أخفق مجلس النواب اللبناني، اليوم الخميس، للمرة العاشرة، في انتخاب رئيس جديد للبلاد التي تعيش فراغًا دستوريًا؛ عقب شغور المنصب في مطلع نوفمبر الماضي، بسبب انقسامات سياسية عميقة تفاقم الانهيار الاقتصادي الذي تعانيه البلاد.
وفق نتائج فرز أصوات النواب المقترعين لانتخاب رئيس الجمهورية في الجلسة العاشرة للبرلمان اللبناني، حصل المرشح ميشال معوض على 38 صوتًا، تلته "الورقة البيضاء" بـ37 صوتًا، و8 أصوات للمرشح عصام خليفة، وصوتان للمرشح صلاح حنين، الذي تساوى مع المرشح زياد بارود، وإلغاء 19 صوتًا.
يأتي إخفاق البرلمان اللبناني في اختيار خليفة للرئيس ميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر الماضي، في ظل استمرار الخلافات والمواقف السياسية الصلبة التي لم تتوصل حتى الآن إلى التوافق المطلوب لإنهاء الفراغ الرئاسي بالبلاد، فلا يمتلك أي فريق سياسي بالبرلمان الأغلبية اللازمة لتمرير رئيس، دون الحصول على أصوات نواب من الفرق السياسية الأخرى.
فشلت دعوة نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، للحوار بين الكتل النيابية والنواب المستقلين للوصول إلى توافق حول انتخاب رئيس جديد للبلاد التي أطلقها يوم الخميس الماضي في نهاية الجلسة التاسعة لانتخاب الرئيس.
قال إلياس بو صعب، نائب رئيس مجلس النواب اللبناني، أمس الأربعاء، إن الخلاف بين الفرقاء السياسيين حول انتخاب رئيس جديد للبلاد لا زال قائمًا، مُعبرًا عن أمله في التوصل إلى قناعة الذهاب إلى حوار للخروج من الأزمة الراهنة في وقت سريع، مشددًا على أنه دون حوار جدي لن يستطيع المجلس التوصل إلى تفاهم لانتخاب رئيس للجمهورية.
تقتضي الأعراف السياسية بلبنان أن يتولى منصب رئيس الجمهورية أحد أبناء الطائفة المسيحية المارونية التي تُعدُّ الطائفة المسيحية الأكبر في لبنان.
يضم البرلمان اللبناني 34 نائبًا من الطائفة المارونية موزعين على 4 كتل نيابية إلى جانب عدد من المستقلين، إذ تأتي كتلة حزب القوات اللبنانية الذي يترأسه سمير جعجع كأكبر كتلة مسيحية وتضم الكتلة 20 نائبًا (مارونيون وآخرون)، فيما تأتي تاليا الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر التي تضم 19 نائبا (مارونيون وغيرهم)، وهو الفريق السياسي لرئيس الجمهورية الحالي ميشال عون، ويرأسه النائب جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية، كما توجد كتل صغيرة من بينها كتلة حزب الكتائب اللبنانية برئاسة النائب سامي الجميل (4 نواب) وكتلة تيار المردة (3 نواب) الذي يترأسه المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية.
رغم المرجعية الدينية الواحدة لهذه الكتل، فإنها لا تتفق على مرشح واحد تدعمه لرئاسة الجمهورية، بل تنتمي كتلتا القوات اللبنانية والكتائب إلى قوى 14 آذار المؤيدة لحصر السلاح بيد الدولة، حفاظًا على سيادتها، بينما تنتمي كتلتا التيار الوطني الحر وتيار المردة لتيار 8 آذار المتحالف مع حزب الله.
تبّنت كتلتا حزب القوات وحزب الكتائب ترشيح النائب ميشال معوض منذ الجلسة الأولى، ضمن تحالف بلغ عدد أعضائه حتى الآن 45 نائبًا، فيما ظل التيار الوطني الحر (الفريق السياسي لرئيس الجمهورية اللبنانية الحالي ميشال عون) وكتلة المردة بالتحالف مع الثنائي الشيعي، على موقفهم بالتصويت بورقة بيضاء (أقصى عدد وصلت له 63 صوتًا) على مدار 8 جلسات أجريت فيها الانتخابات، بخلاف جلسة لم يجر فيها الانتخابات بسبب فقدان النصاب القانوني.
تبنى عدد من نواب قوى التغيير أسماء أخرى من بينهم عصام خليفة (أقصى عدد وصل له 10 أصوات) وزير الداخلية الأسبق زياد بارود (أقصى عدد: 3 أصوات) والنائب السابق صلاح حنين (أقصى عدد صوتان).
الجدير بالذكر أن الرئيس السابق ميشال عون تولى رئاسة الجمهورية اللبنانية في الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر عام 2016 بعد فراغ رئاسي دام قرابة 29 شهرًا عقد خلالها مجلس النواب اللبناني 46 جلسة لانتخاب الرئيس الجديد خلفًا للرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في مايو عام 2014.