تتجه أنظار العالم نحو شرم الشيخ، حيث يقام مؤتمر المناخ "cop 27"، الذي تحمل مصر من خلاله آمال الدول الإفريقية، وربما دول العالم النامي أجمع، في تحويل التعهدات التي أطلقتها الدول المتقدمة، إلى واقع يُنفذ على الأرض، فما هي أهمية مؤتمر المناخ؟.. وما آمال الدول الإفريقية؟.. وماذا تعني مشروعات التكيف والفرق بينها وبين مشروعات التخفيف؟.. وكيف سيتم تنفيذ مشروعات بـ 324 مليار دولار في الفترة المقبلة؟
العالم يقف عند منعطف خطر
موقع "القاهرة الإخبارية"، استطلع آراء خبراء الطاقة والمناخ، لتوضيح كل التفاصيل المتعلقة بـ"cop 27"، والإجابة على الأسئلة السابقة، البداية كانت مع الدكتور ماهر عزيز، عضو مجلس الطاقة العالمي المصري، الذي قال إن أهمية المؤتمر في نسخته الحالية تتركز في أن العالم كله يقف الآن عند منعطف في غاية الخطورة، يتمثل في المعاناة الشديدة من مخاطر التغيرات المناخية، حيث شهدنا في السنوات الأخيرة مخاطر جفاف الأنهار ومخاطر السيول وحرائق الغابات والفيضانات الضخمة والأعاصير المدمرة، مشيرًا إلى أن هذه المخاطر لم تكن موجودة بهذه الحدة وهذه التكرارية فيما قبل، لكن التغيرات المناخية عجّلت حدوثها بشكل متكرر على نحو أكبر، وجعلت أثرها أشد خطورة مما سبق، وبالتالي العالم وجد نفسه عند منعطف يحتاج لأن يتخذ فيه قرارات مصيرية لحماية جو الأرض من التغيرات الحادة بسبب تغير المناخ.
التمويل.. أهم التحديات
وأوضح عضو مجلس الطاقة العالمي المصري، أنه لكي يتخذ العالم هذه القرارات الحرجة سيواجه تحديات ضخمة، وعليه أن يجد لها حلولًا مستدامة، ومن أبرز هذه التحديات مشكلة التمويل، والتي تشمل تمويل جهود التخفيف والتكيف، وأيضا مشكلة القضايا الملتهبة التي لم يجد لها حلولًا حتى الآن، بين الدول النامية والدول المتقدمة، وبالتالي هذا المؤتمر يمثل نقطة انعطاف كبيرة في مواجهة هذه التحديات.
استعداد مصر لمؤتمر المناخ
وعن استعدادات مصر لـ"cop 27" أوضح "د.عزيز" أن مصر استعدت على المستوى اللوجستي، استعدادًا ضخمًا جدًا، وحوّلت مدينة شرم الشيخ التي يعقد فيها المؤتمر إلى مدينة خضراء وفقًا للمعايير العالمية، فالنقل عن طريق السيارات الكهربائية، إضافة إلى جهود ترشيد الطاقة في جميع الاستخدامات، مؤكدًا أن شرم الشيخ صارت مدينة خضراء بحق كما يجب أن تكون.
الفرق بين التكيف والتخفيف
أما عن مشروعات التغيرات المناخية فقال"د.عزيز" إنها تنقسم إلى مشروعات تكيف ومشروعات تخفيف، ومشروعات التكيف تعني التواءم والتعايش مع الآثار السيئة لتغير المناخ، وتابع: "هنا نتكلم عن العالم النامي الذي يواجه مخاطر شديدة تترك آثارًا سيئة، وبالتالي تعني مشروعات التكيف، كيفية تكيف العالم النامي والمتقدم أيضا مع الآثار السيئة والتعامل معها باعتبارها حقائق لا يمكن تجنبها، وفي الوقت نفسه يجب أن نتعايش معها".
وضرب "عزيز" مثلًا بمشروعات التكيف، مثل التعامل مع ارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر على المحاصيل، فيتم استنبات محاصيل تقاوم الحرارة، وتتكيف مع الوضع الحالي، حيث تم استنبات محاصيل كثيرة تقاوم الجفاف والتصحر، والبحث عن مشروعات عديدة لتخزين المياه لمقاومة شُح المياه وهكذا، وعن مشروعات التخفيف، أوضح عضو مجلس الطاقة العالمي، أنها المشروعات الخاصة بتخفيف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، سواء في النقل أو في الصناعة أو في توليد الطاقة، وأشار إلى أنه لتقليل الانبعاثات يجب ترشيد استخدامات الوقود وترشيد الطاقة والبحث عن أنماط جديدة في النقل، والبحث عن أنواع طاقة غير أحفورية لا ينتج عنها إطلاقًا غازات احتباس حراري، وبالتالي تهدف هذه المشروعات إلى التخفيف، بقدر الإمكان، من انبعاثات الغازات.
مصر ومكافحة التغيرات المناخية
وعن جهود مصر في مكافحة التغيرات المناخية، قال "د.عزيز " إن مصر لها تاريخ طويل في هذه المشروعات، منذ أن وقّعت على اتفاقية التغير المناخي عام 1992، حين أعلنت عنها الأمم المتحدة وأطلقتها في ريو دي جانيرو بالبرازيل، وبالتالي كان لها جهود منظمة على مدى هذا التاريخ في قطاعات الاقتصاد كافة.
