على مدى العقدين الماضيين، شهدت دراما السيرة الذاتية العالمية تطورًا ملحوظًا في سرديتها، لتتجنب حكي التاريخ الكامل للشخصية محور العمل من الميلاد حتى الوفاة، إلى تسجيل لحظة أو فترة زمنية محددة من مشواره، ما يجعل الشريط السينمائي أكثر ثراء وخصوصية، مثلما كان الحال في فيلم Oppenheimer الصادر مؤخرًا، ويحكي مساهمة عالم الفيزياء الشهير روبرت أوبنهايمر في تصنيع القنبلة الذرية.
من هذا المنهج، ينطلق فيلم السيرة الذاتية الروائي الطويل الأول عن بوب مارلي المعنون بـ Bob Marley: One Love، والمقرر عرضه يوم 22 فبراير الجاري، ويحكي عن أكثر نجوم موسيقى الريغي –الموسيقى الشعبية الجامايكية- شهرة، إذ تبدأ أحداث الفيلم عام 1976، عندما يستعد مارلي "كينجسلي بن أدير"، الهزيل والمميز بضفائره، للمشاركة بحفل في العاصمة كينجستون، هدفه معالجة الانقسامات العنيفة في السياسة الجامايكية، حسبما أكد الناقد في صحيفة "فارايتي" أوين جليبرمان، في مقال عن الفيلم.
وقبل الحفل، أطلق مسلحون النار على مارلي وزوجته ريتا "لاشانا لينش" ونجح الاثنان في الهروب، ليقرر المغني مغادرة بلاده، وتدور أحداث الفيلم الذي أخرجه رينالدو ماركوس جرين على مدار العامين التاليين، حيث يهبط مارلي في لندن ويعيش حياة هادئة وخالية نسبيًا من المتاعب، ويجتمع مجددًا مع فرقته "الويلرز"، ويسجل ألبوم Exodus "الخروج" الذي يحقق نجاحًا كبيرًا ويتصدر المبيعات في إنجلترا، ذاع صيته في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة بين أصحاب البشرة السمراء.
وأشار الناقد إلى أن الفيلم يكشف جوانب مختلفة ومتناقضة من شخصية بوب مارلي، فهو المناضل السياسي، ورب الأسرة الذي يعتمد على زوجته ريتا لكنه ليس مخلصًا لها على الإطلاق إذ لديه أطفال من نساء أخريات، وأيضًا كموسيقي له أسلوب خاص، وعقائده الدينية، وكيفية تطوره إلى شخصية قائدة وملهمة للكثيرين.
يعيب الناقد على الفيلم أنه لا يُظهر شيئًا تقريبًا عن كيفية نشأة مارلي في جامايكا، ومساعدته في تشكيل شكل موسيقى الروك أند رول، ولا يوجد سوى عدد قليل من ذكريات الماضي لأيام مارلي الأولى، ولم يشر الفيلم إلى كيفية انطلاق موسيقى الريغي واكتسابها القوة عالميًا، وفرض نفسها على الساحة الفنية، كما أنه تعامل مع أغنيات شهيرة ومنها Get Up, Stand Up بشكل سطحي دون توغل في مراحل صناعتها.
وأشاد المقال النقدي بأداء كينجسلي بن أدير لدور بوب مارلي، ووصفه بأنه جسد الشخصية ببراعة رجل استعراضي ونجم سينمائي، وأنه درس الدور جيدًا وشاهد عشرات الساعات من أشرطة مارلي ليتقن تمامًا لهجته العامية وأسلوبه.