يعاني سكان الضفة الغربية المحتلة من تزايد عنف المستوطنين تحت أعين شرطة وجيش الاحتلال، والذي وصل لمستويات من الوحشية غير مسبوقة، بالتزامن من الحرب العدوانية على غزة التي تشنها إسرائيل على القطاع منذ أكثر من 165 يومًا، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضد المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين في الضفة الغربية للمرة الأولى.
واتفق وزراء خارجية الدول الأعضاء على خطط مماثلة خلال اجتماعهم في بروكسل، حسبما أعلن منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ومن المتوقع إضفاء الطابع الرسمي عليها في الأيام المقبلة، بحسب موقع "إن تي في" الألماني.
وتعود خلفية خطط العقوبات لأعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون المتطرفون ضد الفلسطينيين، بعد أحداث عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023، مثل التمادي في بناء المستوطنات نفسها، واستخدام العنف وإشعال النيران في منازل الفلسطينيين، ما اعتبرته وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك أنها إحدى العقبات التي تعترض الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي طويل الأمد للصراع في الشرق الأوسط، قائلة :"إنه من المهم بالنسبة لألمانيا أن توضح أن كلا الأمرين لا يتوافقان مع القانون الدولي".
ويسير الاتحاد الأوروبي على خطى الولايات المتحدة، التي فرضت بالفعل إجراءات عقابية تستهدف المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين، وتتهم واشنطن المستوطنين في المشاركة في أعمال العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وفقًا لدبلوماسيين، يجب أن تؤدي عقوبات الاتحاد الأوروبي إلى إجبار القضاء الإسرائيلي على محاكمة العنف الذي يرتكبه المستوطنون الإسرائيليون ضد القرى الفلسطينية.
وتعمل إسرائيل على توسيع المستوطنات المتنازع عليها هناك منذ أن احتلت الضفة العربية في عام 1967، ويبلغ عدد المستوطنين، بما في ذلك القدس الشرقية، 700 ألف مستوطن، ويعيشون بين نحو ثلاثة ملايين فلسطيني.
عقبة أمام حل الدولتين
وصنفت الأمم المتحدة هذه المستوطنات باعتبارها عقبة رئيسية أمام التوصل إلى تسوية سلمية لأنها لا تترك سوى القليل من الأراضي المتجاورة للفلسطينيين في حل الدولتين المحتمل، والسبب الآخر للوضع المتوتر هو الغارات التي يشنها الجيش الإسرائيلي على مدن الضفة الغربية بسبب هجمات الفلسطينيين ضد الإسرائيليين.
ومن المخطط فرض العقوبات ضد المستوطنين منذ أسابيع، بعد أن أعلنت الحكومة المجرية، التي تعتبر صديقة لإسرائيل بشكل خاص في الاتحاد الأوروبي، أنها لم تعد ترغب في عرقلة هذه الخطط.
ثلاثة آلاف مستوطنة جديدة
كانت إسرائيل أعلنت قبل أسبوعين بالفعل عن رغبتها في بناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، رغم انتقاد الولايات المتحدة.
ويرى الفلسطينيون في بناء المستوطنات سياسة متعمدة من جانب إسرائيل لتقويض الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ويدعّم "سموتريتش" دائمًا التوسع في المستوطنات، وهو يرأس أحد الحزبين القوميين الدينيين في الائتلاف اليميني المحافظ الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ويعيش هو نفسه في مستوطنة.
زيادة عدد المستوطنين
ووفقًا للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، يعيش نحو 700 ألف مستوطن في 279 مستوطنة في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، وفي عام 2012 كان هناك 520 ألف مستوطن، وتأتي هذه الخطوة بعد أيام فقط من تصريح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن واشنطن تعتبر المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية غير متوافقة مع القانون الدولي، بحسب "رويترز".
وأعاد تغيير موقف الولايات المتحدة إلى نفس وجهة نظر معظم دول العالم التي تعتبر المستوطنات المبنية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب الشرق الأوسط عام 1967 غير قانونية.
خيبة أمل أمريكية
وأصابت خطة بناء 3300 منزل في المستوطنات، وزير الخارجية الأمريكية بخيبة الأمل، قائلًا: "إنه خيّب آمال واشنطن، التي كانت تدفع لاستئناف الجهود من أجل حل الدولتين للصراع المستمر منذ عقود".
وقالت جماعة "السلام الآن الإسرائيلية" التي تراقب التوسع الاستيطاني في تقرير الشهر الماضي إن هناك زيادة غير مسبوقة في الأنشطة الاستيطانية منذ بدء حرب غزة في أكتوبر الماضي.
إضرام النيران في المنازل
وشارك المستوطنون فيما يقرب من 200 حادثة عنف جماهيري، بعد أن داهموا القرى وألقوا الحجارة وأضرموا النار في المنازل والسيارات والمتاجر والمزارع، واعتدوا جسديًا على الفلسطينيين.
وأجبر مئات الفلسطينيين على الانتقال إلى أماكن أخرى في الضفة الغربية المحتلة، بسبب عنف المستوطنين، وبتشجيع من دعم الشخصيات اليمينية المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية، ومن المرجح أن يغتنم المستوطنون الفرصة، وسط استمرار أعمال العنف للحصول على أماكن أكبر في الضفة المحتلة.