يواجه نحو 300 ألف شخص في شمال قطاع غزة، أخطار المجاعة بشكل متزايد، حيث باتت معظم العائلات هناك تعتمد على علف الحيوانات والحشائش والصبار لسد القليل من رمق أطفالها، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
ومن بين هؤلاء، المحامي إبراهيم الخرابيشي الذي يقطن في مدينة جباليا، والذي يعتبر نفسه محظوظًا بسبب تمكنه من إعداد بعض الخبز لعائلته الجائعة باستخدام علف طيور الحمام، وذلك في الأسابيع الأولى من الحرب.
فمع نفاد البضائع من المتاجر، وندرة وصول المساعدات الإنسانية إلى شمال القطاع، فإن العلف، وهو عبارة عن مزيج من حبوب رديئة من القمح والشعير والذرة، منح بعض الطعام المقبول لأطفال تلك العائلة، حسب ما نقلت الصحيفة البريطانية عن الخرابيشي.
ومع ذلك، فإن الحصول حتى على العلف أضحى حلمًا صعب التحقيق، مع تواصل القصف والعدوان منذ أكثر من 5 أشهر، وأوضح الخرابيشي أن "علف الحمام اختفى من السوق منذ أسابيع"، وبالتالي لم يعد أمامه سوى "صنع الخبر من قشور فول الصويا المطحون، الذي يستخدم عادةً علفًا للماشية".
وتابع: "لكن النتيجة كانت خبزًا يابسًا يكسر الأسنان، رفض الأطفال تناوله.. من الصعب على الأب أن يسمع بكاء صغاره وهم يطلبون بعض الطعام".
وأشار الرجل إلى أنه يدرب أطفاله على تناول كميات أقل "حتى تنكمش بطونهم"، لافتًا إلى أن أبناءه جنى (10 سنوات) وقصي (7 سنوات) وعدي (4 سنوات) فقدوا جميعهم بعض الوزن.
ونوه كذلك بأن زوجته الحامل "لم تحصل سوى على القليل من الطعام، لدرجة أنها ليس لديها طاقة وبالكاد تستطيع المشي".
وكانت الأسرة تعيش على نظام غذائي يتكون من القهوة سريعة التحضير في وجبة الإفطار، لأنها "تشبع الأطفال". وفي وقت لاحق من اليوم، يتناولون أعشابًا مسلوقة "إن وجدت"، أو الحساء المصنوع من مكعبات المرقة.
وزاد: "لم يكن هناك سكر وطعام معلب منذ 3 أشهر.. وبدلاً من الملح، نستخدم صودا الخبز لتتبيل الطعام. ولا يزال بإمكانك العثور على معجون الطماطم وبعض الناس يأكلونه مع مكعبات المرقة".
وقالت الأمم المتحدة، إن جيش الاحتلال "يمنع في أغلب الأحيان" شاحنات المساعدات التابعة لها من الوصول إلى شمال غزة.
وحاول برنامج الغذاء العالمي الوصول إلى الشمال دون نجاح يذكر، فقد أعاد جيش الاحتلال قافلة مكونة من 14 شاحنة الأسبوع الماضي، بعد انتظار دام 3 ساعات عند حاجز وادي غزة.
ولم تتمكن سوى 6 قوافل مساعدات من إيصال المساعدات إلى شمالي غزة، خلال فبراير بأكمله، حيث تم تداول صور لأطفال هزيلين على أسرة المستشفيات، عبر منصات التواصل الاجتماعي، في الأيام الأخيرة.
وأكدت السلطات الصحية في غزة، أن 18 شخصًا استشهدوا حتى الآن، بسبب الجوع في أنحاء القطاع.
وفي مستشفى كمال عدوان في الشمال، أفادت التقارير بأن "ما لا يقل عن 10 أطفال ماتوا جوعًا"، إذ قال الطبيب، حسام أبو صفية، لفايننشال تايمز، إن "أعمار الأطفال تراوحت بين 25 يومًا و8 سنوات".
وتابع: "لم يكن لدى عائلاتهم ما يكفي من الطعام أو الحليب.. لقد وصلوا وهم في حالة متقدمة من الجفاف وسوء التغذية، لذا فقدناهم بكل أسف".
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، أمس السبت، بوفاة شابة ورضيع، بسبب الجفاف وسوء التغذية، شمال قطاع غزة. وأضافت الوكالة، أنه بوفاة الشابة والرضيع، ترتفع حصيلة ضحايا سوء التغذية والجفاف إلى 25 في قطاع غزة، وأن هذه الحصيلة تعكس ما يصل للمستشفيات فقط.
ويعيش قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي متواصل، منذ السابع من أكتوبر الماضي، ظروفًا إنسانية غاية في الصعوبة، تصل إلى حد المجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود.
وتواصل سلطات الاحتلال منع وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، خاصة إلى مناطق الشمال، فيما لا تكفي المساعدات التي تصل إلى جنوب القطاع حاجة المواطنين، خاصة مع نزوح أكثر من 1.3 مليون مواطن من شمال غزة إلى جنوبها، وتحديدًا إلى رفح الفلسطينية.