الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الأولويات الاقتصادية في خطاب تنصيب الرئيس المصري

  • مشاركة :
post-title
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي

القاهرة الإخبارية - رضوى محمد

وضع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مجموعة من الأولويات الاقتصادية في خطاب تنصيبه صباح اليوم الثلاثاء، بمقر مجلس النواب في العاصمة الإدارية الجديدة، بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية المُستدامة.

وتأسيسًا على ما سبق يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على المُستهدفات الاقتصادية التي تضمنها خطاب الرئيس، وانعكاساتها على الاقتصاد المصري في المستقبل القريب.

والجدير بالذكر هنا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أوضح خلال خطابه أن العالم يشهد تحديات مُتصاعدة، حضاريًا وعلميًا، وتكنولوجيًا وعمرانيًا، وسياسيًا واقتصاديًا، وهو ما يجعل الدولة المصرية في سباق مع الزمن.

ملامح مهمة

يُمكن توضيح الملامح الأساسية لخطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي حول المحور الاقتصادي في النقاط التالية:

المستهدفات الاقتصادية في خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي

(-) بناء الاستراتيجيات: أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى ضرورة بناء الاستراتيجيات التي تُعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية، وتُعزز من صلابة ومرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات، ومن هنا يُمكن القول إن الرئيس المصري يسير وفق خطة موضوعة وليس بشكل عشوائي في إدارة الاقتصاد المصري، إذ إن وضع الاستراتيجيات يجعل تنفيذ الخطط كُفئًا وذات فعّالية كبيرة، فاستهداف استراتيجيات تعمل على زيادة مرونة الاقتصاد المصري يُعتبر حلًا أساسيًا لمشكلة الاقتصاد، فزيادة مرونة الاقتصاد تجعله أكثر قدرة على مواجهة التحديات الخارجية والداخلية.

(-) تحقيق نمو اقتصادي: أوضح الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال خطابه ثلاثة توصيفات للنمو الاقتصادي المُستهدف للدولة المصرية، هو أن يكون قويًا ومستدامًا ومتوازنًا، فالأولى تعني أن يتم زيادة الدخل الحقيقي بشكل يتناسب مع موارد الدولة المصرية وجهود حكومتها المستمرة في استغلالها وأن تكون هذه الزيادة أكبر من معدل نمو السكان، والثانية تُشير إلى أن تكون زيادة الدخل الحقيقي زيادة تراكمية مستمرة عبر فترات الزمن، كما تعكس الرغبة في تحقيق التقدم الاقتصادي دون المساس بالبيئة والموروث الاجتماعي؛ بهدف حماية حقوق الأجيال القادمة، بينما يذهب الوصف الثالث إلى إحداث التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، إذ تُشير نظرية النمو المتوازن إلى حاجة الحكومة لتنفيذ استثمارات كبيرة بعدد من الصناعات في وقت واحد، وهو الأمر الذي سيُحقق الكفاءة الاقتصادية في السوق المصرية بشكل كبير.

(-) تعزيز دور القطاع الخاص: أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، الدور الرئيسي للقطاع الخاص كشريك أساسي في قيادة التنمية، وهو الأمر الذي دلل عليه الرئيس خلال العشر سنوات الماضية، إذ أصدرت الدولة في عهده وثيقة "سياسة ملكية الدولة" التي جعلت للقطاع الخاص دورًا كبيرًا في الحياة الاقتصادية بمصر، ومن هنا يُمكن القول إن خطاب الرئيس حول هذا الأمر يبعث رسالة طمأنة كبيرة للقطاع الخاص، وتؤكد أنه خلال الفترة المُقبلة ستشهد القرارات المختلفة تسهيل إجراءات دخول القطاع الخاص في المشروعات المختلفة للدولة.

(-) تنمية قطاعات رئيسية: وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي اهتمامه في خطابه إلى قطاعات أساسية بالاقتصاد المصري؛ نظرًا لمساهمتها الكبيرة في الناتج المحلي الإجمالي كما يوضح الشكل رقم (1)، وهي الزراعة (13.6%) والصناعة (11.7%) والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (5%) والسياحة (13%)، إذ تستهدف الدولة المصرية زيادة مساهمة هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي تدريجيًا، وفي قطاع الزراعة ستقوم الدولة بزيادة مساحة الرقعة الزراعية والإنتاجية؛ لتحقيق الأمن الغذائي، وهو ما بدأته الدولة المصرية في السنوات العشر السابقة، وترغب في استكماله خلال الفترة الرئاسية الجديدة للرئيس عبدالفتاح السيسي، وفي قطاع الصناعة ستتجه الدولة إلى زيادة التصنيع المحلي، ما يعمل على دمج الصناع ورجال الأعمال بشكل أكبر في دورة عمل الاقتصاد المصري.

