مع قدوم شهر رمضان المبارك يستعد مئات الملايين في العالم الإسلامي لتجهيز الموائد العامة والولائم الليلية، فيما يحاول ملايين من الأفغان يائسين تجنب المجاعة في بلد يعيش فيه الكثيرون على الخبز والماء فقط.
أكبر أزمة إنسانية
وتشهد أفغانستان أكبر أزمة إنسانية في العالم مع ارتفاع معدلات الجوع والفقر والبطالة، وفق ما نقلته "إذاعة أوروبا الحرة" التي نقلت حالة معاناة بعض المواطنين الأفغان، منهم ماريا، وهي أم لثلاثة أطفال تعيش في كابول حيث قالت: "ليس لدينا ما نأكله أثناء الإفطار، ولن نتمكن من الاحتفال بالعيد أيضًا"، في إشارة إلى وجبة الإفطار التي يتم تقديمها بعد غروب الشمس طوال شهر رمضان.
أما عبد القادر، وهو واحد من أكثر من 5 آلاف لاجئ ومهاجر أفغاني تم طردهم من باكستان المجاورة منذ أكتوبر الماضي، فقال: "إنه غير قادر على إطعام أسرته، وإنه لا يستطيع أداء شهر رمضان هذا العام، ومن المستحيل أن تصوم عندما لا يكون لديك ما تأكله في المساء، الاقتصاد صفر تمامًا، لا يوجد عمل".
أزمات متعددة
وتزامن شهر رمضان مع أزمة إنسانية واقتصادية مدمرة في أفغانستان، وقالت الأمم المتحدة في 10 مارس، إن "نحو 24 مليون شخص، من أصل عدد السكان البالغ نحو 40 مليونًا، سيحتاجون إلى دعم إنساني منقذ للحياة هذا العام".
بينما قال برنامج الأغذية العالمي، "إن نحو 4 ملايين أفغاني يعانون سوء التغذية الحاد، بما في ذلك أكثر من 3 ملايين طفل دون سن الخامسة".
وفي تقرير صدر في 10 مارس، قال البنك الدولي: "إن أفغانستان تعاني الانكماش وسط نشاط اقتصادي ضعيف"، كما أفاد بحدوث انخفاض كبير في صادراتها وانخفاض قيمة عملتها الوطنية.
قطع المساعدات
وأدى استيلاء حركة طالبان على أفغانستان في عام 2021 إلى انهيار اقتصادي وتفاقم أزمة إنسانية كبيرة، بعد ما قَطَعَ المانحون الغربيون المساعدات فجأة وتعرضت حكومة طالبان لعقوبات دولية.
وواصلت جماعات الإغاثة عملياتها الإنسانية، على الرغم من أن التخفيضات الكبيرة في التمويل الدولي أدت إلى تقييد أنشطتها.
ويبدو أن حكومة طالبان، التي لا تزال غير معترف بها وتخضع لعقوبات من قِبل المجتمع الدولي، غير قادرة على معالجة الأزمات، وقد أدت الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والجفاف، فضلًا عن تدفق أكثر من مليون لاجئ أفغاني من الدول المجاورة أخيرًا، إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل في الدولة التي مزقتها الحرب.
'ليس لدي أي شيء"
ويقوم العديد من الأفغان بتقليص أوقات رمضان أو حتى تفويتها تمامًا هذا العام بسبب القيود المالية المتزايدة، وقال مرسال، وهو موظف حكومي في ظل الحكومة الأفغانية السابقة المدعومة من الغرب، وهو الآن عاطل عن العمل: "لا أستطيع مواجهة توقعات ومتطلبات شهر رمضان".
تقول نداء أحمدي، معلمة في مقاطعة باروان الشمالية: "إنها حصلت على قرض حتى تتمكن من أداء شهر رمضان بشكل كامل، فعندما أذهب إلى السوق، أتساءل ماذا سأشتري بالمال القليل الذي أملكه".