آلية صرف المساعدات
وأوضح عضو مجلس الطاقة العالمي، أن إجراء تقديم المساعدات له مجموعة من الخطوات المنظمة، عن طريق سكرتارية اتفاقية المناخ، والصناديق التابعة لها، ومنها الصندوق الأخضر للمناخ، وتستطيع الدول من خلال الاتفاقية، التعامل مع هذه الصناديق والحصول على مخصصاتها المالية، وهي إطار تنظيمي تضعه الاتفاقية لتمويل جهود التكيف لدى كل الدول النامية، من خلال خطوات مقننة لابد أن تنخرط الدول فيها لكي تحصل على نصيبها من المال اللازم لمكافحة التغير المناخي.
ما الذي تنتظره إفريقيا من المؤتمر؟
وعما تنتظره إفريقيا، أكد "د.عزيز" أن مصر تحمل آمال إفريقيا في شقين، كان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي قد طرحهما في مؤتمر باريس كوب 21 سنة 2015، حيث طرح مبادرتين باسم إفريقيا، الأولى تتعلق بالتكيف لأجل إفريقيا، والثانية هي مبادرة الطاقة المتجددة للدول الإفريقية وبالتالي، نتحدث هنا عن التكيف والتخفيف.
نشر الطاقة المتجددة في إفريقيا
وأضاف "د.عزيز" أن الرئيس المصري طالب بتوسيع نطاق الطاقة المتجددة في إفريقيا، لأن استخدامها يؤدي إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، علاوة على أنه نادى بالمبادرة الإفريقية للتكيف، من أجل أن تحصل إفريقيا على نصيب عادل من المخصصات المالية اللازمة لمكافحة تغير المناخ.
إفريقيا في أشد الحاجة إلى دعمها
في السياق ذاته، يقول الدكتور السيد صبري، خبير المناخ والتنمية المستدامة المصري، إن استضافة مصر للمؤتمر مهمة جدًا على جميع الأصعدة، حيث إنها تحمل آمال إفريقيا، مؤكدًا أن إفريقيا في أشد الحاجة إلى دعمها، عن طريق التمويل المقدم من الدول الصناعية التي من المفترض أن عليها التزامًا بذلك، مع نقل التكنولوجيا صديقة البيئة، فهذا حق الدول الإفريقية، طبقًا للالتزامات الدولة.
وأوضح خبير المناخ، أن إفريقيا تأمل أن تلتزم الدول الكبرى بالتعهدات التي قطعتها على نفسها سابقًا، وأن تتحول هذه التعهدات في قمة شرم الشيخ إلى تنفيذ على أرض الواقع، وليست مجرد تعهدات ووعود، وأن تقوم الدول الصناعية بتمويل مشروعات الدول النامية ونقل التكنولوجيا إلى الدول الإفريقية، وأشار "د.صبري" إلى حاجة إفريقيا لدعم ومساعدة في التوجه إلى استخدام الطاقة المتجددة، لأن الطاقة هي الأساس في التقدم التكنولوجي، فإفريقيا تأمل أن يتم دعمها في مشروعات التكيف والتأقلم مع التغيرات المناخية والدعم في الطاقات المتجددة والطاقة عمومًا، مؤكدًا أن المؤتمر له أهمية على الصعيدين السياحي والاقتصادي بالنسبة لمصر.
مشروعات مصرية طموحة تحتاج لتمويل
وأشار "د.السيد صبري" إلى أن مصر ستعرض المشروعات الكبرى، التي تنفذها وتسعى لتنفيذها، وسيكون هناك شركات وجهات دولية استثمارية، وبالتالي ستعرض مصر جهودها في المشروعات الكبرى، وإمكانيات الاستثمار فيها، وهذا سيساعد على وجود فرص استثمار في مصر مستقبلًا، وعن أهمية المؤتمر أوضح أنه يعد تأكيدًا للريادة المصرية، على المستوى العالمي والإفريقي، كونها تحتضن مؤتمرًا دوليًا مثل مؤتمر المناخ، وهو ما يُظهر دور مصر السياسي الكبير، وأضاف أن مصر بذلت الكثير من الجهود لمكافحة التغيرات المناخية، ولديها الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ، وبها مجموعة من المشروعات، التي تحتاج إلى تمويل، وهذا سيشكل دفعة لتعاون الدول الصناعية والمتقدمة مع مصر، لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ، بما فيها من مشروعات.
وأوضح "د.صبري"، أن المؤتمر سيكون له دور في رفع مستوى الوعي لدى الشعب المصري، نحو اتباع أساليب ترشيد الطاقة والموارد المختلفة، وهو ما يسهم في وضع سياسات تحد من آثار تغير المناخ، حتى لا تكون على مستوى النخبة فقط، ولكن على مستوى الشعوب أيضًا، مشيرًا إلى أن المشروعات المصرية بها جزء كبير طابعه استثماري، بشروط تفضيلية، بمعنى أن جزءًا منها سيتم تمويله من خلال منح، والجزء الآخر من خلال قروض ميسّرة، تختلف عن القروض الممنوحة بشروط تجارية، وهذا هو ما تأمله مصر حتى تستطيع أن تنفذ هذه المشروعات البالغ قيمتها 324 مليار دولار على مدار الفترة المقبلة.