◄| نوثق جزءا من تاريخ القضية الفلسطينية في كل حلقة لتوعية الأجيال الجديدة
◄| العمل أحدث جدلًا وأغضب دولة الاحتلال
◄| "مليحة" تشبه كثيرًا من الأسر الفلسطينية.. وسيرين عاشت ظروفًا مشابهة للواقع وهُجّرت في طفولتها
دفعت الظروف الدكتور هشام هلال الذي يجسده الفنان المصري علي الطيب، ليكون شاهد عيان على رحلة عودة أسرة "مليحة" الفلسطينية من ليبيا إلى مصر أملًا في دخول بلدهم فلسطين والعودة للديار مجددًا، بعد تهجيرهم منها قبل 12 عامًا، ليعيش معهم أحداث وكواليس محاولات العودة.
"مشاركتي في هذا العمل شرف وفخر"، هكذا عبر علي الطيب عن سعادته بمشاركته في مسلسل "مليحة" الذي يعرض حاليًا بموسم رمضان، ويحقق نجاحًا لافتًا، إذ يؤكد في حواره لـ موقع "القاهرة الإخبارية"، أنه محظوظ بهذه المشاركة لذا لم يتردد نهائيًا عندما عُرض عليه العمل، موضحًا أن قصة المسلسل تمثّل نموذجًا لكثير من الأسر الفلسطينية التي هُجّرت من منازلهم، بالإضافة إلى أن الفنانة الفلسطينية سيرين خاص بطلة العمل تحمل جزءًا من ملامح مسيرة مليحة في حياتها، إذ عاشت تفاصيل مشابهة للقصة من خلال تهجيرها في الصغر، وأن غالبية الفلسطينيين يعانون من مشكلات في الظهر والقدم نتيجة حملهم حقائبهم لمسافات بعيدة خلال عملية التهجير، كما تطرق إلى الضجة الكبيرة التي أحدثها المسلسل ووصوله إلى دولة الاحتلال، ورسائل الفلسطينيين لصنّاع العمل، وغيرها من التفاصيل في هذا الحوار:
تعود أهمية مسلسل "مليحة" لارتباطه الوثيق بالقضية الفلسطينية.. هل كان ذلك دافعًا لك للمشاركة فيه؟
بالفعل، والحقيقة أنني شعرت أني محظوظ جدًا وانتابني إحساس بالفخر والسعادة عند ترشيحي للمسلسل، فشرف لأي شخص أن يكون له دور في عمل يتحدث عن القضية الفلسطينية، وواجبنا أن نقوم بهذا الدور في إيصال صوتهم، فنحن ندعو لهم ومتأثرين جدًا بما يحدث، وكان من المهم أن نلعب دورًا في دعم القضية بتقديم عمل عنها وتوثيقها دراميًا حتى لا ننسى، في ظل ما نراه من إبادة جماعية للفلسطينيين وأعمال همجية غير مبررة من جانب الاحتلال الإسرائيلي، لذا واجب علينا أن نذكّر بعضنا البعض بأن القضية الفلسطينية هي قضيتنا جميعًا إلى أن يأذن الله بحلها ويأتي نصره.
امتد نجاح العمل إلى خارج الوطن العربي، فكيف لمست ردود الفعل على المسلسل؟
المسلسل أحدث جدلًا كبيرًا وأغضب الاحتلال الإسرائيلي، وهذا أكثر ما أسعدنا لأننا استطعنا أن نُحدث قلقًا لهم، فالعمل تصدر "الترند" في دولة الاحتلال، ويتابعون حلقاته، ويبررون لأنفسهم جرائمهم التي نعرضها، مدعين أنهم ليسوا بهذا العنف، لكن الجميع يعرف حقيقتهم الدموية وسلبهم الأرض بقوة السلاح والعنف على حساب الأبرياء وأصحاب الأرض من الفلسطينيين.
هل ترى أن جزءًا كبيرًا من نجاح العمل يتمثل في واقعيته؟
بالفعل، فالمسلسل يُمثل نموذجًا من نماذج كثيرة لأسر فلسطينية هُجّرت من أرضها وتركوا بيوتهم وحياتهم في فلسطين، فقصة "مليحة" تمثّل نموذجًا لأسر واجهت نفس المأساة، وتركوا ذكرياتهم في أرضهم واتجهوا لبلاد أخرى، فأسرة مليحة دفعتها ظروفها للاستقرار في ليبيا منذ عام 2012، وعاشوا فيها، ونرى أن "مليحة" كبرت هناك، إذ عاشت 10 سنوات من عمرها في فلسطين ثم هُجّرت قسرًا، وخلال أحداث العمل سافروا من ليبيا إلى مصر في عام 2012، لنرى المعاناة التي تواجهها أي أسرة فلسطينية في التهجير، وكيف يحملون بداخلهم حلم العودة للأرض رغم ما نراه من عدم الأمان في بلدهم فلسطين، وأنهم يفضلون الموت على أرضهم، من العيش بعيدًا عنها، وأنهم مهما واجهوا من ظروف صعبة واعتداءات وهجوم ولكنهم يتشبثون بأرضهم، وتعلقهم بالبلد وبكل ذرة تراب فيها، ومن الصعب أن يتركوها، وفلسطين تعنى لأهلها الأمان، وإن خيروهم بين الحياة بعيدًا عنها أو الموت على أرضها، فيكون اختيارهم إما العيش عليها أو الموت فيها، فهذا هو هدف سامي جدًا من القيم التي تربينا عليها وهي الحفاظ على الأرض.
