روت مجموعة من الفلسطينيات النازحات في مدينة رفح الفلسطينية، كيف أجبرهن جيش الاحتلال على النزوح من مدينة غزة شمال القطاع نحو الجنوب، واضطررن إلى السير حفاة الأقدام على طول الشريط الساحلى، لمسافة تزيد على 12 ميلًا، تلاحقهن نيران الاحتلال.
وتحدثت شبكة "سى إن إن" الإخبارية الأمريكية، مع النساء الأربع في مستشفى "شهداء الأقصى" بدير البلح وسط غزة، حيث وصلن في 3 فبراير مع أطفالهن البالغ عددهم 16 طفلًا – تتراوح أعمارهم بين 9 أشهر إلى 12 عامًا – بعد المشي لمدة ثماني ساعات تقريبًا تحت المطر البارد من مدينة غزة.
وقالت النساء، وهن من حي أبو إسكندر في شمال غزة، إنهن لجأن إلى مدينة غزة أثناء رحلتهن جنوبًا، وتحصنَّ في مبنى سكني بحي الرمال. وأضافت النساء أن قوات الاحتلال اختطفت أزواجهن وأبناءهن، وأقاربهن الأكبر سنًا، وشقيقة إحداهن وهي طبيبة، من المبنى السكني الذي كن يحتمين به في مدينة غزة، قبل تفجيره ومباني أخرى قريبة.
ونقلت "سى. إن. إن" عن واحدة من النازحات، وتدعى إسراء حسن أحمد الأشقر، قولها إنها ومجموعة النساء ظللن لمدة أسبوع كامل محاصرات في المبنى السكني بالرمال. وأضافت أنهن لم يكن لديهن ما يأكلنه أو يشربنه.. "لا يوجد شيء في المنزل، بالكاد نجد بعض الماء، وكانت مياه مالحة شربناها وأطفالنا. لم نتمكن من إصدار أي أصوات.. لذلك لم يعرفوا أننا كنا هناك".
وقالت هدى حرب، إحدى النازحات التى وصلت إلى المستشفى: "إنه عندما وصل الجنود الإسرائيليون أخيرًا إلى المبنى الذي كن نختبئ فيه، اقتحموه على الرغم من أن هناك أطفالاً بالداخل". وأضافت: "فتحنا لهم الباب وطلبنا منهم عدم إطلاق النار، وقلنا لهم إنه ليس لدينا سوى أطفال، لكنهم استمروا في إطلاق النار". وقالت "حرب" إنه عندما طُلب منهم المغادرة، قالت القوات الاحتلال إن المبنى سيتم تفجيره في غضون 10 دقائق.
وقالت إسراء الأشقر، إنهن "في البداية لم يرغبن في مغادرة المبنى، لكن جيش الاحتلال بدأ قصفه المكثف في المنطقة المجاورة. ودمروا مدخل المبنى وصعدوا إلى الطابق العلوي، وأخذوا كل الرجال".
وأوضحت "الأشقر" أن قوات الاحتلال قامت بضرب الرجال في المبنى وتجريدهم من ملابسهم، وقالت: "كانوا يتجمدون، وكانوا يرتدون ملابسهم الداخلية فقط". وأضافت أن "قوات الاحتلال زرعت متفجرات في المباني التي كان الناس يحتمون بها، وسمعنا المنازل تنهار على رؤوس الناس".
ومضت تقول: "كانوا على وشك دفننا أيضًا، لكننا توسلنا إليهم أن يسمحوا لنا بالخروج. سمحوا لنا بالخروج وأخذوا الرجال في الدبابات، وقالوا لنا أن نتوجه نحو البحر إلى رفح".
وأضافت الأشقر، في إشارة إلى رحلتهن من المبنى في مدينة غزة: "كان أطفالي يسيرون طوال اليوم تحت المطر، لقد أمضينا أكثر من ثماني ساعات في المشي حفاة بدون أحذية. لم يسمحوا لنا بأخذ أي شيء".
واستنادًا إلى المسار الذي وصفته النساء، فإن الرحلة سيرًا على الأقدام كانت ستستغرق أكثر من 20 كيلومترًا (12.43 ميل على الأقل)، وجزء كبير من المشى على الرمال. وقالت الأشقر، إن المسيرة استغرقت أكثر من ثماني ساعات، وقوات الاحتلال أطلقت النار باتجاههن أثناء سيرهن. ووصفت الدمار أثناء سيرهن على طول الساحل، قائلة "كل الشوارع مدمرة".
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في بيان له، الخميس الماضي، إن قوات الاحتلال تنفذ عمليات هدم للمباني السكنية وغيرها من المباني المدنية في جميع أنحاء قطاع غزة.
وقالت نازحة أخرى، إنه لم يكن أمامها خيار سوى ترك زوجة أبيها المسنة على الشاطئ، وكانت تخشى أن تتعرض لهجوم من الكلاب التي كانت تجوب المنطقة.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر الماضى، نزح 85% من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، ويحتشد في رفح جنوب القطاع حاليا نحو 1.3 مليون نازح في ظروف بالغة الصعوبة.