"أنا خائفة للغاية، من فضلكم تعالوا، هل ستأتي وتأخذني؟".. كانت تلك الكلمات الأخيرة التي قالتها الفلسطينية هند رجب، البالغة من العمر ستة أعوام، بعد 12 يومًا من ندائها اليائس للمساعدة في مكالمة هاتفية مع رجال الإنقاذ بعد أن تعرضت سيارة عائلتها لإطلاق نار في مدينة غزة.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني، إن اثنين من المسعفين الذين خرجوا لإنقاذ الفتاة الصغيرة عُثر عليهما أيضًا متوفين في سيارة الإسعاف الخاصة بهما، حسبما نقلت شبكة "إن بي سي" الأمريكية.
قُتلت عمدًا
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، كانت "هند" تفر من المدينة مع عمتها وعمها وثلاثة من أبناء عمومتها عندما واجهت السيارة التي كانوا يسافرون فيها دبابات إسرائيلية، وتعرضت لإطلاق النار.
وتشير التسجيلات الصوتية للمكالمات بين "هند" وموظفي الاتصالات الطارئة إلى أنها كانت الوحيدة التي بقيت على قيد الحياة في السيارة، وهي تختبئ من القوات الإسرائيلية بين جثث أقاربها. وانتهت نداءاتها عندما انقطع خط الهاتف وسط صوت إطلاق نار جديد.
وقالت "بي بي سي" إن المسعفين من هيئة الهلال الأحمر الفلسطيني تمكنوا، اليوم السبت، من الوصول إلى المنطقة، التي كانت مغلقة سابقًا كمنطقة قتال نشطة. ليجدوا السيارة السوداء التي كانت تسافر فيها هند، زجاجها الأمامي ولوحة القيادة محطمتين، وثقوب الرصاص منتشرة على الجانب.
وفي مقابلة صحفية، قال أحد المسعفين للصحفيين، إن هند كانت من بين الجثث الست التي عثر عليها داخل السيارة، وجميعها تظهر عليها علامات إطلاق النار والقصف.
وعلى بُعد أمتار قليلة كانت بقايا سيارة أخرى، محترقة بالكامل، ومحركها على الأرض. وهي، حسب الهلال الأحمر، سيارة الإسعاف التي أرسلت لإحضار هند، وقُتل طاقمها - يوسف الزينو وأحمد المدهون - في من قِبل القوات الإسرائيلية.
وفي بيان لها، اتهمت هيئة الهلال الأحمر إسرائيل بالتصويب المتعمد على طاقم الهلال الأحمر، فور وصول سيارة الإسعاف إلى الموقع.
وقالت: "استهدف الاحتلال الإسرائيلي طاقم الهلال الأحمر عمدًا رغم الحصول على تنسيق مسبق للسماح لسيارة الإسعاف بالوصول إلى الموقع لإنقاذ الطفلة هند".
سبق أن صرّحت المتحدثة باسم هيئة الهلال الأحمر الفلسطيني، نبال فرسخ، في وقت سابق من هذا الأسبوع: "حصلنا على التنسيق والضوء الأخضر. عند الوصول، أكد الطاقم أنهم يستطيعون رؤية السيارة التي كانت هند محاصرة فيها، وأنهم يرونها. آخر شيء سمعناه هو إطلاق نار مستمر".
الأطفال يعانون
في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، عانى الأطفال كثيرا، منهم من استشهد وآخرين واجهوا مشاكل صحية. وفقا لآحر تقدير لوزارة الصحة الفلسطينية استشهد أكثر من 10 آلاف طفل فلسطيني.
وأكدت جمعية الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أن معدل قتل الأطفال الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال خلال العام الماضي غير مسبوق، ما يدل على أن الأطفال الفلسطينيين هم أهداف رئيسية للاحتلال، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يرتفع عدد الأطفال الذين استشهدوا بشكل كبير، حيث لا يزال الآلاف في عداد المفقودين في القطاع، عدا عن قيام سلطات الاحتلال بقطع الغذاء والمياه والكهرباء والإمدادات الطبية والوقود عن أهالي قطاع غزة، واستمرارها بشن هجمات عشوائية ومباشرة ضد المباني السكنية والبنية التحتية المدنية مثل المستشفيات والمدارس والمخابز ومحطات المياه والأراضي الزراعية.
وبدورها، قالت وكالة الأمم المتحدة لرعاية الأطفال "اليونيسف"، في وقت سابق، إن ما لا يقل عن 17 ألف طفل في غزة غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن والديهم.
وأكد جوناثان كريكس، المتحدث باسم "اليونيسف"، أن الصحة العقلية للأطفال تتأثر بشدة أيضًا، مع ظهور أعراض مثل مستويات عالية للغاية من القلق المستمر وفقدان الشهية، مضيفا أن الأطفال يجدون صعوبة في النوم ويصابون بنوبات انفعالية أو نوبات هلع عندما يسمعون صوت القنابل.
وفي بيان لها، كتبت "اليونيسف": "قبل هذه الحرب، كانت اليونيسف تضع في اعتبارها أن أكثر من 500 ألف طفل كانوا بالفعل بحاجة إلى خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي في قطاع غزة. اليوم، تشير تقديراتنا إلى أن جميع الأطفال تقريبًا يحتاجون إليها، أي أكثر من مليون طفل".