يحجز معرض القاهرة الدولي للكتاب مكانة مميزة وسط العديد من المعارض المماثلة في العالم والوطن العربي، إذ يعد أحد أبرز المعارض المستمرة منذ انطلاق دورته الأولى عام 1969، محافظًا على انعقاده السنوي كل عام، حتى إن اضطُر إلى إرجاء انطلاقه بضعة أيام أو أشهر لظروف طارئة، لتأتي دورته الـ55 التي تنطلق غدًا 25 يناير استكمالًا لدورات ناجحة شهدت إقبالًا جماهيريًا كبيرًا.
خاضت النسخ المختلفة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب رحلات عدة عبر سنوات من التحديات، حتى بات حدثًا ثقافيًا ينتظره الجمهور العربي والعالمي كل عام، وأصبح مشهد اصطفاف الطوابير أمام بواباته، مظهرًا اعتياديًا لرواده، خصوصًا مع التسهيلات التي تحدث سنويًا لكي تُيسّر على المواطنين الدخول من البوابات، ومع الاستفادة الدائمة من الدورات الماضية لتحسين أداء ومظهر النسخ المستقبلية، وبعد 55 عامًا من عمر المعرض بات يظهر في أبهى صوره، وبتنظيم مميز مع استحداث فعاليات تتناسب مع تطورات العصر.
من ملامح تطوير المعرض تنقل مقر إقامته بين 3 أماكن، إذ أقيمت نسخته الأولى في أرض الجزيرة بمنطقة الزمالك التي أنشئت عليها عقب ذلك دار الأوبرا المصرية، واستمر لنحو 13 عامًا، قبل أن يذهب الحدث الثقافي السنوي إلى براح أوسع ليقام في أرض المعارض بمدينة نصر، على مدار 37 عامًا، لم يغادرها سوى مرة واحدة عام 2011 ليقام بأرض هيئة الكتاب بمنطقة فيصل، لينتقل مع الاحتفال باليوبيل الذهبي للمعرض عام 2019، إلى مركز مصر للمعارض الدولية بمنطقة التجمع الخامس.
جاءت انطلاقة معرض القاهرة الدولي للكتاب مع احتفال العاصمة المصرية بمرور 1000 عام على إنشائها، فتزامنًا مع الذكرى الألفية الأولى للمدينة التي تعد مركزًا ثقافيًا مؤثرًا ولها أهمية تاريخية قوية في العالم والوطن العربي، قرر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة، إطلاق معرض للكتاب يحمل اسمها، وعهد إلى إحدى رائدات الأدب سهير القلماوي بهذه المهمة، لتنطلق الدورة الأولى.
المعرض الذي يحمل في دورته الـ55 شعار "نصنع المعرفة.. نصون الكلمة"، ويقام على مساحة 80 ألف متر مربع، تطور على مدار نسخه المختلفة، فمن منفذ لبيع الكتب والإصدارات الثقافية العربية والعالمية، أضاف إلى برنامجه في عام 1982 إقامة الملتقيات الثقافية والفنية، ما أسهم في ثراء الحركة الثقافية بمصر، وأصبح حدثًا سنويًا يلتقي فيه أصحاب الفكر والتجارب الإبداعية المميزة مع الجمهور، بلقاءات مفتوحة تشهد حضورًا كبيرًا، وزادت فعاليات المعرض لتضم لقاءات فكرية وبرامج عدة، ليصل عدد فعالياته هذا العام إلى نحو 550 فعالية، ويصبح أحد أهم الفعاليات الثقافية في العالم، بل إنه في عام 2008 تم اختياره في المركز الثاني عالميًا من بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب.
ويواصل معرض القاهرة الدولي للكتاب تأثيره ودوره التنويري القوي، خصوصًا مع المشاركات الواسعة لدور النشر التي تشهد ازديادًا عامًا تلو الآخر، ووصلت في دورته الـ55 الحالية إلى 120 دار نشر من 70 دولة، كما يحرص كل عام على اختيار دولة ضيف شرف، ووقع الاختيار في النسخة الحالية على دولة النرويج، فيما تم اختيار سليم حسن أحد رواد علم المصريات، ويعقوب الشاروني الرائد في أدب الأطفال، ليكونا شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024.