تسابق السُلطات التشيلية الزمن للسيطرة على عشرات الحرائق، التي اشتعلت في العديد من الأماكن، خاصة في منطقة فالبارايسو القريبة من المجتمعات الحضارية، والتي تسببت في مقتل أكثر من 46 شخصًا، ودمرت أحياءً كاملة، والتهمت آلاف الأفدنة ومئات المنازل، ويرجع ذلك لظاهرة "النينيو" الناتجة عن التغيرات المناخية.
وتُشكل "ظاهرة النينيو" أحد أهم نتائج التغيرات المناخية، والذي يؤثر على الفصول الأربعة من سنة إلى أخرى، ويُمكن أن تسبب الأحداث المتطرفة مثل الفيضانات والجفاف والأمطار الشديدة على أجزاء كثيرة من العالم، أهمها البلدان الواقعة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا، بجانب المناطق المُعرضة بشكلٍ خاصٍ للمخاطر الطبيعية، حيث تدمر البنية التحتية والنظم الغذائية للدول ونوعية الهواء والماء.
دمار كبير
الرئيس التشيلي، جابرييل بوريتش، خرج بنفسه لتحذير المواطنين من خطورة الحرائق، التي دمرت العديد من الأحياء، مطالبًا المواطنين بعدم التردد في إخلاء المنازل إذا تطلب الأمر ذلك، حيث يكافح رجال الإطفاء للوصول إلى الأماكن الأكثر عُرضة للخطر، ووفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فقد لقي ما لا يقل عن 46 شخصًا مصرعهم، في حصيلة رجحت السُلطات ارتفاعها مع مرور الوقت.
وفي حصيلة أولية، أكدت الداخلية التشيلية أن الحرائق، أسفرت عن تدمير أكثر من 1100 منزل، والعديد من الشركات والمحلات، والتهام ما لا يقل عن 8000 هكتار - ما يعادل 19770 فدانًا- منذ يوم الجمعة، كما أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي، وأخليت العديد من المستشفيات ودور الرعاية، وغطى الرماد الشوارع والسيارات المحترقة المنتشرة على طول الطرق، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية.
التغيرات المناخية
الظروف المناخية المتمثلة في درجات الحرارة المرتفعة والرياح القوية، بجانب الرطوبة المنخفضة، جعلت من الصعب السيطرة على الحرائق التي شبت في 92 مكانًا مختلفًا، في وسط وجنوب البلاد، خاصة منطقة فالبارايسو، التي اشتعلت فيها 4 حرائق كبيرة، وهددت المنتجعات السياحية، وطلب من السكان في المناطق البعيدة، البقاء في منازلهم حتى تتمكن سيارات الطوارئ الأخرى من التحرك على الطرق بسهولة أكبر.
وحثّ الرئيس التشيلي المواطنين على التعاون مع عمال الإنقاذ، الذين لا يستطيعون الوصول إلى الحرائق المشتعلة في الجبال، مثل الأحياء المبنية بشكل غير مستقر على حافة جبل فينيا ديل مار، مُشددًا على أنه تم إنشاء ثلاثة ملاجئ في منطقة فالبارايسو، وتم إحضار 19 طائرة هليكوبتر، وأكثر من 450 من رجال الإطفاء إلى المنطقة للسيطرة على الحرائق، التي أكلت الأخضر واليابس في العديد من الأحياء.
التطرف المناخي
وكانت هيئة تغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، قد حذرت في تقريرها السنوي، أنه من المنتظر أن يكون 2024 هو العام الأكثر دفئًا على الإطلاق، بمتوسط درجة حرارة تزيد على 1.5 درجة مئوية، مشيرين إلى موجات الحر الأكثر تطرفًا، ستسبب العديد من الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات، وهو ما يحدث خلال موجات جفاف وارتفاع درجات الحرارة أكثر من المُعتاد على طول غرب أمريكا الجنوبية.
ومن تلك الأحداث حرائق الغابات في كندا وأوروبا، والتي أدت في أغسطس الماضي، إلى مقتل نحو 100 شخص في لاهينا بجزيرة ماوي، وهي أعنف الحرائق في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، وعلى الرغم من أن عام 2023 قد كان الأكثر سخونة على الإطلاق منذ عقود، إلا أنه وفقًا للعلماء، ففي السنوات المقبلة القادمة، وبسبب الشذوذ الحراري والكوارث، سينظر الناس لـ 2023 باعتباره واحدًا من أكثر السنوات استقرارًا في حياة الناس.