وما يحدث في قصة مليحة، تكرر مع كل أسرة فلسطينية، فمنهم من هو في انتظار اللحظة التي يحلمون بها بالعودة إلى أرضهم، وهناك من عاد إلى فلسطين وحقق حلمه.
ترافق مليحة وأسرتها خلال أحداث المسلسل، كيف كانت كواليس تجسيد شخصية الدكتور هشام هلال؟
الشخصية تحمل تفاصيل كثيرة، وكما شاهدنا فإن الدكتور هشام هلال شاب مصري كان طموحه أن يهاجر للعمل خارج مصر في روسيا أو ألمانيا، لكن أول فرصة له كانت في ليبيا فقرر ألا يرفضها واختار السفر والعمل فيها، وهناك تعرّف على مليحة التي كانت تعمل ممرضة، واختارها من بين كثير من الممرضات لأنها "شاطرة"، وانجذب لها بعد أن لمح فيها تفاصيل إنسانية، ونرى إعجابًا من جانبه لها، ولكن هل سيكتفي بالإعجاب فقط أم سيصارحها بمشاعره، فهذا ما سنكتشفه مع تطور الحلقات، خصوصًا أنه يدرك أهمية تعلقها بأهلها وبلدها وحلمها بالعودة إلى فلسطين.
تتسم شخصيتك في المسلسل بالسهل الممتنع، فما الصعوبات التي واجهتك خلال تجسيدها؟
الحقيقة أن مرافقة دكتور هشام طوال الوقت لسفر مليحة من ليبيا إلى القاهرة ثم يسافرون إلى العريش، وما إذا كانت ستمر من خلال المعبر أم لا في ظل حلمها بالعودة إلى فلسطين، هذه الرحلة خلقت بداخله إحساسًا مغايرًا، وشعورًا بالمعاناة التي تتعرض لها طوال الوقت والرغبة في العودة إلى أرضها، لذا كان من المهم التحضير والاستعداد الجيد للشخصية للوصول بها إلى الشكل الذي شاهده الجمهور وشعر به.
ما هي ردود الفعل التي وصلتكم من الفلسطينيين عن العمل؟
أكثر الرسائل التي تأتي لنا من مواطنين فلسطينيين يعيشون خارجها يعربون فيها عن سعادتهم بأن هناك عملًا يعبر عنهم ويطرح تاريخ القضية الفلسطينية، وجذورها التاريخية الموجودة منذ زمن وليست وليدة السابع من أكتوبر 2023 كما تظن بعض الأجيال الجديدة، فالعمل يُلقي الضوء على تاريخ القضية أيضًا في كل حلقة من خلال الراوي الذي يرصد جزءًا من تاريخ القضية، وهم سعداء بهذا التوثيق، من خلال خمس دقائق في كل حلقة نرى فيها سردًا عن أهم قضية في حياتنا.
هل وجود تشابه بين قصة البطلة مع ظروف عاشتها سيرين خاص أضفى مزيدًا من المصداقية والاقتراب من الواقع في العمل؟
نعم، فسيرين كممثلة لديها جزء من مليحة في حياتها، فهي فلسطينية تعيش هناك وهُجّرت مع أسرتها في وقت ما بغزة داخل فلسطين، إذ تعرضت في صغرها للموقف نفسه ولديها ذكريات كثيرة، فهي تعبر بصدق عن مليحة لأنها عاشت ظروفًا مشابهة، كما كانت تحكي لي عن طيبة وجمال الفلسطينيين وكيف يحملون حقائبهم ويسيرون بها لمسافات طويلة خلال التهجير، وكل منهم بات يعاني من مشكلة في ظهره أو قدمه نتيجة هذه الأحمال، ورغم ذلك يتسمون بالصبر ويكملون حياتهم ولديهم رغبة في الحياة، كما يحملون صفات النخوة، وأنا رأيت في سيرين الصفات نفسها، إذ أن شخصيتها في الحقيقة قريبة جدًا من مليحة، فهي أحيانا تكون صلبة وحاسمة وتريد أن تسترد حقها بنفسها، وهذا حدث لها نتيجة تأثرها بالظروف التي عاشتها في الحقيقة.