ضمن محاولات واشنطن لتضييق الخناق على آخر البنوك المتبقية في أوروبا، التي لا تزال تتعامل مع روسيا، تضغط الولايات المتحدة على "بنك رايفايزن الدولي" النمساوي للانسحاب من روسيا.
والجمعة الماضي، استضافت العاصمة النمساوية فيينا، اجتماعًا ضم آنا موريس، كبيرة مسؤولي إنفاذ العقوبات في وزارة الخزانة الأمريكية، والقائم بأعمال مساعد وزير الخارجية، مع مسؤولين نمساويين، وممثلي بنك "رايفايزن" الدولي.
وشرحت "موريس" مخاطر استبعاد البنك من النظام المالي الأمريكي، إذا لم ينأ بنفسه، بشكل أكثر وضوحًا، عن اقتصاد الحرب في روسيا.
ويلفت تقرير لصحيفة "بوليتيكو" إلى أن الاستبعاد من نظام الدولار، من شأنه أن يؤدي إلى كارثة بالنسبة لبنك "رايفايزن"، ويمثل إحراجًا خطيرًا للسلطات الأوروبية "ما يعني ضمنًا أنها إما غير قادرة، أو غير راغبة، في الارتقاء إلى مستوى خطابها بشأن معاقبة روسيا على أكبر عملية استيلاء على الأراضي في أوروبا منذ 80 عامًا".
النفوذ الأمريكي
بموجب السلطات الجديدة التي اكتسبها في نهاية العام الماضي، يستطيع "مكتب مراقبة الأصول المالية"، وهو فرع للاستخبارات المالية والإنفاذ التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، استهداف المؤسسات المالية الأجنبية، التي تجري أو تسهّل المعاملات، أو تقدم أي خدمة تتعلق بالقاعدة الصناعية العسكرية الروسية.
هذه السلطة هي الأحدث في سلسلة طويلة من السلطات التي تسمح للولايات المتحدة باستخدام هيمنتها على النظام المالي الدولي، لممارسة النفوذ السياسي خارج حدودها.
في الوقت نفسه، تقول مؤسسة "رايفايزن" إنها خفّضت عملياتها بشكل كبير في روسيا منذ بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا قبل عامين.
وأشار البنك إلى توقفه عن قبول أعمال جديدة، وخفض دفتر قروضه بأكثر من النصف. كما أوقف عمليات المراسلة المصرفية، ما أدى إلى تضييق دائرة العملاء الروس بشكل حاد.
وبسبب هذه الإجراءات، انخفض دخل عمولات البنك -الرسوم التي يولدها من خلال أعماله اليومية- بنسبة 43% في العام الماضي.
ومع ذلك، كان "رايفايزن" مترددًا في قطع علاقاته تمامًا مع أكبر بنك مملوك لأجانب في روسيا، الذي حقق نحو 60% من أرباحه في العام الماضي. بينما تظل هذه الأرباح مقيدة في روسيا بسبب ضوابط رأس المال. ومع تلاشي احتمال التوصل إلى نهاية سريعة للحرب، تزايدت الشكوك في أن البنك يتباطأ، على أمل إحياء العمل فور استعادة السلام.
ديريباسكا
يلفت التقرير إلى أنه رغم تصميم رايفايزن على أنه يبذل كل ما في وسعه، لكن استراتيجية الخروج التي اختارها مليئة بالعوائق.
ويعتزم البنك النمساوي مبادلة حصته الروسية بشكل فعّال بحصة تبلغ 27.8% في" ستراباج"، وهي مجموعة إنشاءات مقرها النمسا تركز على أوروبا الوسطى والشرقية.
ووفقًا لحسابات "رايفايزن"، فإن هذا سينقذ نحو 1.5 مليار يورو من عملياتها الروسية، إذا تمت الصفقة كما هو مخطط لها.
وعلى النقيض من ذلك، فإن البيع بسعر بخس، فقط لاسترضاء مسؤولي الخزانة الأمريكية، قد يؤدي إلى خسارة كل شيء.
لكن، حسب "بوليتيكو"، المشكلة أن حصة ستراباج كانت حتى وقت قريب مملوكة لقطب المعادن أوليج ديريباسكا، الذي فُرِضَ عليه عقوبات من قِبل كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ويمتلك ديريباسكا الأسهم من خلال شركة قابضة تسمى "راسبيريا".