بينما أغلقت الجرارات الزراعية الطرق حول عاصمة الاتحاد الأوروبي، وأطلق المزارعون المتظاهرون اليائسون الألعاب النارية، ألقت الشرطة في الحي الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسل، اليوم الثلاثاء، القبض على مزارع، بعد إصابة اثنين من الضباط.
وبينما وصل نحو 250 جرارًا إلى بروكسل في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، في مظاهرة جديدة ضد السياسات التي يقولون إنها تضر بأعمالهم.
ودارت مجموعة من الجرارات حول ساحة لوكسمبورج خارج مقر البرلمان الأوروبي، حيث كان المزارعون يتجولون حول نار مشتعلة بينما انطلقت الأغاني من مكبرات الصوت.
وأغلقت جرارات أخرى العديد من طرق الوصول حول المؤسسات الأوروبية، ما أدى إلى توقف حركة المرور على طول شارع "دي لا لوا"، وهو أحد أكثر الطرق ازدحامًا في بروكسل، الذي غُطى بالدخان الأسود.
بعدها، تحول احتجاج المزارعين إلى أعمال عنف، عندما بدأ المتظاهرون في إلقاء القنابل الحارقة والحطام على سلطات إنفاذ القانون.
مزارعون يائسون
منذ أشهر، يحتج المزارعون في جميع أنحاء أوروبا ضد الروتين الحكومي في الاتحاد الأوروبي، واتفاقيات التجارة العالمية، والمتطلبات الخضراء الجديدة بموجب السياسة الزراعية المشتركة للكتلة (CAP).
ورغم أن المظاهرة كانت أصغر حجمًا من المظاهرات التي اندلعت منذ بداية هذا العام، لكنها لم تكن أقل صخبًا، حيث قام المزارعون بإلقاء البيض على ضباط الشرطة، وإشعال النار في أكوام من القش والإطارات، وإطلاق أبواق جراراتهم، وإطلاق الألعاب النارية.
وبحلول منتصف النهار، كانت الجرارات متوقفة على طول شارع "دي لا لوا"، مع مواجهة حشد من المتظاهرين، وجهًا لوجه، مع حاجز للشرطة يمنعهم من الوصول إلى مقر المفوضية الأوروبية.
ثم تصاعدت التوترات مع مرور اليوم، حيث أشعل المتظاهرون النار في محطة مترو "شومان"، وألقوا الحطام على الدرج المؤدي إلى المدخل.
في المقابل، استخدمت الشرطة البلجيكية خراطيم المياه، والغاز المسيّل للدموع، لتفريق الحشود وإخماد الحرائق.
وقالت شرطة بروكسل، في بيان صحفي، إنه تم اعتقال شخص "لقيامه بإلقاء زجاجات مولوتوف على قوات الأمن".
وأضاف البيان أنه "تم إلقاء عدة مقذوفات على إدارة الإطفاء وضباط إنفاذ القانون".
وتابعت الشرطة: "تم استخدام الغاز المسيل للدموع أيضًا، وتم شل حركة الجرارات لأن المتظاهرون أرادوا استخدام الجرارات لإجبار الشرطة على التصرف. بالإضافة إلى ذلك، تم إضرام النار في كميات كبيرة من إطارات السيارات والقش في أماكن مختلفة".
وأكدت الشرطة أيضًا أن اثنين من ضباط الشرطة أصيبا وتم نقلهما إلى المستشفى.
كما أدانت وزيرة الداخلية البلجيكية أنيليس فيرليندن أعمال الشغب، قائلة إن "العنف والحرق العمد والتدمير غير مقبول".
وأضافت: "أدعو إلى بذل كل جهد ممكن لتحديد هوية الجناة في أقرب وقت ممكن. وهذا يسمح أيضًا للقضاء بإرسال إشارة واضحة إلى مرتكبي الجرائم."
وبحلول الساعة الرابعة مساء، قالت الشرطة إن الجرارات بدأت في المغادرة.
الضغط على القادة
تعد مظاهرة اليوم، التي ضمت أعضاء من اتحاد المزارعين الشباب (FJA) والاتحاد اليساري المتحد لمجموعات المربين والمزارعين (FUGEA)، هي الثالثة التي تقام في بروكسل هذا العام وحده.
وخلال احتجاجات سابقة في فبراير الماضي، اقتحم المزارعون حواجز الشرطة، بينما صدهم الضباط بخراطيم المياه.
ويرى المحتجون أنه من المهم مواصلة الضغط على قادة أوروبا من أجل تنفيذ مطالبهم.
وتتضمن مطالب المزارعين أسعار عادلة للمنتجات الزراعية، وإنهاء اتفاقيات التجارة الحرة، وإصلاح السياسة الزراعية المشتركة.
وبينما قال المزارعون إنه تم إحراز بعض التقدم منذ بدء الاحتجاجات، إلا أنه لا يزال غير كافٍ.
المتطلبات الخضراء
على بُعد خطوات قليلة من الاحتجاجات المشتعلة، كان وزراء الزراعة في الاتحاد الأوروبي يجتمعون لمناقشة كفاح المزارعين المستمر والضغوط في السوق الزراعية.
وقال وزير الزراعة البلجيكي ديفيد كلارينفال، إنه "آمل أن يوفر للمزارعين استجابة ملموسة".
وأضاف: "قبل الانتخابات الأوروبية، من الواضح أن الهدف هو ضمان بقاء زراعتنا قادرة على المنافسة والحفاظ على السيادة الغذائية على المستوى الأوروبي، مع ضمان أجور عادلة للمزارعين".
وقبل الاجتماع الوزاري، أيد نواب السفراء -باستثناء ألمانيا- اقتراح المفوضية بتخفيف المتطلبات الخضراء المرتبطة بالإعانات الزراعية في الاتحاد الأوروبي.
وسيتولى المشرعون في البرلمان الأوروبي متابعة الملف، على أمل الموافقة على الاقتراح في الجلسة العامة بحلول نهاية أبريل المقبل.
ومع ذلك، بدأت العديد من منظمات حقوق البيئة والمستهلكين في التشكيك في الصلاحية القانونية لعملية إصلاح الدعم الزراعي المحلي، الذي "يتجاهل تماما المبادئ الديمقراطية الراسخة في صنع القرار في الاتحاد الأوروبي"، وفقًا لرسالة أرسلت، أمس الاثنين، إلى رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين.