبحت في ملعب إيران بعد أن شنت إسرائيل ضربات بالقرب من مدينة أصفهان في وقت مبكر من أمس الجمعة. وتشير التقارير الأولية إلى أن الإجراء كان محدودًا، ووفقا لمسؤولين أمريكيين، لم يستهدف المواقع النووية الإيرانية في المنطقة.

وبدلًا من ذلك، ربما كان المقصود منه إظهار القدرة الإسرائيلية على اختراق عمق إيران في أعقاب الهجوم بالصواريخ والمسيرات غير المسبوق، الذي شنته طهران على إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي، والذي تم إحباطه إلى حد كبير.

ومع ذلك، وفق التحليل، فإن حقيقة أن إسرائيل اختارت هدفًا داخل إيران بدلًا من حصر ردّها على وكلاء إيران في سوريا أو العراق، على سبيل المثال، تزيد من حجم المواجهة بشكل كبير، وتزيد من احتمال خروج المواجهة بسرعة عن نطاق السيطرة.

ولفت التحليل إلى أن الهجوم الإيراني تم صده إلى حد كبير من قبل الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية والأمريكية وحلفائها، وجاء في أعقاب غارة إسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق، والتي أسفرت عن مقتل اثنين من كبار ضباط الحرس الثوري.

وفي أحدث تطور للأزمة، بدا أن الضربات الإسرائيلية تحاول إظهار قدرتها على التهرب من الدفاعات الإيرانية متى شاءت، وأنها على مقربة من المنشآت النووية الإيرانية، في حين أنها لا تخلق وضعًا من شأنه أن يجبر إيران على الرد بقوة، وتصعيد آخر قد يدفع الخصمين نحو حرب شاملة.

وأوضح التحليل أن الخطر في محاولة اجتياز هذا المسار الضيق، هو أن المنطقة أصبحت على حافة الهاوية بعد مرور أكثر من ستة أشهر على الحرب على غزة، وأن التوترات السياسية حادة للغاية داخل كلا البلدين، بحيث يصعب على كل جانب أن يقيّم بدقة كيف سيتعامل الطرف الآخر مع الأمر.

وقبل ساعات من الضربات الإسرائيلية، على سبيل المثال، حذرت إيران من أن أي هجوم إسرائيلي سيقابل برد قوي، وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لـ"سي إن إن" إن مثل هذا الإجراء سيكون "فوريًا وعلى أقصى مستوى".

ومع ذلك، ظهرت مؤشرات مبكرة، أمس الجمعة، على أن إيران مستعدة لإنهاء هذه المرحلة المحددة من التصعيد دون الصعود لدرجة أخرى على سلم المواجهة، وأن إسرائيل -رغم رفضها الدعوات الدولية لضبط النفس- ربما لا تزال تتقبل المخاوف الأمريكية والغربية بشأن إمكانية إشعال حرب إقليمية كبرى.

وقللت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية والمسؤولون الحكوميون من أهمية الهجوم الذي وقع أمس الجمعة. ونقلت "سي إن إن" عن مصدر مطلع على ردّ فعل إيران المحتمل على ضربة الجمعة، إن الضربات المباشرة بين البلدين العدوين "انتهت".

وحسب التحليل، لم يكن الخطر يتمثل في نشوب حرب نووية في هذه الحالة، بل في التحول نحو صراع تقليدي كبير كان من الممكن أن يستهلك المنطقة بأكملها، ويقتل العديد من الإيرانيين والإسرائيليين وشعوب الدول المجاورة. وفي الوضع الراهن، لم تضطر إيران أو إسرائيل إلى التراجع المهين، وربما يكون هذا هو المفتاح لاحتواء الموقف.

ولفت التحليل إلى أن إسرائيل، على الرغم من قوتها العسكرية، إلا أنها في موقف ضعيف للغاية، وهي الآن تقاتل على ثلاث جبهات، حماس في غزة؛ وحزب الله، في صراع محتدم على الحدود اللبنانية؛ ومباشرة ضد إيران نفسها.

وشدد التحليل على أن التهديد الذي يمثله حزب الله لإسرائيل، حاد بشكل خاص، لأن الجماعة تمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ التي يمكن أن تسبب مذبحة في المدن الإسرائيلية أكبر بكثير من التهديد الذي شكلته صواريخ حماس.

ومن المؤكد أن دخول حزب الله على نطاق واسع إلى الصراع لدعم إيران سيؤدي إلى رد فعل إسرائيلي واسع النطاق، وهذا من شأنه أن يعيد الحرب إلى لبنان.

ولفت التحليل إلى أن أحداث الأيام القليلة الماضية تعني أنه "حتى لو لم تنزلق المنطقة إلى حرب واسعة النطاق على الفور، فإن الافتراضات السابقة بأن إيران لن تهاجم إسرائيل أبدًا بشكل علني، وأن إسرائيل لن تضرب الأراضي الإيرانية، قد تحطمت".

ونقلت "سي إن إن" عن آرون ديفيد ميلر، مفاوض السلام الأمريكي المخضرم في الشرق الأوسط: "حتى لو مررت بهذه المرحلة دون انتقام إيراني كبير، فإن الحقيقة هي أن إسرائيل وإيران ستخوضان هذا الصراع التنافسي".

وقال ميلر: "لا يوجد حل لمشكلة وكلاء إيران.. لا يوجد حل لحقيقة أن إيران دولة على عتبة الأسلحة النووية.. وستكون هذه العلاقة معلقة فوق المنطقة وربما المجتمع الدولي مثل سيف ديموقليس".

وكانت إحدى الحجج الداعمة لعدم قيام إسرائيل بالانتقام من إيران، هي أنها قد تستفيد من موجة من التعاطف والدعم الغربي، وتبدأ في إصلاح علاقاتها مع حلفائها الذين انتقدوا بشدة سلوكها في الحرب في غزة، وربما تكون هذه الفرصة قد أهدرت بالفعل، وفق تحليل كولينسون.

وقال مالكولم ديفيس، أحد كبار المحللين في معهد السياسة الاستراتيجية الاسترالي، إن الإجراءات الأخيرة مهدت الطريق لدورة تصعيدية طويلة المدى تنجم عن عدم الاستقرار في المنطقة.

ويشعر بعض الخبراء بالقلق من أن الواقع الجديد المتمثل في الضربات المتبادلة المباشرة بين إسرائيل وإيران قد يدفع الأخيرة -التي يقدر الخبراء أنها على بعد أسابيع فقط من القدرة على إنتاج سلاحها النووي- إلى الاندفاع عبر العتبة النووية، وهذا هو الوضع الذي لا تستطيع إسرائيل، ولا الولايات المتحدة على الأرجح، أن تقبله، لذا يخلص تحليل كولينسون، إلى أن الخطر المتصاعد في الأيام الأخيرة، قد يكون مجرد لمحة عما سيأتي.