يواصل القضاة في لبنان إضرابهم المفتوح منذ الصيف، احتجاجًا على تدهور قيمة رواتبهم وسوء الخدمات في المحاكم، ما أبقى قضايا مصيرية وملفات موقوفين معلقة، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ويشكل إضراب القضاة دليلًا إضافيًا على حالة الانهيار الكامل الذي تعيشه المؤسسات العامة في لبنان، حيث بات الحصول على جواز سفر أو إنجاز معاملة في الدوائر العقارية أو في المحاكم يحتاج إلى معجزة.
ومنذ بدء الانهيار الاقتصادي قبل ثلاث سنوات، تتكرر إضرابات موظفي القطاع العام، الذين تدهورت رواتبهم جراء انهيار قيمة الليرة وخسارتها قرابة 95 في المئة من قيمتها مقابل الدولار.
وانضم القضاة إليهم في منتصف أغسطس الماضي، في إضراب مفتوح لا يزال مستمرًا، رغم حصولهم زيادة في الرواتب وتقديمات.
وقد أقر البرلمان في موازنة 2022، التي ناقشها في سبتمبر زيادة رواتب موظفي القطاع العام بينهم القضاة، راتبين على الراتب الأساسي، بالإضافة إلى تحسين المساعدات الاستشفائية والتعليمية، إلا أن القرار لم يسر بعد. كما لم يُنه القضاة إضرابهم، ليصبح أطول إضراب في تاريخ القضاء في لبنان.
ويتراوح حاليًا مرتب القاضي من الدرجة الوسطى بين 6 و7 ملايين ليرة، أي ما يعادل 160 دولارًا بحسب سعر الصرف في السوق السوداء، كما باتت التقديمات الصحية والمنح التعليمية لأطفال القضاة شبه معدومة جراء تدهور سعر الليرة، وفق ما يقول أحد القضاة في قصر العدل في بيروت، مفضلا عدم الكشف عن اسمه.
وتساءل القاضي: "هل يستطيع القاضي أن يعيش مع عائلته بالحد الأدنى مع هكذا راتب؟"، مشددا على أن "القضاة اختاروا الاعتكاف مكرهين، لأن أوضاعهم المالية والاجتماعية باتت صعبة"، مشيرا إلى أن بعض القضاة ممن يعانون أمراضًا مزمنة "توقفوا حتى عن إجراء الفحوصات الدورية اللازمة، وشراء الأدوية الفعالة للعلاج".
وبمعزل عن الأزمة الاقتصادية، تتسبب البيروقراطية داخل النظام القضائي في لبنان أساسًا بتأخير البت في القضايا المرفوعة وإصدار الأحكام النهائية. وتفيد تقديرات عن وجود قرابة 8 آلاف سجين، لم تصدر أحكام بحق غالبيتهم، وفاقم إضراب القضاة الوضع سوءًا.