سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الضوء على معاناة سكان القطاع للوصول لذويهم المدفونين تحت أنقاض الأبنية المنهارة جراء العدوان المدمر، الذي يشنه جيش الاحتلال على القطاع المحاصر، منذ السابع من أكتوبر.
وذكرت الصحيفة في تقرير تحت عنوان "ضحايا الظل في غزة"، أن القطاع تحول لمقبرة تصل مساحتها لأكثر من 225 كيلومترًا مربعًا، فيما تواصل العائلات وعمال الإنقاذ البحث في المباني المدمرة عن الأصدقاء والأقارب المفقودين، باستخدام أدوات بدائية وأحيانا كثيرة بواسطة الأيدي فقط.
ولفت التقرير إلى أن عدد الأشخاص المفقودين في غزة وصل لحوالي 7000 شخص، وفقًا لأحدث تقديرات السلطات الصحية في القطاع. لكن هذا الرقم لم يتم تحديثه منذ نوفمبر، إذ يقول المسؤولون في غزة وعمال الإغاثة إن آلافًا آخرين قد أضيفوا على الأرجح إلى هذه الحصيلة في الأسابيع والأشهر التي تلت ذلك.
وجرى دفن البعض على عجل بحيث لا يمكن إحصاؤهم، فيما يرقد آخرون متحللين في العراء، في أماكن خطرة للغاية لا يمكن الوصول إليها، وفقًا لنيويورك تايمز.
وتضيف الصحيفة، أنه وبعد كل غارة جوية، يتجمع حشد صغير من الرجال لإنقاذ أفراد أسر وجيران تحت الأنقاض للبحث عن ناجين محتملين، لكن الآمال تتضاءل بسرعة، لأنه في العادة يتم العثور على الأشخاص، الذين يبحثون عنهم ميتين تحت الحطام، بعد أيام أو أسابيع أو حتى أشهر.
وفي مقاطع منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي راجعتها الصحيفة، يظهر في أحدها أب يتسلق تلة من بقايا أنقاض قطع خرسانية وهو يصرخ موجها كلامه لابنته على ما يبدو قائلًا: "لا أستطيع سماعك يا حبي".
ويواصل الرجل النحيب وهو يضرب بمطرقته على قطع الخرسانة مرارًا وتكرارًا قبل أن ينهار: "سلمى ألم أقل لك أن تعتني بأختك؟".
وفي مقطع آخر، يظهر رجل آخر وهو جالس على كومة ركام أخرى يبحث عن زوجته وأولاده، رهف، 6 أعوام، وعبود، 4 أعوام وهو يصرخ بصوت عال: "رهف ماذا فعلتي لتستحقي هذا؟".
ووفقًا للصحيفة، فقد سلمت معظم العائلات بأن المفقودين تحت الأنقاض لقوا حتفهم، في وقت تسبب فيه القصف المستمر في جعل عمليات البحث أكثر خطورة.
وتشير الصحيفة إلى أن عمليات البحث والإنقاذ مستحيلة من دون توفر آلات ثقيلة أو وقود لتشغيلها، وفي كثير من الأحيان، لا يتوفر أي منهما. كما أن أنواع المعدات المستخدمة عادة لإنقاذ الناس بعد الزلازل وغيرها من أحداث الدمار الشامل ممنوعة إلى حد كبير من دخول القطاع.
وفي جميع أنحاء غزة لا يوجد سوى حفارتان فقط متاحتان لهذه المهمة، وفقا لأحمد أبو شهاب، وهو عامل في الدفاع المدني في القطاع، ومن دونها يعتمد رجال الإنقاذ على المجارف والمثاقب وأيديهم وهي مهمة شبه مستحيلة.
وفي الخريف الماضي، قال أبو شهاب إنه كان جزءا من فريق استخدم الجرافات والحفارة لانتشال عشرات الأشخاص من تحت أنقاض منزل مكون من ثلاثة طوابق. واستغرق الوصول إلى الأشخاص الموجودين في الداخل 48 ساعة، لكن بحلول ذلك الوقت كانوا جميعًا قد ماتوا، وفقًا لأبو شهاب.
وأدى العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، منذ 170 يومًا، إلى استشهاد أكثر من ٣٢ ألف شخص في غزة معظمهم من المدنيين، وفقًا للسلطات الصحية في القطاع.
وأعلنت مصادر طبية لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، أمس السبت، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 32,142، أغلبهم من الأطفال والنساء، وأضافت أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 74,412، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
ودفع العدوان 2,2 مليون شخص إلى شفير المجاعة وثلاثة أرباع السكان في القطاع المدمر إلى النزوح، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وأظهرت صور التقطتها أقمار اصطناعية وحللها مركز الأقمار الاصطناعية التابع للأمم المتحدة، أن 35 % من المباني في قطاع غزة دمرت أو تضررت، خلال الهجوم الإسرائيلي العنيف المستمر منذ أكثر من 5 أشهر.
واستخدم المركز في تقييمه صورًا عالية الدقة التقطتها الأقمار الاصطناعية، وتم جمعها في 29 فبراير الماضي، وقارنها بصور ملتقطة قبل وبعد اندلاع الصراع الأحدث.
وخلص إلى أن 35 % من مجمل المباني في قطاع غزة، أي نحو 89 ألف مبنى، دمرت بالكامل أو تضررت.
وقال المركز إن 31198 مبنى دمرت بالكامل، و16908 مبان لحقت بها أضرار بالغة، و40762 مبنى لحقت بها أضرار متوسطة.
وتابع أن "هذا ينطوي على زيادة بنحو 20 ألف مبنى، مقارنة بالتقييم السابق الذي أجراه بناء على صور ملتقطة في يناير، أظهرت دمار أو تضرر 30 بالمئة من مجمل المباني".
وأضاف المركز: "شهدت منطقتا خان يونس ومدينة غزة الزيادة الأكبر في الأضرار، إذ شهدت خان يونس تضرر 12279 مبنى إضافيًا، وشهدت غزة تضرر 2010.