حذر وزراء دفاع سابقون في بريطانيا، بأن البلاد فشلت في إعداد نفسها للحرب باعتبارها "مسعى للأمة بأكملها"، في نداء صارخ للحكومة للاستيقاظ، وفق ما ذكرت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية.
وكشف جيمس هيبي، وزير القوات المسلحة البريطانية السابق، أن مسؤولي "وايت هول" فقط من وزارة الدفاع، هم الذين كلفوا أنفسهم بالمشاركة في تمرين لمعرفة كيف يمكن إدارة البلاد من مخبأ المملكة المتحدة في زمن الحرب.
وبعد أسبوعين من ترك منصبه، حثّ عضو البرلمان من المحافظين وضابط الجيش السابق، الوزراء على الاستعداد للصراع، ودعاهم إلى وضع خطط للاستيلاء على الأراضي للزراعة لإطعام الأمة، والاستيلاء على الإلكترونيات الاستهلاكية للأسلحة، وفق "ذا تليجراف".
وحظيت تعليقات "هيبي" بدعم بن والاس، وزير الدفاع البريطاني السابق، الذي قال إن هناك "الكثير من الأشخاص في الحكومة يعتمدون على الأمل في أن يختفي عدم الاستقرار الحالي".
وأضاف والاس، الذي قاد وزارة الدفاع البريطانية حتى أغسطس من العام الماضي، أن الوقت حان "لإزالة الغبار" عن الكتيبات، التي تم وضعها خلال الحرب الباردة حول كيفية إدارة بريطانيا خلال زمن الحرب.
وتأتي انتقادات الاثنين في وقت تراجع الحكومة خطط الطوارئ الخاصة بها لحرب شاملة، على خلفية الحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط.
وقال هيبي في مقال لـ"ذا تليجراف"، إنه يتفق مع تقييم جرانت شابس، وزير الدفاع، بأن المملكة المتحدة انتقلت إلى "عصر ما قبل الحرب" بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.
ومع ذلك، حذر "هيبي" من أن استعداد بريطانيا لا يتناسب مع حجم التهديد، مضيفًا أن "الحرب هي مسعى أمة بأكملها، ولكي أكون صريحًا، في المملكة المتحدة نحن متخلفون كثيرًا عن الركب".
وقال: "خلال الحرب الباردة، كان لدى بريطانيا مجموعة من الخطط الوطنية -كتاب الحرب الحكومي- التي توضح بالتفصيل كيفية انتقال البلاد من السلام إلى الحرب".
وقال هيبي، 43 عامًا: "هناك أجزاء من الحكومة لم تفكر جديًا في كيفية عمل المملكة المتحدة في حالة الحرب منذ أن كنت في المدرسة الابتدائية".
وأضاف: "إن مكاسب السلام بعد الحرب الباردة تعني أن مرونتنا الاستراتيجية يمكن أن تتراجع إلى قائمة أولويات الحكومة".
وتابع: "الدفاع يعني القيام بالأشياء في أماكن نائية مثل أفغانستان أو العراق وليس في أوروبا الغربية وشمال الأطلسي".
ونتيجة لذلك، والحديث لـ"هيبي"، لم يكن على بقية الحكومة، أن تقلق بشأن الدفاع، فقد تُرك الأمر لوزارة الدفاع فحسب، وقال إن هذا يتجاهل حقيقة أن الحكومة بأكملها يجب أن تشارك في الحرب.
وأوضح هيبي مع الإشارة إلى أن بعض الوزراء حجزوا مكاتب وأسرّة في مخبأ المملكة المتحدة في زمن الحرب، قائلًا "إنهم موجودون هناك لأن إداراتهم جزء لا يتجزأ من المجهود الحربي مثل وزارة الدفاع".
وقال هيبي إن والاس، عندما كان وزيرًا للدفاع في عام 2022، "ضغط بقوة من أجل إجراء تدريبات حكومية كاملة لإقناع الناس بالنزول إلى المخبأ حتى يتمكنوا من رؤية بيئة عملهم في الحرب".
ومع ذلك، ادعى هيبي أن الاقتراح لم يلق آذانًا صاغية، وقال: "في النهاية، وبشكل محبط إلى حد ما، لم يشارك سوى وزراء الدفاع وكبار ضباط الجيش ومسؤولي وزارة الدفاع".
وقال هيبي إن الوزراء بحاجة إلى إجابات على مجموعة من الأسئلة، بدءًا من كيفية تغذية بريطانيا لنفسها أثناء الحرب وحتى كيفية عمل الخدمات العامة.
وكشف أنه كوزير، كان يقود جزءًا من العمل حول ما إذا كان التشريع الموجود في "كتاب الحرب" لا يزال قابلًا للاستخدام، لكنه خلص إلى أن الكثير منه لم يعد صالحًا للاستخدام.
وردد والاس الدعوة للحكومة إلى رفع مستوى مناورتها، قائلا لـ"ذا تليجراف": "إن تزايد عدم الاستقرار وانعدام الأمن الموجه إلى بريطانيا وحلفائها، يعني أن المجتمع بأكمله بحاجة إلى اتخاذ خطوة تغيير نحو الاعتراف بأن واجبنا الأساسي هو التفكير حول دفاعنا وصمودنا.. هذه هي الطريقة التي اعتدنا أن نفكر بها خلال الحرب الباردة، وقد لعب الجميع، من الحكومة المحلية إلى وزارة الدفاع، دورهم".
وأضاف والاس، أنه على الرغم من أن وزارة الدفاع "أحدثت التغيير" في السنوات القليلة الماضية، إلا أن "هناك الكثير من الأشخاص في الحكومة والمجتمع يعتمدون فقط على الأمل في أن يختفي كل شيء".
وأضاف: "لقد حان الوقت لنفض الغبار عن كل الأدلة والعمليات القديمة للحرب الباردة، وفهم الدور الذي يتعين علينا أن نلعبه فيها، وتحديثها".
ومن جهته، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية: "إننا نستثمر مبلغًا قياسيًا في الدفاع لحماية الأمن القومي للمملكة المتحدة وضمان الفعالية التشغيلية لقواتنا المسلحة.. وفي الفترة بين عامي 2020 و2025، استثمرنا مبلغًا إضافيًا قدره 24 مليار جنيه استرليني، وهي أكبر زيادة مستدامة منذ نهاية الحرب الباردة".
وأضاف: "لدى المملكة المتحدة خطط قوية معمول بها لمجموعة من حالات الطوارئ والسيناريوهات المحتملة، مع تطوير الخطط والترتيبات الداعمة وتحسينها واختبارها على مدار سنوات عديدة".
وأوضح المتحدث أن الخطوات العملية المتخذة لتعزيز قدرة البلاد على الصمود تشمل إطلاق إطار مرونة حكومة المملكة المتحدة، ونشر سجل المخاطر الوطني وتعزيز العمل مع الشركاء المحليين وسلطات الخطوط الأمامية.
وتابع: "إننا نجري بانتظام تدريبات تخطيط مشتركة بين الحكومات لمجموعة من السيناريوهات ونواصل مراجعة مشهد المخاطر، بما في ذلك التهديدات التي تواجه المملكة المتحدة من الخارج".
وسوف تغذي تعليقات الوزراء السابقين نقاشًا أوسع يدور حول الطريقة التي يجب أن تدافع بها المملكة المتحدة عن نفسها.
وفي يناير، دعا رئيس الأركان البريطاني باتريك ساندرز إلى "تدريب وتجهيز جيش من المواطنين" لمواجهة مخاطر النزاعات.