الشكل رقم (1) يوضح مساهمة قطاعات الاقتصاد الرئيسية في الناتج المحلي الإجمالي المصري

(-) جذب الاستثمارات: تُعد الاستثمارات بنوعيها المحلي والأجنبي من المُحفزات القوية لنمو وتقدم أي اقتصاد؛ ولذلك ركز عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي في خطابه، إذ أشار إلى جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، مع إعطاء الأولوية لبرامج التصنيع المحلي؛ لتحقيق زيادة في الصادرات ومتحصلات مصر من النقد الأجنبي، إذ يتضح أنه خلال العشر سنوات الماضية كانت الرؤية الأساسية للرئيس عبدالفتاح السيسي هي زيادة الاستثمارات، فكما يوضح الشكل رقم (2) أن إجمالي الاستثمارات العامة والخاصة في الدولة ارتفع إلى 1.8 تريليون جنيه في العام المالي 2022/2023 بالمُقارنة بـ514 مليار جنيه في العام المالي 2016/2017، كما ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بمقدار 5.03 مليار دولار في الربع الرابع من عام 2023، وهو الأمر الذي يُشير إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي سيُركز على الاستثمارات بنوعيها بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.

الشكل رقم (2) يوضح إجمالي الاستثمارات العامة والخاصة في مصر خلال الفترة من 2016 إلى 2022

(-) إصلاح مؤسسي شامل: أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أن الدولة المصرية ستتبنى إصلاحًا مؤسسيًا شاملًا يهدف إلى ضمان الانضباط المالي وتحقيق الحوكمة السليمة، من خلال ترشيد الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات العامة، وهو ما سيُحقق هدف النمو الاقتصادي القوي والمُستدام والمُتوازن.

(-) مصر مركز إقليمي: يهدف الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الفترة الرئاسية الجديدة إلى تحويل مصر لمركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت والطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وهو الأمر الذي يضع مصر على خريطة العالم في العديد من المجالات.

(-) استدامة الدين العام: تهدف الدولة المصرية في خطتها المُستقبلية إلى الاتجاه بمسارات أكثر استدامة للدين العام كما اتضح من خطاب الرئيس، وهو ما يعني أن سياسات الإنفاق والاستدامة التي تطبقها الدولة لا بد أن يتم صياغتها على النحو الذي يضمن أن تقوم الدولة بخدمة ديونها، وهو الأمر الذي يرفع تصنيفها الائتماني.

انعكاسات محورية

إن الخطة الاقتصادية التي وضعها الرئيس عبدالفتاح السيسي للفترة الرئاسية المُقبلة ستُحقق العديد من الانعكاسات الإيجابية، كما سيتم توضيحها على النحو التالي:

(-) زيادة الصادرات: إن اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسي بتنمية قطاعات الاقتصاد الرئيسية، والإشارة إلى تحويل مصر لمركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت سيعمل على تنشيط التجارة الخارجية للدولة بشكل كبير، إذ إن تنمية قطاعات الاقتصاد المختلفة تعمل على زيادة الإنتاج المحلي بشكل يفوق استهلاك المواطنين، وهو الأمر الذي سيعمل على زيادة الصادرات المصرية، ومن ثم زيادة موارد النقد الأجنبي.

(-) ارتفاع الكفاءة الإنتاجية: يرتبط الإصلاح المؤسسي الشامل ارتباطًا إيجابيًا بتحقق الكفاءة الإنتاجية داخل الدولة، إذ إن تحقيق الحوكمة والانضباط داخل مؤسسات الدولة، سيُسهم في تسريع وتيرة العمل بها ومن ثم زيادة إنتاجها ومساهمتها في الاقتصاد المصري، فالنمو الاقتصادي لا يُمكن تحقيقه دون حدوث إصلاح داخل مؤسسات وأجهزة الدولة، فالحوكمة السليمة من خلال ترشيد الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات العامة سيترتب عليها زيادة الدخل الحقيقي للدولة المصرية.

(-) انخفاض معدلات البطالة: سيترتب على جذب الدولة المصرية لمزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، تشغيل الكثير من المشروعات داخل الدولة، إذ إن ارتفاع صافي التدفقات الأجنبية المباشرة الناتجة عن استثمار الأجانب يُساعد على خلق المزيد من فرص العمل، فإنشاء مشروعات أجنبية سيعمل على زيادة الطلب على العمالة المحلية وزيادة نسبة التوظيف، وهو ما يترتب عليه انخفاض معدلات البطالة.

(-) تحقيق الأمن الغذائي: إن اهتمام الدولة المصرية بالقطاع الزراعي وحرصها على توسيع رقعة الأرض الزراعية، بشكل أفقي ورأسي، سيعمل على زيادة الإنتاج الزراعي داخل الدولة بشكل كبير، خاصة في المحاصيل الاستراتيجية، الأمر الذي يُقلل اعتماد الدولة على الواردات الزراعية من الخارج، ما يُحقق الأمن الغذائي.

وعليه يُمكن القول إن خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال حفل التنصيب، تضمن محاور اقتصادية مهمة تقوم عليها تنمية العديد من الدول، إذ إن تقدم الاقتصاديات يبدأ بالاهتمام بالقطاعات الرئيسية وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية بها، من خلال تبسيط إجراءاتها، ما سيعمل على زيادة مرونة اقتصاد الدولة ونموها الاقتصادي، وهو ما ينُم على رؤية اقتصادية كبيرة تسير الدولة المصرية وفقًا لها.