الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الإضرابات تعرقل جهود التعافي.. الاقتصاد الألماني يتعثر والتوقعات ليست مشرقة

  • مشاركة :
post-title
إضراب الطاقم الأرضى للوفتهانزا

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

موجة الإضرابات والاحتجاجات التي شهدتها ألمانيا، مؤخرًا، ألقت بظلالها على جهود تعافي رابع أكبر اقتصاد في العالم، إذ تم إلغاء رحلات القطارات، والرحلات الجوية متوقفة، والطرق السريعة مغلقة من قِبل المزارعين الغاضبين.

واستهل الاقتصاد الألماني العام الجاري 2024 ببداية صعبة، وكان إضراب الطاقم الأرضي للخطوط الجوية الألمانية "لوفتهانزا"، الأربعاء الماضي، هو أحدث تحرك صناعي يسبب فوضى في السفر خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن ترك سائقو القطارات وظائفهم في يناير، بسبب نزاع على الأجور، وأغلق المزارعون الطرق احتجاجًا على التخفيضات المخطط لها في الدعم.

وترى شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، أن الإضرابات واسعة النطاق في بلد يشتهر بالحماية القانونية القوية لمصالح العمال، تشير إلى عمق الأزمة التي تعاني منها ألمانيا.

ولفتت الشبكة إلى أن أكبر اقتصاد في أوروبا، انكمش العام الماضي للمرة الأولى منذ ظهور جائحة كوفيد-19، كما أن التوقعات ليست أكثر إشراقًا، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي أن تصبح ألمانيا الاقتصاد الرئيسي الأبطأ نموًا في عام 2024، حيث ستحقق زيادة قدرها 0.5% فقط.

وحسب الشبكة، يرى المتنبئون الأكثر تشاؤمًا انخفاضًا واضحًا في الإنتاج للعام الثاني على التوالي، إذ يتصارع الاقتصاد مع موجة ممتدة من ارتفاع أسعار الطاقة، وتكاليف الاقتراض الحادة، وضعف الطلب على السلع الألمانية في الداخل والخارج.

وتجلى التأثير المستمر لأزمة الطاقة، التي أثارتها الحرب الروسية الأوكرانية، وأظهرت بيانات رسمية أن الإنتاج الصناعي الألماني انخفض للشهر السابع على التوالي في ديسمبر، وهو أطول انخفاض له على الإطلاق.

لكن مشاكل ألمانيا هيكلية أيضًا، وتتراوح من نقص العمالة والبيروقراطية إلى البنية التحتية المادية والرقمية، التي عفا عليها الزمن والتي تؤثر على الإنتاجية، وفق "سي. إن. إن".

ونقلت الشبكة عن اقتصاديين، إن ما تحتاج إليه ألمانيا ليس أقل من إصلاح اقتصادي شامل. وقال مارسيل فراتشر، رئيس المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية في برلين، إن "ألمانيا بحاجة إلى تحول اقتصادي أساسي"، وأضاف أن "التحدي الأكبر الذي تواجهه ألمانيا ليس العامين المقبلين، بل السنوات العشر المقبلة... فهي بحاجة إلى إعادة تشكيل صناعتها".

واتخذت الحكومة الألمانية خطوات أولية في هذا الاتجاه، وتحركت لتحفيز الاستثمار، وزيادة التمويل للشركات الناشئة، وتسريع الموافقات لمشروعات البنية التحتية وتخفيف قواعد الهجرة للعمال المهرة للمساعدة في سد النقص في العمالة.

ولكن الأمر يتطلب الكثير لوضع الاقتصاد على مسار جديد، خاصّة أن الساسة يتمتعون بسلطة محدودة، لأسباب ليس أقلها القيود الصارمة المفروضة على الاقتراض الحكومي، المنصوص عليها في الدستور الألماني، والتي يمكن أن تعرقل برامج الإنفاق الكبيرة.

ونقلت "سي. إن. إن" عن كارستن برزيسكي، الرئيس العالمي للاقتصاد الكلي في بنك" آي إن جي" الهولندي، قوله: "سيكون أي إصلاح شامل للاقتصاد شبه مستحيل طالما ظل التقشف المالي هو النغمة السائدة، وهذا يعني أن التغييرات الهيكلية يجب أن تأتي من عالم الشركات".

وكانت ألمانيا منذ فترة طويلة واحدة من الدول الصناعية الرائدة في العالم، حيث تصنع كل شيء، بدءًا من السيارات والغسالات والأدوات الكهربائية وحتى الأجهزة الطبية والأدوية.

ولا تزال ألمانيا تتباهى بمهندسين ممتازين، وتستمر في إنتاج الكثير من السلع عالية الجودة، ولكن الشقوق بدأت تظهر في نموذج أعمالها.

وترى كونستانزي ستيلزن مولر، مديرة مركز الولايات المتحدة وأوروبا في معهد بروكينجز، إن البلاد تعاني من عواقب "الرهان الاستراتيجي على الاحتضان الكامل للاعتماد المتبادل والعولمة"، وكتبت في يونيو: "لقد استعانت ألمانيا بمصادر خارجية لأمنها في الولايات المتحدة، ونموها القائم على التصدير إلى الصين، واحتياجاتها من الطاقة إلى روسيا، والآن تجد نفسها ضعيفة بشكل مؤلم في القرن الـ21، الذي يتميز بالمنافسة بين القوى العظمى".