ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، الضوء على مجموعة المستوطنين المتطرفين "شباب التلال" التي تعتدى على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وتنهب منازلهم ممتلكاتهم، بدعم حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو.
وقال أولمرت في "بودكاست" نشرته صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، إن "غالبية عمليات قتل الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة منذ 7 أكتوبر، ارتكبها أفراد مثل شباب التلال"
ومنذ بدء العدوان على غزة في 7 أكتوبر، قتل جيش الاحتلال والمستوطنون 400 فلسطيني على الأقل في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت منظمة "يش دين" الإسرائيلية غير الحكومية مؤخرًا، إن أعمال العنف التي ارتكبها مستوطنون ضد فلسطينيين في الضفة الغربية "سجلت رقما قياسيا عام 2023".
كما سجلت الأمم المتحدة من جهتها، 1225 هجوما شنه مستوطنون ضد فلسطينيين خلال العام نفسه.
و"شباب التلال" أو "شبيبة التلال" هو تيار يميني متطرف متهم بارتكاب هجمات ضد الفلسطينيين، وفقًا لوكالة "فرانس برس".
ورغم أنهم يمثلون تيارًا متطرفًا في إسرائيل، فإن ظهورهم بهذه التسمية لم يحدث إلا في أواخر 1998، عندما دعا وزير الدفاع الإسرائيلي حينها، أرييل شارون، شباب المستوطنين إلى "الاستيلاء على قمم التلال"، في خطوة لإحباط محادثات السلام.
وقال شارون حينها: "ينبغي على كل شخص هناك أن يتحرك ويركض، أن ينتزع المزيد من التلال ويوسع المنطقة. كل ما يتم الإمساك به سيكون بين أيدينا، كل ما لا نمسك به سيكون في أيديهم".
وبحسب دراسة بعنوان "شباب التلال والإعلام الجديد"، فإن هذا التيار يطلق على "الشباب اليهود المتدينين في إسرائيل، والذين يعيشون منفصلين عن عائلاتهم في بؤر استيطانية غير قانونية، أقيمت على قمم التلال في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة.
ويقدر عددهم بالمئات، لكن من الصعب الحصول على صورة دقيقة، إذ لا توجد مؤسسات رسمية مرتبطة بهذه المجموعة، ولا توجد هيئة تنظيمية تشرف على نشاطهم، ومعظم المنتسبين لها ينحدرون من عائلات تنتمي للحركة الصهيونية الدينية "داتي لئومي".
ويقيمون عدة أشهر أو سنوات في هذه البؤر الاستيطانية، وغالبًا ما تكون في ظروف معيشية صعبة ومليئة بالتحديات، ويصلون عادة لهذه المستوطنات وأعمارهم تتراوح بين 15 إلى 18 عامًا، ويعيشون هناك لفترة بعد التخرج من الثانوية العامة أو انتهاء خدمتهم في جيش الاحتلال، حيث يتزوجون من بعضهم ويبنون منازلهم، بحسب ما نقلت الدراسة عن الأدبيات السابقة التي كتبت عنهم.
ويقسم "شباب التلال" إلى مجموعتين، الأولى تعتمد على خلفيتهم الاجتماعية كـ"مستوطنين"، ومعظمهم من الجيلين الثاني والثالث الذين عاشوا فترات مضطربة، والثانية "سكان المدن"، وهم شباب من خلفيات اجتماعية واقتصادية منخفضة أو متوسطة، حيث ينتقلون إلى المستوطنات على قمم التلال، مما يجعلهم يشعرون بمشاعر اغتراب عن مجتمعاتهم التي عاشوا فيها.
وينظر المستوطنون المتطرفون "شباب التلال" إلى توسيع المستوطنات على أنه "يستكمل إرث آبائهم الاستيطاني". ويعيشون حياة قائمة على "التوتر المستمر والصراعات العنيفة" مع السكان الفلسطينيين، حيث نسبت العديد من "الأعمال الإرهابية" ضد الفلسطينيين إلى "شباب التلال"، إذ ألحقوا أضرارًا بممتلكات الفلسطينيين وتسببوا في إصابات للعديد منهم، وقتلوا بعضهم.
وفي دراسة أخرى، وصفت "شباب التلال" على أنهم "مجموعة متطرفة وعنيفة وخارجة عن القانون من المستوطنين اليهود الشباب في الضفة الغربية المحتلة"، حيث يعيشون مسارًا محفوفا بالعنف والعدوان تجاه الفلسطينيين.
والعام الماضي، ظهرت 26 مستوطنة عشوائية في الضفة الغربية، وهي بؤر استيطانية لم يصدر قرار رسمي ببنائها. وهو ما يعد رقما قياسيا، وفق منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية، التي تعتبر المستوطنين الخاضعين للعقوبات "مجرد نقطة في بحر" الاستيطان الإسرائيلي المستشري في الضفة الغربية المحتلة.
وأقيمت حوالي 10 من تلك البؤر الاستيطانية بعد بدء الحرب على غزة 7 أكتوبر، وهي الفترة التي صعّد فيها المستوطنون أعمال العنف والهجمات ضد الفلسطينيين.
وينتهج المستوطنون المتطرفون سياسة انتقامية تعرف باسم "دفع الثمن"، تقوم على مهاجمة أهداف فلسطينية. وتشمل تلك الهجمات، تخريب وتدمير ممتلكات فلسطينية، وإحراق سيارات ودور عبادة مسيحية وإسلامية، وإتلاف أو اقتلاع أشجار زيتون. ونادرًا ما يتم توقيف الجناة، وفقا لفرانس برس.
وقد أعلنت واشنطن، مطلع فبراير المنقضي، فرض عقوبات على 4 مستوطنين، وفعلت فرنسا الشيء نفسه مستهدفة "28 مستوطنًا إسرائيليًا متطرفًا". وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية مؤخرًا فرض عقوبات على 4 مستوطنين هاجموا فلسطينيين وخربوا ممتلكاتهم.
وطالبت منظمة "هونينو" اليمينية المتطرفة، التي تدافع عن هؤلاء المستوطنين وتعتبرهم "أبطالًا"، مجلس الوزراء لدفع البنوك الإسرائيلية إلى عدم تنفيذ العقوبات التي فرضتها بعض الدول الغربية.